إيهود باراك عندما يروي حكاية”الهروب الإسرائيلي” من لبنان.
في أول حديث له يتناول فيه محطات سياسية وعسكرية في سيرته السياسية والعسكرية، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك في مقابلة مع صحيفة “معاريف” الإسرائيلية أجراها أوري ميلشتاين ظروف وحيثيات قرار الإنسحاب الإسرائيلي من لبنان من جانب واحد في العام 2000. جاء الحوار مع باراك تحت عنوان “هكذا أخرجتُ الجيش الاسرائيلي من لبنان”.
ما أن فشل لقاء القمة الذي عقد في مدينة جنيف بين الرئيس الأميركي بيل كلينتون والرئيس السوري حافظ الأسد، في 26 آذار/مارس 2000، حتى قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك المضي قرار الإنسحاب من لبنان الذي كان قد بدأ يتحدث عنه علنا منذ أيار/مايو 1998 (خطاب الخراف الصامتة)، كان طوال هذا الوقت يراهن، على صفقة تفاوضية مع الأسد وفق القاعدة الآتية: اذا توصلنا الى تسوية مع السوريين، فان لبنان سيكون “نتاجا ثانويا” لها، في المقابل، فإن قوة مساومة الفلسطينيين ستضعف بشكل دراماتيكي.
فشلت القمة، فإتخذ باراك قراره، وهو يروي لصحيفة “ماريف” المعطيات السياسية ـ الميدانية على الشكل الآتي:
”في 7 شباط/فبراير 2000، وجهت رئيس الأركان شاوول موفاز للبدء بالتخطيط الملموس، وتحت ستار من السرية التامة، للخروج من لبنان، بمفاجأة ومن دون اتفاق (مع الحكومة اللبنانية). مداولات مفصلة عن الخروج بلا اتفاق تجري لدى موفاز ابتداء من منتصف شباط/فبراير. مداولات سياسية أولية في الحكومة على تنفيذ الخروج من لبنان جرت في 27 شباط/فبراير وتواصلت في 5 اذار/مارس. رئيس شعبة الاستخبارات (أمان) عاموس ملكا الذي قدرته جدا ادعى بشدة، خطياً بانني لم اشرك شعبة الاستخبارات في المداولات في الحكومة. ولما كنت في الماضي أنا رئيسا لشعبة الاستخبارات، فقد تفهمت قلقه المشروع وهذا واجبه”، كما قلت لسكرتيري العسكري، اللواء غادي آيزنكوت.
في خلاصة المداولات في الحكومة، كتبت الآتي:
أ- الجيش الاسرائيلي سينتشر على الحدود مع لبنان حتى تموز/يوليو 2000 ويؤمن من هناك أمن بلدات الشمال.
ب – الحكومة تعمل على أن ينفذ الانتشار المذكور باتفاق. في حالة عدم نشوء الظروف للاتفاق، يجري في الموعد المناسب لذلك، نقاش في الحكومة حول شكل تنفيذ القرار الوارد في البند أ.
لم يكن سهلاً على بعض الوزراء اقرار هذه الخطوة. بعضهم سمعوا تقديرات مختلفة وتخوفوا من ان القتال مع حزب الله ليس فقط لن يهدأ بل سيتعاظم ويتمدد الى داخل اسرائيل. لم اوافق على مثل هذه التقديرات.
بعد مداولات جرت في الحكومة في 10 اذار/مارس، وقفت امام اعضاء هيئة الاركان. التقطت احاسيس الاحتجاج لبعض الالوية المشاركة في الإجتماع. عرضت عليهم خلاصة جلسات الحكومة. اجبت على أسئلة عديدة من اعضاء هيئة الاركان. وفي ايجاز للقاء المشحون، شددت على أنه “يوجد الكثير من عدم اليقين وأنا اعرف كل الاسئلة التي ترافق مثل هذه الخطوة: ماذا اذا ما حصل هكذا؟ وماذا اذا ما حصل غير ذلك؟ لا يمكن تبديد الشكوك بشكل مطلق. ولكني اقول لكم: لا سبيل لتحقيق نتائج بعيدة المدى ولتحقيق استقرار يغير الواقع من الاساس، من دون اخذ المخاطر بالحسبان في المراحل الانتقالية والعمل بتصميم لتقليص هذه المخاطر”.
لست واثقا من أن كل من سمعني احب ما قلت وما أجملت لهم من حديث. ولكن هذا كان موقفي. في هذه الحالة، تبين أيضا انه صحيح. اوضحت لاعضاء هيئة الاركان بانه عندما تحين اللحظة سيكون بحث في الكابينت (الحكومي) وسيطرح رجال الاستخبارات هناك بالطبع تقديراتهم وملاحظاتهم
في 22 اذار/مارس، اقرينا خطة الخروج من لبنان بلا اتفاق، والتي تغير اسمها ليصبح “همسات الصباح”، وقررت ان تنفذ تحت سقف قرار مجلس الامن الدولي الرقم 425. درس شاوول موفاز كيفية تنفيذ القرار واوصى بالتنسيق مع قيادة المنطقة الشمالية للبدء بالاخلاء التدريجي للعتاد الثقيل من 13 استحكاما (موقعاً) للجيش الاسرائيلي في لبنان. وقد أقريت التوصية.
في 26 آذار/مارس، التقى كلينتون والاسد في جنيف. جاء كلينتون من الهند وكان مصابا بإسهال، وليس في حال طيبة. ولكنه كرجل شاب نسبياً، واصل اداء مهامه. اما (حافظ) الاسد بالمقابل، فكان في آخر ايامه، مريض باللوكيميا الشديدة التي كانت تستوجب تغيير كل دمه في اوقات محددة وكانت قد مسّت بقدراته المعرفية. وهو كما أسلفنا، كان يركز في حينه اساسا على نقل الخلافة الى ابنه بشار. برغم ذلك، بدا مستعداً لفحص امكانية التسوية مع اسرائيل اذا كانت وفقا لشروطه. في محاولة لاستنفاد الفرصة الاخيرة للاختراق، وجهنا مسبقا كلينتون في مواضيع كانت تثقل كاهل السوريين مثل تبادل الاراضي ومشكلة بحيرة طبريا. طلب الاسد ان تكون له امكانية ان يغطس قدميه فيها كأرض سورية. بعد اللقاء، اتصل كلينتون بي هاتفياً من جنيف وروى لي بان الاسد لم يسمح له بانهاء جملتين، بل سأل على الفور:”ستكون لي ارضي؟ هذا كل ما اريد ان اعرفه”. فقال كلينتون: “هذا الأمر معقد! ستكون لك، ولكن ليس بالضبط كما اردت. أردنا أن نريك الخرائط كي تكون الانطباع”. نظر الى الاسد ورأى أنه إنطفأ. ولغرض المجاملة، استغرق اللقاء ساعة اخرى، ولكنه لم يتقدم الى اي مكان”.
ما أن سقط الخيار السوري، كان واضحاً اننا نتجه الى الخروج من طرف واحد من لبنان. في اعقاب حوار نشأ في بداية اذار/مارس بين داني ياتوم – مساعدي الكفؤ – وبين اوري لوبراني (منسق الأنشطة في لبنان) وريفكا ارليخ، اتفقنا على تنفيذ الخطوة على اساس قرار مجلس الامن 425 الذي اتخذ بعد حملة الليطاني في 1978، وقضى بان ينسحب الجيش الاسرائيلي الى الحدود الدولية. اطلعت موفاز وقمت بتوثيق ذلك في خلاصة عرض “همسات الصباح” في 28 اذار/مارس.
في بداية نيسان/أبريل، بدأت المسيرة في الامم المتحدة. وزير الخارجية دايفيد ليفي إجتمع بالامين العام للامم المتحدة كوفي عنان وقام بعمل جيد جدا.
في 27 نيسان/أبريل، عقدت الكابينت إجتماعا للبحث في الخروج من لبنان، واستدعيت إليه كبار قادة شعبة الاستخبارات، كما وعدتهم. وصف عاموس ملكا بشكل نقدي ولكن متوازن الوضع والتطورات المحتملة. بعده، تحدث عاموس جلعاد (رئيس الدائرة الأمنية والعسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية) بلغة اكثر دراماتيكية واعطى وصفا ملونا لمخاطر الخروج. ومرة اخرى، كان بين الوزراء من طرح مخاوف من أن ينتهي الخروج من لبنان بتواصل فوري للنار على بلدات الشمال. في موعد قريب من ذلك، شددت مرة اخرى لموفاز على أن الهدف هو تنفيذ الخروج في ليلة واحدة، لانه منذ اللحظة التي سيلاحظ حزب الله باننا نخرج سيفتح النار.
لم نقرر موعداً دقيقاً للخروج لان هذا الأمر كان منوطاً بانهاء اعمال المسح (الحدودية) واقرار مجلس الامن او على الاقل رفع تقرير بالموضوع للامين العام للأمم المتحدة. اردت ايضا ننفذ الاخلاء بمفاجأة تامة لانه كان واضحا باننا اذا اعلنا مسبقا الموعد الدقيق، سيهاجم حزب الله في اليوم نفسه وسنتورط في جولة (عسكرية) واسعة، بما في ذلك ادخال الشمال كله الى الملاجيء، وبعد ذلك، سيدعي (الحزب) بأننا هربنا تحت النار. كان واضحاً لي اننا سنخلي قبل تموز/يوليو، ربما في بدايته او حتى في منتصف حزيران/يونيو.
في عرض عملياتي اسبوعي في يوم الخميس 11 ايار/مايو، طلبت قيادة الشمال ان تسلم في الاسبوع القادم استحكامين (موقعين) للجيش الاسرائيلي أحدهما موقع الطيبة الى جيش لبنان الجنوبي. أقر الطلب رئيس الاركان ورفعه حتى أوقعه. اقريت مبدئيا التسليم وارفقت توجيها باطلاعنا قبل تسليم موقع الطيبة لجيش لبنان الجنوبي والذي كان استحكاما مركزيا وقريبا من الحدود غربي المطلة.
في يوم الاحد 14 ايار/مايو، تبلغت بنقل موقع الطيبة لجيش لبنان الجنوبي. سكرتيري العسكري، اللواء غادي آيزنكوت، الذي كان في الماضي رجل قيادة الشمال، ضابط متماسك كالفولاذ، اوصاني الا اقر ذلك. فقد كانت حالات في الماضي نقل فيها الجيش الاسرائيلي استحكامات لجيش لبنان الجنوبي، لم تصمد واضطر الجيش الاسرائيلي للعودة اليها. قررت الا أتدخل في اعتبارات قيادة الشمال. ولكني أمرت بالاستعداد لدعم جيش لبنان الجنوبي.
في 18 ايار/مايو، جاءتني عبر رئيس الاركان (موفاز) توصية قيادة الشمال بتقديم موعد الخروج كون الوضع في موقعي الطيبة و(روتم) اللذين نقلا الى جيش لبنان الجنوبي يهتز. لم يكن ممكنا تقديم موعد الاخلاء فورا لان ترسيم الحدود لم يكن قد خرج الى حيز التنفيذ، والامين العام للامم المتحدة لم يرفع تقريره بعد الى مجلس الامن. الكابينت عندنا لم يقر الخروج بعد. وجهت الجيش بمواصلة البقاء في المنطقة وطلبت من لوبراني وداني ياتوم تسريع العملية مع الامين العام. يوم السبت، في 20 ايار/مايو، ترك رجال جيش لبنان الجنوبي استحكامهم (موقعهم) في القنيطرة.
يوم الاحد، 21 ايار/مايو، في الساعة 11:00، جرت جنازة تشييع في قرية القنيطرة. وجاءت الى الجنازة مسيرة كبيرة نسبيا من قرية الغندورية، وفي هذه المسيرة، كان هناك مسلحون من حزب الله. وفي ختام الجنازة لاحظوا، وربما كانوا يعرفون مسبقا، بان استحكم جيش لبنان الجنوبي في القنيطرة قد هُجِرَ فدخلوا اليه. وهكذا بدأ السقوط. في غضون خمس إلى ست ساعات، ساروا باتجاه الطيبة ودخلت مسيرات اضافية من خارج منطقة الحزام الامني الى منطقة القنيطرة.
في مساء ذات اليوم، 21 ايار/مايو، استحكام (موقع) الجيش الاسرائيلي في الطيبة ايضا، الذي نقل قبل اسبوع من ذلك الى جيش لبنان الجنوبي، هجره عناصر الجنوبي. في اليوم نفسه، سيطر عليه رجال حزب الله ورفعوا عليه اعلامهم. اللواء الغربي (منطقة بنت جبيل الناقورة) لجيش لبنان الجنوبي كان في حالة انهيار.
يوم الإثنين في 22 أيار/مايو، رفع غادي آيزنكوت الي طلبا من موفاز بان نلتقي عند الحدود مع لبنان. صعدت الى الشمال واستجبت للطلب. حددنا اللقاء في محمية، في استحكام (موقع) قريب من الحدود. عندما وصلنا الى هناك، قال لي موفاز “يحصل امام ناظرينا ما تخوفنا منه”. مناورة قيادية كبيرة في قيادة الشمال جرت في ذاك اليوم في المنطقة اوقفها موفاز قبل وقت قصير من ذلك عندما تبين له بان قائد الفرقة المناورة لا يعرف ما يجري في المنطقة في نفس الوقت، على مسافة مئات الامتار خلف الحدود. هو يعيش فقط في المناورة. كان واضحا لي على الفور باننا امام انهيار، على الاقل لواء جيش لبنان الجنوبي اياه، وسيتعين علينا الخروج في اقرب وقت ممكن. بل وربما هذه الليلة، وليس بعد ثلاثة اسابيع او ستة اسابيع.
سألت: “هل قدرتم وضعا كهذا”؟ قالوا: “لا أحد منا إعتقد انه سيحصل (الإنهيار) بهذه السرعة. وعمليا بدون اي قتال”. سألت: “ماذا تحتاجون اذا اردتم العودة الى الطيبة”؟ قالوا: “الدخول بلوائين”. كان واضحا لي اننا اذا احتلينا الطيبة مجدداً، فستكون هناك مناوشات شاملة مع حزب الله. هذا سيلغي الخروج أو سيكون خروج تحت النار. في ضوء علائم التفكك في بعض ألوية جيش لبنان الجنوبي، كانت توصية كل الحاضرين انه يجب الخروج في أقرب وقت ممكن. وكما أسلفنا كان هذا واضحا لي ايضا. عرفت ايضا انه في غضون ساعات قليلة ستنقل رسالة الامين العام الى مجلس الامن والتي تؤكد ان اسرائيل تعود الى حدود يبدأ مساحو الامم المتحدة في غضون ايام قليلة في ترسيمها. هذا سيمنحنا ختم الشرعية الذي نحتاجه في المستقبل. شرعية الخروج وفقا لقرار 425. يتبقى فقط اقرار الكابينت. ولكن من الحيوي الابقاء على المفاجأة في التنفيذ. اعود الى المكتب. أدعو موفاز وأساله: “برأيك هل هم قادرون (جنودنا) على الخروج الليلة”؟ فيجيب “اعتقد أن نعم”. الحقيقة هي أن هذا ما فهمته أنا ايضا عندما كنا في المحمية. ولكنه طلب الاستيضاح، وعاد لي بعد ربع ساعة بعد أن تحدث مع اشكنازي وقائد الفرقة موشيه كابلنسكي. وقال لي: “يحتاجون الى يوم آخر”.
”عقدت جلسة كابينت سريعة في ذات الليلة واخذت تعهدا من الوزراء للابقاء على السر. هذا يساوي حياة الانسان. تلقيت موافقة من الكابينت على أن أقرر مع رئيس الاركان موعد التنفيذ. اقريت لرئيس الاركان ان يقر لقيادة الشمال نهائيا باننا سنخرج غدا وفي ليلة واحدة. اي الليلة التي بين 23 و 24 أيار/مايو. تأكدنا في سياق الليلة ذاتها بان الامين العام للامم المتحدة رفع الى مجلس الامن الكتاب الذي يقول ان اسرائيل تعمل وفق قرار مجلس الامن 425 وستخرج الى الحدود التي سيرسمها مساحو الامم المتحدة.
بدا لي أن يوم 23 ايار/مايو يمتد كالابد. اللواء الغربي لجيش لبنان الجنوبي انهار أول أمس. والشرقي انهار أمس. وفي هذه الاثناء لا نار. ولكن يمكن لهذا ان يتغير في كل لحظة. ولا يتحرر التوتر الا عندما يهبط الليل وتبدأ تقارير التنفيذ بالتدفق من كل الجبهات. بقي قليل من عتادنا ودبابات جيش لبنان الجنوبي. كانت هناك منشآت ووسائل يفترض بنا أن ندمرها ولم نتمكن. ولكن الخروج نفذ بنجاح استثنائي. بلا أي مصاب”.
يسأل المراسل الإسرائيلي أوري ميلشتاين “ألم يكن بمقدورنا تصفية حزب الله”؟ يجيب إيهود باراك:”منظمة حزب الله ما كان يمكن تصفيتها. هذه حركة مقاومة اصيلة توجد داخل القرى بغطاء مدني. ليس لديك اي سبيل لتصفيتها دون الدخول عميقا في لبنان بما في ذلك الى صور وصيدا والبقاء هناك. بين كل منتقدي الخروج، لم أجد من يريدون العودة الى لبنان، حتى اولئك الذين وعدوهم بان الدخول سيكون هو ايضا دون اي مصاب. يمكن توجيه ضربة قوية ولكن لا يمكن تصفية الحزب. يمكن في ظروف معينة تصفية جسم ارهابي في داخل ارض تكون بين سيطرتك الكاملة. يجدر بالذكر اننا لم ننجح في أن نصفي تماما ايضا خلايا الارهاب التي تنمو بين الحين والاخر بين السكان الفلسطينيين في المناطق. لا اعتقد انه كانت هناك امكانية عملية لتصفية حزب الله”.
يتوجه مراسل “معاريف” أوري ميلشتاين بالسؤال الأخير إلى باراك: يزعمون أن الخروج من لبنان قوّى حزب الله وهو اليوم أكثر تهديداً بكثير؟
يجيب إيهود باراك: “السنوات الست الأولى منذ الخروج من لبنان ولغاية حرب لبنان الثانية (2006)، كانت الأكثر هدوءاً في العقدين اللذين سبقا الخروج وأدّت إلى ازدهارٍ كبير في الشمال. منذ الخروج، حزب الله صار أقوى، لكن قليلاً جداً. عدد الصواريخ بحوزة حزب الله كبر من 7 آلاف إلى 14 ألفاً. لكن المدايات لم تتغير، والنمو كان حوالي 1000 سنوياً. النمو الهائل حصل من 2006 إلى 2019 وأوصل ترسانة الصواريخ إلى 140 ألفاً وبمدايات تغطّي تقريباً كل إسرائيل. وتيرة النمو المتوسطة تغيرت من ألف في السنة، في السنوات التي تلت الخروج من لبنان، إلى 10 آلاف في السنة، في السنوات التي تلت حرب لبنان الثانية. أكثر من هذا، تعاظم حزب الله كقوة مقاتلة يجري من سنة 2011، في الأساس عن طريق خوض المعارك في سوريا. ليس في قتالٍ معنا في لبنان، أذكر أنه بعد عدة سنوات، عبواتهم الصخرية لم تختلف عن عبوات الجيش الإسرائيلي لجهة مستوى التمويه. نشأت منافسة أدمغة مع حزب الله… لو كنا بقينا في لبنان، وعززنا جيشنا هناك بفرقة نظامية وأكثر، كنا سنجد صعوبة في شن عملية “السور الواقي” بنجاعة. سواء لنقص القوة النظامية، أو لأنه عندما نكون داخل لبنان، في احتكاكٍ مباشر ويومي مع حزب الله، خطر اشتعال جبهة ثانية بصورة كاملة مع حزب الله هو أعلى بكثير، وهذا آخر أمرٍ كنا نحتاجه”
(المصادر: مركز الناطور، الميادين، 180)