أنظمة الخليج من لا عروبة إلى الصهينة
عادل سماره
رام الله: كتب كثيرون على مدار ثلاثة عقود ومنهم الراحل الرفيق عبد الرحمن النعيمي و د. علي فخرو بأن الخليج يفقد طابعه العربي سكانيا/ديمغرافيا بسبب تدني نسبة العرب فيه لصالح عمالة أجنبية يمكن أن تتحول إلى مستوطنات /كيانات غير عربية أي خليج بأقلية عربية او لا عربي. وذلك على ضوء هبوط نسبة العرب في دويلات الخليج إلى 10، و 20 وفي السعودية إلى 60 في المئة. هذا إن صحت النِسَب فقد تكون أقل.
والتحذير من ارتفاع نسبة غير العرب في مستواه الإيجابي لا يقوم على موقف ضد العمال المستجلبين والذين في معظمهم يقعون تحت استغلال طبقي ولا إنساني بل يقوم على مبدأ آخر وهو أنه في عالم رأسمالي فإن من مهام أية دولة توفير العمل والرفاه لشعبها كي لا يكون الموقف عنصرياً. وهذه القاعدة الاقتصادية تعني وجوب تشغيل عمال عربا في الخليج. هذا ناهيك عن وجوب تشغيل المواطنين العرب الخليجيين انفسهم بشكل فعلي إنتاجي. فلا يمكن في مرحلة الدولة القومية وتبني سياسة الحماية الاقتصادية سواء في ظل اللبرالية أو اللبرالية الجديدةأن يفتح اي بلد ابوابه أممياً لعمالة قادمة من الاضطهاد داخل بلدانها حيث يعني استقبالهم فيما يعني تخفيف الضغط والصراع الطبقي عن أنظمة راسمالية. وطبعا هذا دون أن نأخذ بالاعتبار أن العمالة الغربية في الخليج هي سيدة!
ولكن أنظمة الخليج أنظمة تحت الاحتلال الأمريكي خاصة مما يُفقدها القرار السيادي في الأمور الاستراتيجية وخاصة عروبة الخليج نفسه. ولذا تتماهى هذه الأنظمة مع شروط الاحتلال الغربي وتقلل العمال العرب إلى أعلى درجة ممكنة رغم أن اوضاع هؤلاء العمال أسوأ من أوضاع عمالة مستجلبة من بلدان أخرى.
وفي حين يحتفظ الخليج بالعمالة الأجنبية، رغم انها تحت اضطهاد قاسٍ، فليس اسهل عليها من طرد العمالة العربية كما حصل ضد الفلسطينيين عام 1991 في الكويت، وكما يحصل ضد العمال اللبنانيين مؤخراً لمحاصرة كل لبنان انتقاما ضد حزب الله كحزب مقاوم للكيان الصهيوني.
قد يجادل البعض بأن الدعوة لتشغيل عمال عربا هي دعوة شوفينية ضد عمال بلدان أخرى. وهذا ليس صحيحا في النظام الراسمالي حيث تُعطى الأولوية لعمال البلد نفسه لا سيما وأن النظم الرأسمالية تتحدث عن حرية التجارة وتمارس الحماية. وفي حين يتم تطبيق الحماية في المركز يبقى المطلوب من المحيط الانفتاح سواء في استقبال منتجات الغرب أو العمالة البينية من دول المحيط التي لولا الاضطهاد الطبقي لعمالها داخلها لما هاجروا للعمل في الخليج في ظروف سيئة.
ولكن، أن يفقد الخليج عروبته، أو اكثريته العروبية من حيث العدد السكاني ليس الخطر الأخطر أو المحدق. فالخليج ضد العروبة بما هو مستعمرات للمركز الراسمالي الغربي سواء بتبادله الاقتصادي مع الغرب او بتحويل فوائضه المالية هناك أو بشراء الأسلحة لمقاتلة العرب أو بدفع “خاوة” نقدية لأمريكا أو بتجنيد وتسليح والإنفاق على جيوش إرهاب قوى الدين السياسي ضد بلدان عربية أخرى.
وعليه، ترى لو تحول الخليج إلى مستوطنات تحكمها العمالة الأجنبية هل كان سيلعب دوراً اسوأ من هذا!
لعل التطور الذي يعزز هذه الصورة التي نرسمها وقد تبدو للبعض تشاؤمية هو أن الخليج ينتقل اليوم من دوره في تدمير الجمهوريات العربية إلى الاصطفاف العلني مع الكيان الصهيوني ضد قضية العرب الأولى وليس التهريج الإعلامي لصالح الكيان سوى القشرة العليا لعدوان الخليج هذا.
لذا، يجب أن يبدا فهمنا للخليج بوضعه ودوره في كونه منطقة تحت الاحتلال العسكري والاستعمار الاقتصادي الغربي، ولذا، فإن قراره السيادي قوميا واقتصاديا ليس ذاتيا ، حتى وإن ظهر حكامه بلباس عربي تقليدي، وعليه يكون من الطبيعي أن يتحول الخليج إلى قاعدة توليد وتمويل الإرهاب ضد الجمهوريات العربية وهذا هو المدخل الطبيعي ليكون الخليج أو ليتخندق لصالح الكيان الصهيوني ضد فلسطين.
قد تكون مفارقة مضحكة لو قلنا بأن الخليج يعرض على قوة العمل العربية العاطلة عن العمل خيارا واحدا: لا مجال للعمل في الاقتصاد الخليجي، ومن اراد شغلا نوفر له التجنيد في جيوش الإرهاب. وستكون المفارقة أكثر تراجيدية حين يعرض على الشبان عربا وغير عرب الخدمة الحربية في الكيان أي العدوان مع الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين مع التزام انظمة الخليج بالتسليح والتدريب والتمويل وحتى توفير مجاهدات النكاح. فالفظاعة التي يبديها المثقفون والإعلاميون المنشبكين الخلايجة تشي بأبعد من هذا.