متخصص بالشأن الفلسطيني

انعقادُ المجلسُ المركزي الفلسطيني فرصةٌ أم أزمةٌ..بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

انعقادُ المجلسُ المركزي الفلسطيني فرصةٌ أم أزمةٌ..بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

تتاح الفرصة من حينٍ إلى آخر أمام رئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس الدولة، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، لأن يصحح المسار الوطني الفلسطيني، وأن يجمع شتات القوى والفصائل، وأن يرأب الصدع ويوحد الكلمة، وأن يعيد توجيه البوصلة الوطنية، وتنظيم العمل الفلسطيني السياسي والمقاوم، وأن يظهر وشعبه موحداً في مواجهة الاحتلال، ومتصالحاً أمام المجتمع الدولي الذي يعيب على الفلسطينيين عدم جدية القيادة، وترهل مؤسساتها، وضعف أدائها، واستشراء الفساد فيها، وغياب المحاسبة، وانشغالها بما لا يخدم الشعب ويفيده، أو يساعده في ضائقته الاقتصادية ويعينه.

إلا أن الرئيس الفلسطيني كعادته دائماً يضيع الفرصة، ويفوت المناسبة، ويغمض عينيه عن حاجة شعبه وشكوى شركائه في المقاومة والنضال، ويغض الطرف عن مواقفهم وآرائهم، وعن دورهم ومساهماتهم، ويهملهم وكأنهم غير موجودين، ويتجاوزهم وكأنهم غير فاعلين، ولا يتلفت إلى حجم تمثيلهم، ولا إلى قوة تأثيرهم، وفعالية دورهم، رغم أنهم باتوا يمثلون أغلبية الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، ويعبرون عن سواده الأعظم وينطقون باسم أكثريته، فيما لا يخفى عليه ولا على غيره، فقد تآكلت شعبيته ومؤسساته، وتعاظمت شعبية معارضيه وتنظيماتهم، وكل الاستقراءات تقول ذلك وتكشف الحقيقة بالأرقام والبيانات العلمية النزيهة الشفافة، وتؤكد أن التيار المتنفذ في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، لم يعد يمثل الشعب الفلسطيني ويعبر عن إرادته.

سيعقد المجلس المركزي الفلسطيني، وهو الهيئة الوسيطة بين المجلس الوطني صاحب الصلاحيات التشريعية الواسعة، وبين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي الهيئة التنفيذية الإجرائية، المسؤولة عن تنفيذ قرارات وسياسات المجلس الوطني الفلسطيني، يوم السادس من الشهر القادم، فبراير/شباط 2022، بحضور ومشاركة ما يزيد عن 120 عضواً يمثلون في أغلبهم تياراً سياسياً واحداً، وإن كان من بينهم عددٌ قليل من ممثلي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية المعارضة، إلا أن بقية الأعضاء وهم الأغلبية، يمثلون حركة فتح وما يسمى بالمستقلين، الذين تدور حول تعينهم شبهاتٌ قانونية، ومخالفاتٌ تنظيمية، لا تجيز تنسيبهم إلى عضوية المجلس المركزي بالطريقة التي تمت بها.

المهام الملقاة على عاتق المجلس المركزي الفلسطيني كبيرة جداً، في ظل تعذر انعقاد المجلس الوطني، وغياب دوره التشريعي، مما أثر على مسار العمل الفلسطيني كله، إلا أن المجلس المركزي المكلف بموجب قانونٍ وقرارٍ صادرٍ عن الجهة التي أنشأته وشكلته، بمراقبة عمل وأداء اللجنة التنفيذية، ومحاسبة مسؤوليها، ورفع تقارير مهنية وشفافة إلى المجلس الوطني الفلسطيني لمحاسبتهم وإقالتهم إن تطلب الأمر، بات اليوم يقوم بكامل مهام المجلس الوطني التشريعية، وفي هذا مصادرة متعسفة للدور، ومخالفة واضحة للقانون، واستغلالٌ واضحٌ لغياب المؤسسات في تمرير السياسات الخلافية، التي لا يقبل بها الشعب ولا يوافق عليها.

أبدت بعض القوى الفلسطينية الأساسية في منظمة التحرير الفلسطينية موقفها المعارض لعقد المجلس المركزي، وأعلنت مقاطعتها لجلساته، التي قد لا تزيد عن يومٍ واحدٍ في أفضل الحالات، كون مشاريع القرارات معدة، والتوجهات العامة معروفة، والأعضاء المشاركين لا يمثلون سيادة الشعب ولا يستمدون قوتهم منه أو صلاحياتهم من مجلسه الوطني، لهذا فستغيب النقاشات الحقيقة، ولن ترتفع أصواتٌ معارضةٌ، وسيكتفي المشاركون الذين لا يُعرف عن كثيرٍ منهم دورهم أو نشاطهم، وقد لا يعرف غالبية الفلسطينيين أسماءهم، برفع الأيدي تأييداً ومباركة، وموافقةً ومصادقةً.

قد لا تكفي مقاطعة الجلسات للتعبير عن الموقف الفلسطيني، كما قد لا يجدي إضافة بعض الأسماء مهما كثرت أو لمعت، باسم حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وضمان الحوار الجاد والمناقشة الموضوعية، لتشريع عقد المجلس المركزي الفلسطيني، الذي سبق أن عقد مراتٍ كثيرة، وأصدر قراراتٍ وتوجيهاتٍ لم يأبه بها رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ولم يصغِ إليها، فقرارته مهما بلغت أو تجاوزت المتوقع منه، فإنها في أغلبها لن تنفذ، ولن تلتزم بها القيادة، اللهم إلا تلك التي تخدم قضاياها وتصب في مصلحتها، كتسمية رئيسٍ جديدٍ للمجلس الوطني، وربما نائبٍ له، وترشيح أعضاء جدد لعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فضلاً عن تأكيد ترشيح الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدورةٍ رئاسيةٍ مفتوحة.

لعل المطلوب في هذه المرحلة الصعبة التي تعصف بالقضية الفلسطينية، وتهدد مستقبلها ومصيرها في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية الكبرى، أن ينشغل الفلسطينيون في إعادة تنظيم صفوفهم، وتشكيل قيادتهم، وتجديد أطرهم، وانتخاب ممثليهم، وإعادة بناء مؤسساتهم التشريعية والقضائية والتنفيذية وغيرها، لتتصدى للمؤامرات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية، وتستهدف الأرض والشعب والهوية والحقوق والمقدرات.

ليس المطلوب اليوم عقد مجلسٍ سبق له الانعقاد، ولم يتمكن من تحقيق المراد والصمود في وجه التحديات، ولا يرجى منه في حال انعقاده غير تكريس الأزمة، وتعميق الهوة، وترسيم الانقسام، ومواصلة مسلسل التنازلات التي لم تجدِ مع العدو نفعاً، ولم تغير مواقفه سوى إلى مزيدٍ من التطرف والتشدد، ورفض الاعتراف واستنكار اللقاء، فالمجلس المركزي بتركيبته الحالية، وبهيئته القديمة البالية أو الجديدة الملفقة، لا يستطيع أن يقوم بالدور الذي يريده الشعب الفلسطيني ويتمناه، فضلاً عن أنه غير مخول قانوناً بالحلول محل المؤسسات الأصيلة، التي يجب أن تتشكل وتنعقد للنظر في كل المسائل وأصولها.

المطلوب بوضوحٍ وجلاءٍ وجرأةٍ وحاجةٍ، قرارٌ جريءٌ صريح، فاعلٌ نافذٌ، فوريٌ مباشرٌ، بإجراء انتخاباتٍ فلسطينيةٍ شاملةٍ، نزيهةٍ وشفافة، تشمل كل الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده، في الوطن واللجوء والشتات، ليتمكن حراً من انتخاب واختيار قيادته التي يراها حكيمةً رشيدة، وقادرة على خوض المرحلة وتجاوز الصعاب والتحديات.

ولا يكون هذا إلا بانتخاباتٍ متزامنة، بصناديق ثلاثة، متقاربة ومتجاورة، لانتخاب أعضاء المجلس الوطني، وأعضاء المجلس التشريعي، ورئيس السلطة الفلسطينية، على أن تعود إلى المجلس الوطني الفلسطيني الجديد كامل صلاحياته التشريعية القديمة، بعد أن يرمم أنظمته ويفعل لوائحه، ويكون مشرفاً ومسؤولاً عن السلطة الفلسطينية، ويقوم بدوره الأساس بتشكيل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتسمية رئيسها، وإخضاعه وإياها لأحكامه وسياساته وتشريعاته وثوابته ومنطلقاته.

بيروت في 30/1/2022
moustafa.leddawi@gmail.com

آخر الأخبار
"المقاومة الإسلامية في العراق" تعلن استهداف "هدف حيوي" بالطائرات المسيّرات في مدينة أم الرشراش "إيلا... *مناورة عسكرية يمنية لقوات التعبئة العامة بمحافظة الحديدة بعنوان "حارس الطوفان" لرفع جهوزية تنفيذ ال... *الشرط الأمريكي لليوم التالي..سلطة فلسطينية "متجددة"..مشهد لفرض الإصلاح الأمريكي، كما حصل مع محمود ع... مسار عمل السلطة الفلسطينية وموافقة قيادتها لإجهاض المقاومة في الضفة وغزة..خطة فنزل الأمنية..وهي جزء ... حشود مليونية بالعاصمةاليمنية صنعاء يوم الجمعة في مسيرة "مع غزة جهاد مقدس "ولا خطوط حمراء" *القوات المسلحة اليمنية: إسقاط طائرة أميركية يوم الجمعة أثناء قيامها بأعمال عدائية في أجواء محافظة م... عبد المجيد لـ “الثورة”: بالرغم من أننا لا نعول على القمم العربية، لكننا نأمل ونتمنى أن تضطلع هذه الق... عبد المجيد لـ “الثورة”: بالرغم من أننا لا نعول على القمم العربية، لكننا نأمل ونتمنى أن تضطلع هذه الق... *القوات المسلحة اليمنية وحركة أنصار الله تستهدف مدمّرة أمريكية، وسفينةَ Destiny المتجهة لكيان الإحتل... مع دخول الحرب على غزة شهرها الثامن كتائب المقاومة تحصد بكمائن الموت ضباط العدو وجنوده وآلياته.. مهرجان خطابي مركزي في دمشق دعماً للمقاومة وإحياء للذكرى الـ 76 للنكبة جيش الاحتلال يعترف بإصابة 19 جنديًا خلال 24 ساعة غالبيتهم إصابات بالغة بمعارك مع المقاومة في جباليا ... السيد نصرالله في ذكرى استشهاد القائد"مصطفى بدر الدين": إسناد غزة من لبنان أمر قاطع ونتنياهو امامَ خي... خالد عبد المجيد يبرق للسيد عبد الملك الحوثي في ذكرى الصرخة في وجه المستكبرين* الأمناء العامون لفصائل المقاومة من دمشق: أهمية الموقف الوطني الموحد والمقاوم لتعزيز قدرات الشعب ووحد... في ذكرى النكبة: النكبة الفلسطينية مستمرة بدعم من الصهيونية المسيحية بقيادة امريكا وبريطانيا اطلاق مبادرات عالمية وعربية وفلسطينية شبابية لجعل ذكرى النكبة 15 أيار يوم اضراب عام وعصيان مدني فردي... العوامل التي تعترض الأهداف التي يسعى اليها نتنياهو والفريق اليميني المتطرف في الحكومة الإسرائيلية. المؤتمر العالمي لمناهضة الفصل العنصري الإسرائيليي دعا إلی تشكيل اتحاد القوی التقدمية الدولي لإنهاء ا... *المقاومة العراقية تستهدف ميناء عسقلان النفطي في جنوب فلسطين المحتلة بصاروخ «الأرقب»* حزب الله والمقاومة اللبنانية تستهدف مواقع العدو وتجمعاته وتحقق إصابات مباشرة تحالف قوى المقاومة الفلسطينية يرفض تولي شركة أمنية أمريكية أو أي جهة غير فلسطينية إدارة معبر رفح..وس... تقرير أممي يوثق جرائم ونازية الإحتلال، تم اعداده بشكل مشترك من 5 منظمات دولية، ومنظمات(حكومية دولية)... قمة التعاون الإسلامي تدعو لمعاقبة"إسرائيل"والتدخل في القضية بمحكمة العدل الدولية..وإنهاء التطبيع..وا... المقاومة العراقية تستهدف قاعدة قاعدة جوية عسكرية للاحتلال الصهيوني في"إيلات"ام الرشراش ومنشأة عسكرية...