كلمة وفاء الى الراحل الكبير سميح أبو كويك/ قدري .. الى الرجل الذي دلني على النبع المسحور …الى رفيق رحلة الحلم الجميل والبدايات الصافية النقية
كلمة وفاء لا بد منها لرجل مناضل وطني شريف , على يديه كان الإنتماء لفتح , وفي بيته كانت الجلسة التنظيمية الأولى , قرأ على مسامعي البلاغ العسكري الأول , ورددت أمامه كلمة كلمة قسم الإخلاص لفلسطين والعمل على تحريرها وبذل كل ما أستطيع في سبيلها وأن لا أبوح بسرية حركة فتح وما أعرف من أمورها .
بعد طول قطيعة وإنقطاع يغيب عنا الأخ المناضل قدري … تقطعت بنا السبل .. عصفت بنا أزمات أخفقنا في حلها … تفاقمت خلافات ما كان لها أن تحصل .. ورغم ذلك بقي هذا الرجل القيادي في العقل والقلب والذاكرة , فعلى يديه كان الإنتماء للحركة في ربيع عام 1966 كان حينها يعمل في البنك العقاري وأمين سر نقابة موظفي البنوك والمصارف في الأردن وهي نقابة عريقة ومن النقابات القليلة أنذاك , وكنت وقتها أعمل لدى بنك القاهرة عمان الذي منع موظفيه لأسباب أجهلها من الإنضمام للنقابة , وشاءت الأقدار أن أكون نشيطاً ضمن مجموعة من زملاء العمل في البنك للمطالبة بالإنضمام للنقابة وفي النهاية وبعد جهد جهيد تحقق لنا ذلك .. في تلك الآونة كانت بداية التعارف معه , وكنت دائم التردد على مقر النقابة وفي الأحاديث العامة كنت ألمس منه نفساً وطناً , عاشقاً لفلسطين والوحدة العربية , في تلك الآونة كان الضغط على الأحزاب في أوجه , وكان أي حديث في السياسة موضع شبهة وربما موضع إتهام وفي كثير من الاحيان موضع إعتقال .. ذات يوم نظمت النقابة رحلة لموظفي البنوك الى القدس ورام الله وأريحا في يوم عطلة وكان الهدف التعارف بين العاملين في هذا الحقل , إشتركت بالرحلة وكانت نهايتها في زيارة للبحر الميت .. هناك سرنا معاً على الشاطئ الرملي ومع غروب ذلك اليوم تحدث لي عن فتح وأذكر قوله لي أحدثك لاني أثق بك , هذا حديث في غاية السرية , إذا لاقى حديثي قبول عندك نكمل الحديث وعكس ذلك نتعاهد أن نطمر الحديث هنا في هذه الرمال , كنت حينها واحداً من الشباب الفلسطيني الذي يعيش الحيرة وتشغل باله أسئلة عديدة عن فلسطين , عن الثورة الجزائرية , وهل يمكن تكرارها في فلسطين , بدون إطالة وبدون تردد قلت له أنت أجبتني على سؤال يدور في خلدي ولم أعرف إجابته , وافقت وعلى يديه كانت الجلسة الأولى كما اسلفت , توالت الجلسات المنفردة فالإتصال خيطي الأمر الذي تقضيه مرحلة السرية , وكان الحديث عن فلسطين وما آلت اليه من أوضاع عن ضرورة التحرك , عن جدلية علاقة الوحدة بالنضال لتحرير فلسطين عن الكفاح المسلح وجدواه وكيف نفهم مسيرته وعن جملة من المبادئ والمنطلقات.. بعد أشهر قليلة جرى إعتقاله ولم يكن الكثيرين على معرفة بأسباب الإعتقال وذهب البعض للإعتقاد أنه بعثي فله تاريخ في صفوف البعث لكن إعتقاله جاء على خلفية الإنتماء لفتح في ذلك الوقت ورغم سياط الجلادين صمد قدري ولم يعترف على أحد الى أن أطلق سراحه مع عدد من أبناء العاصفة يوم 5 حزيران 1967 … في فترة الإعتقال إنقطع الإتصال بي فلم أكن أعرف غيره لأعاود الإتصال بعد الخامس من حزيران وكانت أول مهمة هي الذهاب الى دورة عسكرية في معسكر الهامة في دمشق وكنت أحمل رسالة منه وكان ذلك في 5 تموز 1967 … لقد فتح رحيله اليوم الباب لسرد رواية الإرتواء من النبع المسحور والسير في طريق البذل والفداء والعطاء في صفوف فتح , وسأكمل فصولها على حلقات , لكني اليوم أنعاه بكل الحزن والألم , وبكل الإحساس بالفقد والتوجع , باعدت بيننا الظروف , لكنه بقي بالعقل والقلب والذاكرة , مناضلاً أعطى الكثير في مشوار حياته واستحق أن يكون عضواً منتخباً للجنة المركزية في المؤتمر الرابع 1980 , بقي وفياً لمبادئ فتح وأهدافها ومنطلقاتها وضرورة النضال لصونها وحماية الثورة لنحمي القضية , وجسد هذا في التاسع من أيار عام 1983 ..اليوم أتوجه يارفيق الدرب وشريك البدايات النقية الصافية بكل مشاعر الإحترام والتقدير فلروحك الرحمة ولذكراك الخلود
أبو فاخر / أمين السر المساعد لحركة فتح الانتفاضة