نظّمت مؤسسة القدس الدولية (سورية) محاضرة فكرية في مطلع أيام القدس الثقافية لعام 2021م، بعنوان: (القدس والعروبة)، ألقاها الأستاذ الدكتور علي دياب؛ عضو اتحاد الكتاب العرب، وذلك صباح اليوم الأربعاء 6/1/2021م، في المركز الثقافي العربي-أبو رمانة، بحضور الدكتور خلف المفتاح؛ المدير العام للمؤسسة، والدكتور صابر فلحوط؛ ممثلاً اللجنة العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني، والأستاذة رباب أحمد؛ مديرة المركز الثقافي، والسادة ممثلي جيش التحرير الفلسطيني، وممثلي الفصائل الفلسطينية، ولفيف من الكتاب والباحثين والمهتمين.
ابتدئت المحاضرة بالوقوف دقيقة صمت؛ إكراماً لأرواح الشهداء، ومن ثم النشيدين العربيين الخالدين؛ السوري والفلسطيني.
افتتح د.المفتاح المحاضرة بعبارات الوفاء للدكتور محمد مصطفى ميرو، الذي رحل قبل أسبوعين، وللمطران لوقا الخوري؛ عضو مجلس أمناء المؤسسة الذي توفي أمس، “وبرحيلهما تخسر المؤسسة قامتين عظيمتين كانتا تزرعان الوطن محبة وبناء بكل إخلاص وتفانٍ…”.
كما توجّه د.المفتاح بالشكر الجزيل لكل من لبى دعوة المؤسسة لحضور فعالياتها، ولجميع المراكز الثقافية التي احتضنت فعاليات المؤسسة ونشاطاتها، فكانت شريكاً حقيقياً في صناعة النجاح.
بدوره، استهل د.علي دياب محاضرته بالإشارة إلى أنّ بعض الأوساط الثقافية وعلى هامش العديد من الندوات والحوارات المفتوحة وأحياناً الكتابات، تشهد نهجاً ينسجم بالعبثية وعدم الاتزان وبالهجوم الشرس الحاقد على العرب وتاريخهم وتراثهم، بقصد إلغاء هذا التاريخ، منطلقين من مقولات استشراقية غير موضوعية؛ “فالانتماء الوطني لا يستند إلى العرق والدم؛ ولكنه انتماء حضاري بمظلته الثقافية واللغوية واللغة العربية، ويتمثل ذلك الرابط الوطني والحضاري؛ فحضارتنا العربية العظيمة في مختلف ميادينها، لم يكن أصحابها جميعاً من العرق العربي، بل كان انتمائهم الحضاري والثقافي عربياً..”.
وأوضح المحاضر أنه “ينبغي علينا التمييز -كما قال السيد الرئيس غير مرة- بين العروبة الرسمية التي تمثلها الأنظمة الرجعية وسياساتها التابعة، وبين العروبة الهوية والانتماء، ولا بد من تكريس المفهوم الحضاري والثقافي للعروبة لاستيعاب بقية المكونات العرقية في الوطن العربي”.
أما القدس فقد أكّد د.دياب “أنها عربية كنعانية في نشأتها ولغتها وتسميتها، وأن ما يسمى “الهيكل” كذبة وقصته خرافية لا وجود لها، وأثبتت جميع الحفريات أنه اندثر تماماً منذ آلاف السنين..”.
كما ركّز د.دياب على مركزية القضية الفلسطينية لدى الأمة العربية؛ فلسطين وعاصمتها القدس المباركة، “وبذلك فإنّ تيار المقاومة الذي يعبّر عن ضمير أبناء أمتنا العربية، وعلى امتداد جغرافيتها من المحيط إلى الخليج، سيحقق فوزه الناجز في تحرير الأرض العربية المحتلة وفي مقدمتها فلسطين وعاصمتها القدس؛ فالإيمان بالعروبة وعدم السقوط في التيارات الانفصالية والإقليمية هو قمين بنجاحنا، والانتصار على أعدائنا ودحر المشروع الأمريكي-الصهيوني؛ الذي يهدف إلى تجزئتنا واقتتالنا ونهب ثرواتنا”.
وفي الختام شدد دياب على أنّنا يجب أن نكون أوفياء لقوميتنا العربية؛ ذات المحتوى الإنساني التقدمي التحرري، البعيد عن التعصب والتطرف، وأن يكون الحوار العلمي والموضوعي والحضاري هو ديننا، وبذلك نعيد لأمتنا العربية توازنها متجاوزة ما تعيشه من انهزامية وتخلف، وتستعيد بعضاً من دورها وإسهامها في الحضارة الإنسانية.
في ختام المحاضرة كان لعدد من السادة الحضور مداخلات تمحورت حول أهمية موضوع العروبة، والتي تعد حاملاً مركزياً في الدفاع عن قضايا الأمة المحقة، ونظراً لخطورة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الأمة العربية، كان لزاماً تطوير المناهج التعليمية بما يحصّن الأجيال الناشئة من أي اختراق يطعن في لغتهم وهويتهم وانتمائهم، وبذلك نسدّ الطريق في وجه المخطّطات الصهيونية التي شوّهت التاريخ والجغرافيا الفلسطينية، وهوّدت مناهج التعليم داخل الأراضي المحتلة، فكان الفلسطينيون في حالة نضال مستمر ضد الاحتلال الذي سلب الأرض، ويحاول جاهداً طمس الهوية العربية الأصيلة.