متخصص بالشأن الفلسطيني

الحصيلةٌ الثقيلةٌ والمُرّة بعد 25 لاتفاقٍ أوسلو ومازال من يدافع عنه!

الحصيلةٌ الثقيلةٌ والمُرّة بعد 25 لاتفاقٍ أوسلو ومازال من يدافع عنه!
د. عبد الإله بلقزيز
تاريخ قضيّة فلسطين منذ نكبتها الأولى، قبل قرن (وعد بلفور)، ونكبتها الثانية، قبل سبعين عاماً (اغتصاب «إسرائيل» لها) تاريخُ مآسٍ ومِحَن لا سابق لها في الشِّدّة والحِدّة (وتاريخ بطولات أشبه ما تكون بالأسطوريّة في الوقت عينه). لكنّ أسوأ تلك التواريخ في تاريخها هو مرحلة الخمسةِ وعشرين عاماً الأخيرة منه؛ أي الفاصلة بين توقيع «اتفاق أوسلو»، سيّء الذِّكر، ويومنا هذا. والأسوأ فيها ليس يكمَن في أنّ شعبها دبَّ إليه التعب وأرهقه الاحتلال، وتراجعتْ في صفوفه قوّة المواجهة، بل في أنّ نُخبَه السياسيّة بلغت من الانحدار والبؤس درجةً مخيفة، تهدّد بشطب البقيّة الباقية من مكتسبات ذلك الشعب وثورته الوطنيّة السابقة. في هذه السنوات العجاف حصلت أمور كثيرة متعاقبة:
1. اعترفت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بِ«شرعيّة» وجود «إسرائيل»، بعد سنوات خمس من إعلان المنظمة قيام دولة فلسطين في اجتماع المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ في الجزائر (15 نوفمبر 1988)؛ والحال إنّ الاعتراف بوجود «إسرائيل» ينطوي على تنازلٍ وجوديٍّ – لا استراتيجيّ فحسب- لأنّ فيه نقضاً كاملاً للحقوق الوطنيّة والتاريخيّة الثابتة لشعب فلسطين في أرضه ووطنه !
2. تَلقّى المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ ضربةً في الصميم بالتنازل عن حدّه الأدنى الوطنيّ الجامع (الاستقلال الوطنيّ وإقامة الدولة على المناطق الفلسطينية المحتلّة في 1967، تكون القدس عاصمة لها، وإقرار الحق في عودة اللاجئين إلى ديارهم التي اقتُلعوا منها في حربيْ 1948 و1967)، والقبول بصيغة الحكم الذاتيّ الانتقاليّ من دون ضمانات مكتوبة، ما خلا تلك التي يقدّمها الراعي الأمريكيّ للمفاوضات؛ المنحاز – أصلاً- إلى «إسرائيل»!
3. قامت سلطةٌ فلسطينيّة ذاتيّة – بمقتضى «اتفاق أوسلو» – على مناطق «أوسلو» (المقسّمة بين: «أ» و«ب» و«ج»)، وفُرِض على هذه أن تخوض مفاوضات الوضع الانتقاليّ على نقل السلطة إليها من فئةٍ من المناطق إلى أخرى (طبقاً لمزاج المفاوض «الإسرائيليّ» وتقديراته لمدى التجاوب الفلسطينيّ مع الإملاءات). وإذْ سُمِح لهذه السلطة بأن تقوم بما كانت تقوم به البلديّات – قبل «أوسلو» – من خِدْمات اجتماعيّة، وبأن تقيم أجهزة أمنيّة محليّة، فقد جُرِّدت من أيّ حقٍّ في السيطرة على «الحدود» ( المعابر)، أو في امتلاك سيادةٍ خارجيّة !
4. رُسِمت للسلطة حدودُ وَلايتها على السكّان ومناطقهم (سكّان الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة وفلسطينيّ شرق القدس من دون أرضهم). أمّا الجسم الفلسطينيّ اللاجئ خارج وطنه فلم يكن للسلطة تلك وَلاية عليه، ولا تملك الحقّ في النطق باسمه ومطالبه في أيّ مفاوضات مع «إسرائيل». ومعنى ذلك أنّ «اتفاق أوسلو» نجح – بإقامته السلطة – في إخراج أكثر من نصف الشعب الفلسطينيّ، ممّن يعيش في فلسطين 48 أو في مناطق اللجوء، من أيّ تسويةٍ سياسيّة ممكنة، وفَرَض إعادةَ تعريفٍ للحقّ في العودة بما هو حقّ محصور في مناطق وَلاية السلطة !
5. انتزعت السلطةُ الفلسطينيّة، بقوّة الأمر الواقع، السلطةَ التمثيليّة والديبلوماسيّة من منظمة التحرير لتحتكرها هي (رئاسة السلطة، وزارة الخارجيّة) بدلاً منها. ومعنى ذلك أنّها بدّدت أهمّ ورقةٍ سياسيّة فلسطينيّة بيدها؛ وهي أنّ منظمة التحرير ممثِّل شرعيّ للشعب الفلسطينيّ كلِّه!
6. فرض اتفاق «أوسلو» على السلطة التعاون الأمنيّ مع أجهزة الاحتلال، وقام جهاز «الأمن الوقائيّ» في غزّة والضفّة، وأجهزةٌ أمنيّة أخرى، بتعقّب خلايا المقاومة وشبكاتها، في أراضي السلطة، واعتقال أطرها وتعذيبهم نيابةً عن الاحتلال، وامتثالاً لإملاءاته.
7. بلغت سياساتُ قهرِ السلطة لشوكة المقاومة ذروتها بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات، واتخذت عنواناً لها اسم: رفض «عسكرة الانتفاضة».
8. دخلتِ المعارضة الإسلاميّة «حماس»، بعد طولِ تمنّع، في جملة العاملين تحت سقف «اتفاق أوسلو»، من طريق دخولها إلى المؤسّسات التي أنتجها الاتفاق (المجلس التشريعيّ، الحكومة). وبذلك فقدتِ الساحة الوطنيّة الفلسطينيّة قوّةً اعتراضيّة على مشروعيّة اتفاق الإذعان ذاك.
9. بلغَ الصراع ذاك بين القوى الفلسطينيّة حدّ الصدام العسكريّ والحسمِ المسلَّح، من خلال سيطرة «حماس» – بالقوّة- على غزّة الأمر الذي تولَّد منه انقسامٌ داخليٌّ حادّ: جغرافيّ، وبشريّ، وسياسيّ، ووطنيّ: جغرافيّتان منفصلتان (الضفّة وغزّة)؛ سلطتان وحكومتان متنازعتان؛ وحدة وطنيّة مشروخة؛ إجراءات قمعيّة متبادلة بين الفريقيْن في منطقتيْ سيطرتهما. ولأوّل مرّة في التاريخ الحديث لفلسطين، يُنجز الفلسطينيّون في شعبهم ما لم يَقْو الاغتصابُ والاحتلال على إنجازه: تقسيم الشعب ومصادمة بعضه ببعض!
10. استفادت «إسرائيل»، في حقبة «أوسلو»، بأكثر مما استفادتْهُ قبلها؛ التهويد الشامل للقدس؛ مضاعفة الاستيطان ثلاث مرّات عمّا كانهُ قبْلاً؛ وأدُ الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة وتغيير استراتيجيّاتها.
تلك حصيلةٌ ثقيلةٌ ومُرّة لاتفاقٍ مازال يوجد، بيننا، من يدافع عنه!
آخر الأخبار
تقرير أممي يوثق جرائم ونازية الإحتلال، تم اعداده بشكل مشترك من 5 منظمات دولية، ومنظمات(حكومية دولية)... قمة التعاون الإسلامي تدعو لمعاقبة"إسرائيل"والتدخل في القضية بمحكمة العدل الدولية..وإنهاء التطبيع..وا... المقاومة العراقية تستهدف قاعدة قاعدة جوية عسكرية للاحتلال الصهيوني في"إيلات"ام الرشراش ومنشأة عسكرية... قراءة لما يجري في غزة وتداعياته على المستويين الاقليمي والدولي, الصراع الى اين..؟ إهتزاز مركز ثقل ال... غزة تغير العالم كدرس في التاريخ..الشعوب أكدت أنها مع غزة والأنظمة اكدت أنها قواعد صهيونية. الكلمة السياسية للرئيس الأسد حول القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الصهيوني، في الإجتماع الموسع للج... مشروع الاتفاق الإطاري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي رعته قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية* عبد المجيد: نحيي الشعب اليمني الشقيق وفصائل المقاومة والقوى والهيئات والفعاليات الوطنية الفلسطينية ت... عمليات حزب الله الرادعة والمتصاعدة تجاه مواقع جيش الإحتلال..وتواصل العمليات النوعية ضد العدو الصهيون... محذرين من اقتحام رفح..حركة أنصار الله تعلن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد ضد "إسرائيل"تحت عنوان (وفا... مصادر عبرية: بلينكن ناقش "الرؤية العربية" لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة وفتح مسار سياسي ... مسؤولون إسرائيليّون يدرسون خطة للإشراف على قطاع غزة بمشاركة مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات ... المبادئ الأساسية لمقترح الاتفاق بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، الاتفاق من 3 مراحل أسا... حزب الله يُعرِّض الجبهة الداخليّة في كيان العدو للخطر الكبير..تهجير سُكّان الشمال انتصار إستراتيجي ل... خارطة طريق من 4 مراحل.. مصدر فلسطيني يكشف تفاصيل الورقة العربية للسداسي الذين اجتمعوا في الرياض لإقا... حركة أنصار الله تبثّ مشاهد غير مسبوقة لقصف سفينة بطائرة مسيّرة قيادة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تلتقي قيادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وتقدم التهاني بإنتها... عبد المجيد في حديث صحفي له اليوم :"الانتفاضة في الضفة الغربية تشكل منعطفا حاسما في الصراع مع الصهيو... القسام يستدرج قوة صهيونية إلى كمين ألغام وسط قطاع غزة ومقتل 3 جنود صهاينة وإصابة 11 ويستهدف قيادة ال... الزلزال الإيراني وبسالة قوى المقاومة الذي ضرب عقيدة التفوّق الإسرائيلي..والمهانة التي شكّلتها الصوار... احتجاجات الجامعات الأميركية والأوروبية ضد دعما لفلسطين وضد الحرب غزة تتصاعد، والتوتر بين الطلاب والش... ظهور وتفقد "السنوار” وأبو عبيده لجبهات القتال يمزقان ما تبقى من ادعاءات وأكاذيب نتنياهو وجيشه ويصيبه... مصادر تكشف لـ”رأي اليوم”: دول عربية قدّمت عُروضًا “مُغرية” لحركة “حماس” لنزع سلاحها مُقابل الحُصول ع... انتقام إيران من"إسرائيل"وتوجيه صواريخها ومسيراتها في عمق الكيان:المسرح والمتفرجون-الوجود الأمريكي في... قراءات الإعلام والخبراء بالشؤون الإسرائيلية .. انتصر الإيرانيون قبل أن يطلقوا صواريخهم علينا..