متخصص بالشأن الفلسطيني

طعنوها واستأسدوا عليها، ولكن مع سوريّة ظالِمةً أوْ مظلومةً


زهير أندراوس
كإنسانٍ، كعربيٍّ وكفلسطينيٍّ، أشعر بكثيرٍ من الازدراء والإِذلاَل والتحْقير، كلّما تعرّضت سوريّة، “قلب العروبة النابِض”، لعدوانٍ جديدٍ من كيان الاحتلال الإسرائيليّ، المدعوم كليًا من رأس الأفعى وقائِدة الإرهاب العالميّ المُنظَّم، الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، وهذا الشعور الذي ينتابني نابعٌ من إيماني المُطلَق والقاطِع بأنّ سوريّة كانت وما زالت وستبقى مُستهدفةً لأنّها ترفض الاعتراف بكيان الاحتلال الغاشِم، خلافًا لوجهة النظر الأمريكيّة، التي ترى في هذا الكيان قاعِدةً عسكريّةً رخيصةً، أوْ حامِلة طائراتٍ تُحافِظ على مصالِح واشنطن في الشرق الأوسط، بكلماتٍ أخرى، هذه الدولة المُسّماة إسرائيل، لا تتعدّى كونها كلب الحراسة الأليف والمُطيع لرأس حربة الإمبرياليّة في العالم، أيْ أمريكا، وبالتالي فإنّ واشنطن، تعمل كلّ ما في وسعها من أجل دعم هذا الكيان، الذي أُقيم على أرض فلسطين في نكبة العام 1948، في أقذر وأسفل وأخطر جريمةٍ ارتُكبت على مرّ التاريخ، وغنيٌّ عن القول في هذا السياق إنّ الهدف من القضاء على سوريّة، هو المُقدِّمة للإجهاز على فلسطين المسلوبة.
***
ومن نوافل القول والفصل أيضًا إنّ العلاقات الدوليّة محكومة بموازين القوى، وفي هذه الفترة بالذات، أيْ حقبة الهرولة العربيّة-الخليجيّة نحو التطبيع مع الدولة العبريّة واستقبال الوفود على أراضيها، والسماح لمُغتصبي فلسطين، فرادي وجامعاتٍ، بعزف النشيد الوطنيّ الصهيونيّ على أرض دولةٍ عربيّةٍ، في هذه الفترة بالذات، تأكَّد المؤكَّد: الدول الخليجيّة تبنّت النظرية الأمريكيّة-الصهيونيّة القائلة إنّ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران هي العدوّ رقم واحد للدول العربيّة، وفي الوقت عينه فإنّ كيان الاحتلال هو الصديق الصدّوق، الذي يُعاني من مشكلة التمدّد “الإيرانيّ-الشيعيّ” في منطقة الشرق الأوسط، وبما أنّ سوريّة، تُعتبر وفق مُعجم الثالوث الدنس: الإمبرياليّة بقيادة واشنطن، والصهيونيّة بقيادة كيان الاحتلال والرجعيّة العربيّة بقيادة السعوديّة، حليفة طهران الإستراتيجيّة، فإنّه مِنَ المؤكَّد أنْ تستأسِد إسرائيل على سوريّة، وتقوم بين الفينة والأخرى بتوجيه ضرباتٍ عسكريّةٍ ضدّ “أهدافٍ إيرانيّةٍ” في بلاد الشّام، بدعمٍ خفيٍّ من الدول العربيّة الرجعيّة، التي باتت تستغِّل المذهبيّة لتسكب الزيت على النار المُشتعِلة بالوطن العربيّ، فقد قام الاستعمار بتصدير الطائفيّة للناطقين بالضاد، فيما قامت الرجعيّة العربيّة بتبنّي الاستحمار، وهو صناعة ذاتيّة، وبالتالي فإنّ الاستعمار والاستحمار هما وجهان لعملةٍ واحدةٍ، هدفهما المركزيّ والمفصليّ تشتيت الأمّة العربيّة وتفتيتها وتقسيمها على أسسٍ عرقيّة، طائفيّةٍ ومذهبيّةٍ، وما إلى ذلك من المُصطلحات الدخيلة على أمّتنا، لتبقى إسرائيل مارِقةً بامتياز.
***
ومن المُلاحَظ أنّه في الفترة الأخيرة بات عدد الـ”مُحلّلين” للشؤون الإستراتيجيّة في الوطن العربيّ كبيرًا جدًا، وقبل الولوج في مآلات هذه الظاهرة، من المُفيد التذكير بمقولة نابليون: “ما أسهل أنْ تكونَ شُجاعًا، وأنتَ بعيدًا عن أرض المعركة”. وما أنْ تُعلِن إسرائيل عن الضربة حتى ينبري العديد من العرب ليُعاتبوا سوريّة، ومنهم مَنْ يستغّل للاستمرار بطعن سوريّة في الظهر، حيثُ تبدأ مسرحية الردّ، ويشمت الشامِتون ويتساءلون بخبثٍ ودهاءٍ شديديْن: “سنردّ في الزمان والمكان المُناسبين”، واقتباس هذه الجملة هدفه النيل من سوريّة، ومُحاولة تمريغ أنفها بالتُراب من “مُحلّلين” يجلسن في الغرف المُكيّفة وقُبالة الحواسيب الأمريكيّة المُتطورّة ليُزايدوا على دولةٍ عربيّةٍ تتعَّرض منذ 8 سنواتٍ لمؤامرةٍ كونيّةٍ، ولو أنّ هؤلاء الـ”مُحلّلين” هم من دولٍ حاربت إسرائيل، أوْ خاضت ضدّها معركةً عسكريّةً واحدةً، لكُنّا أخذنا ذلك بعين الاعتبار، ولكنّهم جميعًا، نعم جميعًا، لا يُريدون الخير لسوريّة، بل يعملون على مدار الساعة من أجل كيّ الوعي العربيّ واستدخال الهزيمة، وهذا هو الذُباب الالكترونيّ، بالإضافة لفضائياتٍ عربيّةٍ مُهّمتها المركزيّة شيطنة سوريّة، وبالمُقابِل إقناع المُشاهدين العرب، بأنّ إسرائيل هي الدولة القويّة، التي لا يُمكِن التغلّب عليها، ناهيك عن قيام فضائياتٍ تابِعةٍ لدولٍ عربيّةٍ باستضافة مسؤولين إسرائيليين لنفث سمومهم الخبيثة واللئيمة، من أجل إرهاب وإخافة العرب.
***
مُضافًا إلى ما ذُكر أعلاه، فإننّا نجِد من واجبنا الأخلاقيّ والوطنيّ الإشارة إلى موضوع، قد يبدو لأوّل وهلةٍ أنّه ليس مُهّمًا: استخدام التعبيرات خلال عملية نقل الحدث تُعبِّر بشكلٍ أوْ بآخرٍ عن توجّه وسيلة الإعلام التي تقوم بهذا العمل، وعندما يقوم السواد الأعظم من وسائل الإعلام العربيّة بوصف العدوان الإسرائيليّ على الدولة السوريّة بأنّه ليس أكثر من هجومٍ أوْ ضربةٍ، فإنّ ذلك يدفعنا للسؤال: مَنْ منعكم من استخدام مفردة عدوان لوصف ما قامت فيه هذا الكيان الفاشيّ بامتياز؟ بالإضافة إلى ذلك، عندما تصِف وسائل الإعلام عينها الشهداء بالقتلى، فإنّها تخون الانتماء للأمّة العربيّة، ولا نقول إنّها تخون أيضًا المبادئ الإنسانيّة، المُتعارَف عليها والمعمول فيها.
***
كما نرى من حقِّنا وواجِبنا القوميّ أنْ نُوضِّح المُوضَّح: في السياسة لا توجد صداقات، بل مصالح، وهذا ينسحِب على التواجد العسكريّ الروسيّ في سوريّة. أولاً، لا يُمكِن مُقارنة الدعم الأمريكيّ لكيان الاحتلال مع الدعم الروسيّ لبلاد الشّام لأسبابٍ عديدةٍ لا هنا المكان ولا هذا الزمان للخوض فيها، ثانيًا، روسيا لم تُرسِل قوّاتها إلى سوريّة لتحرير فلسطين، بل لتأمين مصالحها الإستراتيجيّة في المنطقة والدفاع عن حليفتها، سوريّة، دون تعريض مصالحها الأخرى بالشرق الأوسط للضرر، بما في ذلك علاقتها مع الكيان الغاصِب والغاشِم، وبالتالي نقترِح على كلّ مَنْ يدعم سوريّة، وعلى كلّ مَنْ يؤيّد سوريّة ظالمةً أوْ مظلومةً، ألّا يرفع سقف مطالبه من الدُبّ الروسيّ، وألّا يسأل بحرقةٍ مفهومةٍ أين الصواريخ الروسيّة؟ بلْ علينا جميعًا التذكّر بأنّ تنظيمًا صغيرًا (الجهاد الإسلاميّ) في فلسطين، أطلق الأسبوع الماضي مئات الصواريخ على الكيان، وتسبب في شلّ أكثر من نصف الدولة العبريّة، بما في ذلك تل أبيب، ألَمْ يقُل سيّد المُقاومة، الشيخ حسن نصر الله إنّ إسرائيل أوهنْ من بيت العنكبوت؟
*كاتبٌ عربيٌّ من فلسطين

آخر الأخبار
إصابة عشرات الأشخاص جراء سقوط صواريخ حزب الله في حيفا وطبريا وعدة مناطق شمال الأراضي الفلسطينية المح... *عراقجي لقادة فصائل المقاومة الفلسطينيةبدمشق: لايمكن فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة, وإيران لن تتخلى عن ... مسيرات جماهيرية في المخيمات الفلسطينية بسورية عدوان أمريكي-بريطاني على اليمن غارات على 4 محافظات يمنية..وحركة أنصار الله تتوعد واشنطن ولندن بـ"رد ... *الولايات المتحدة الأمريكية تريد استغلال الحرب على حزب الله لانتخاب جوزيف عون رئيساً للبنان* *خالد عبد المجيد الأمين العام لجبهة النضال الفلسطيني للوفاق: المقاومة فكرة خالدة..وعقيدة لكل حر لا ت... فصائل المقاومة الفلسطينية تقيم مجلس عزاء وتبريك لروح الشهيد السيد حسن نصرالله والقادة ‏الشهداء قادة وممثلو فصائل المقاومة الفلسطينية يقدمون واجب العزاء والتبريكات باستشهاد السيد حسن نصر الله مع بدء دخول بري محدود.. "إسرائيل"لا تستطيع القيام باجتياح واسع..حزب الله بإنتظار جيش الإحتلال..تطورا... إدارة بايدن تُكلّف مصر بوضع وثيقة ما بعد وقف إطلاق النار في غزة..اتصالات ومُشاورات مع قطر والإمارات ... الفلسطينيون في مخيمات لبنان يفتحون قلوبهم قبل بيوتهم لإغاثة أشقائهم اللبنانيين حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية: العدوان الصهيوني على اليمن وسوريا ولبنان “تصعيدا خطيرا و استمرار لل... *الأسد: الشهيد السيد نصر الله سيبقى في ذاكرتنا وفاءً لوقوفه على رأس المقاومة الوطنية اللبنانية إلى ج... اغتيال نصر الله..كيف سيؤثر على مستقبل حزب الله ومحور المقاومة ومشهد الصراع في المنطقة..؟ رحيل الأديب الفلسطيني الكبير رشاد أبو شاور *جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تتقدم بأسمى آيات العزاء والتبريك باستشهاد القائد الوطني والقومي والإسل... بفارق زمني بسيط..المقاومة الإسلامية في العراق والقوات المسلحة اليممية تنفذ سلسلة عمليات ضد أهداف للا... فصائل المقاومة الفلسطينية تقيم مهرجاناً مركزياً لتأبين القادة الشهداء في فلسطين ولبنان سيناريوهات محتملة..حرب استنزاف واسعة النطاق، واستمرار الضغط العسكري لفك ارتباط الجبهات أو الحرب الإق... جبهات إسناد المقاومة في غزة.. عمق التأثير والفاعلية والردع وإرباك العدو من خلال ترابط وتكامل “وحدة ا... *لو لم يكن لثورة 21 سبتمبر اليمنية من إنجاز سوى مساندة غزة لكفى..ثورة الحرية والإستقلال حزب الله: عملياتنا الداعمة لغزة والدفاع عن لبنان ستتواصل كالمعتاد..ولمجزرة الاحتلال بحق لبنان حساب ع... مصادر أمنية تكشف عن طبيعة وكيفية تفجير الاحتلال الصهيوني لأجهزة "البيجر" في لبنان تحالف قوى المقاومة الفلسطينية يشيد بخطاب السيد حسن نصر الله ويثمن عالياً مواقفه المبدأية الثابتة وال... عدوان صهيوني جديد على لبنان يسفر عدد من الشهداء ومئات الجرحى في انفجارات جديدة لأجهزة لاسلكية في عدة...