ما سبب استدارة الإمارات العربية المتحدة نحو طهران؟
قاسم عز الدين
اجتماع “خفر السواحل” بين الإمارات وإيران في طهران، يشير إلى بحث الإمارات عن ذريعة للتراجع عن رأس الحربة في معسكر الحرب والتحالف السعودي. لكن هذا التراجع يدلّ على فشل المراهنة على الحماية الأميركية لحلفائها الخليجيين في الحرب ضد إيران.
الاجتماع الأخير لخفر السواحل بين البلدين يعود إلى عام 2013
الاجتماع الأخير لخفر السواحل بين البلدين يعود إلى عام 2013
الاجتماع الخامس الأخير “لخفر السواحل بين الإمارات وإيران” يعود إلى عام 2013، ولم يكن من المتوقع قبل أسابيع قليلة انعقاد الاجتماع السادس الحالي في طهران بسبب التصعيد الأميركي في مياه الخليج وانخراط الإمارات والسعودية في صدارة “فريق الباءات”، بحسب تعبير وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
لكن لقاء وفد عسكري إماراتي في طهران بذريعة “خفر السواحل” لا يشير فقط إلى التراجع الإماراتي، بل يشير أيضاً إلى تجاوب إيران مع المساعي الإماراتية بعد أن أقفلت طهران الأبواب أمام محاولات أبو ظبي.
في العدوان على اليمن وفي التحريض على الحرب ضد إيران، ذهبت أبو ظبي أبعد من الخطوط الحمر حتى عبّرت طهران عن غضبها إثر إقلاع الطائرة الأميركية التي أسقطتها طهران من الأراضي الإماراتية.
فأمام هذه المشاركة الإماراتية في العدوان المباشر على إيران، أشار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى “المدن الزجاجية” في معرض حثّ السعودية والإمارات على التراجع عن المشاركة في تدمير المنطقة لخدمة مآرب ترامب و “إسرائيل”.
انسحاب القوات الإماراتية من بعض مناطق اليمن، يدلّ في المقام الأول بين دلائل أخرى على أن الإمارات فقدت الأمل من المراهنة على الحماية الأميركية في الحرب على إيران. لكن أبو ظبي تأخرت في استكمال استدارتها نحو طهران، فحاولت إرسال رسائل سريّة عبر “أشخاص يتحدثون عن السلام”، بحسب تعبير المستشار الإيراني لشؤون الدفاع حسن دهقان، بينما تطلب إيران انفصال الإمارات والسعودية عن فريق “الباءات”، وفق وزير الخارجية محمد جواد ظريف.
في سياق فشل المراهنة على الحماية الأميركية، يشير المندوب السعودي في الأمم المتحدة لأول مرة إلى استعداد الرياض لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد إفراج الرياض عن سفينة إيرانية تعرّضت للإصابة بعطل أمام الشاطىء السعودي ولم تفرج عنها مدة شهرين ونصف. وربما ما يجري تسريبه عن رسائل ترسلها الرياض عبر السفارة السويسرية إلى طهران، هو في هذا السياق.
في المقابل لم تنجح المحاولة الأميركية لإنشاء “تحالف الراغبين لحماية حرية الملاحة في الخليج”. فدعوة مايك بومبيو إلى كل من اليابان وكوريا الجنوبية وفرنسا وألمانيا لحماية سفنها في مياه الخليج، لم تسفر عن خطوات ملموسة وهو ما حدا بوزير الخارجية الأميركية إلى الخلاصة بما تبيّن له بأن “تشكيل التحالف في مضيق هرمز يتطلب وقتاً أكثر مما كان مفترضاً”. ولا سيما أن وزير الخارجية الألمانية يشير إلى رغبة ألمانيا بخفض التوتر والبحث عن حلول دبلوماسية.
بريطانيا التي تستجيب في العلن على الأقل إلى دعوة بومبيو، بإرسال المدمّرة “أتش أم أس دانكن”، تبالغ عمداً في ادعاءات لا تحظى بالصدقية بشأن حماية السفن. وهو ما كشفه حرس الثورة بالصوت والصورة حين أظهر أن السفينة البريطانية “إستينا أمبيرو” التي احتجزتها إيران كانت ترافقها الفرقاطة الحربية، ولم تكن بعيدة عنها بحسب الادعاء البريطاني.
فضلاً عن ذلك يشير بعض الخبراء إلى أن المدمّرة البريطانية التي وصلت إلى مياه الخليج كانت مدرجة لكي تحل محل الفرقاطة وليست دليلاً على استعداد بريطانيا لحماية السفن التي ترفع العلم البريطاني، كما يدّعي وزير الدفاع بن والس.
حزب المحافظين برئاسة رئيس الوزراء الجديد بوريس جونسون، يحاول الاصطفاف وراء جون بولتون في ادّعاء التصعيد ضد إيران في الخليج أملاً في مدّ يد العون الأميركي للخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق وعقد صفقة موعودة مع ترامب. لكنه يراهن إلى جانب ذلك على أوروبا “لتشكيل مهمة بحرية أوروبية مشتركة”.
وهذه المراهنة وتلك دونهما عقبات جمّة قد تؤدي إلى الإطاحة بحكم حزب المحافظين وتعريض بريطانيا إلى انفصال إيرلندا واسكوتلندا. لكن هذه المآلات قد تكون أقل خطورة على السعودية والامارات إذا لم يتراجعا عن فريق “الباءات” لحماية أمن الخليج وحرية الملاحة بين دول المنطقة.