الانتخابات والنظام السياسي الفلسطيني ..
بقلم: رامز مصطفى
بيروت: أقلام الثبات
الانتخابات العامة المنوي إجراءها إذا ما سارت الأمور بالشكل الإيجابي، وفي حال عدم حدوث أية تطورات من شأنها تعطيل حصولها، خصوصاً أنّ التراشق حول المشفى الأمريكي في قطاع غزة قد احتل الصدارة كمادة سياسية وإعلامية بين السلطة وفتح من جهة، وحماس من جهة أخرى، مضافاً لذلك ما صرحّ به السيد عزام الأحمد عن رد حماس حول الانتخابات : ” أنَّ رد حركة حماس على رسالة الرئيس محمود عباس حول الانتخابات بحاجة إلى توضيحات من رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر، وأنّ حماس أرسلت رداً، والقضية ليست قضية خداع ، جاهزون للانتخابات ثم يضعون نقاطاً تتناقض مع الذي يُعلن ” .
نحن سنفترض أن الانتخابات العامة ستحصل يوم غدٍ، من دون أية عراقيل أو تعطيل، لنعود إلى صلب موضوعنا، الذي نتناول فيه الانتخابات في ظلِ النظام السياسي الفلسطيني الآيل للإنهيار الكامل على رؤوس الجميع، وأولهم منظمة التحرير والسلطة من موقع أنهم المسؤولون بالشكل الرئيسي عما وصل إليه هذا النظام من حالة ترهل وارتهان ، لدرجة أن هذا النظام ومن كان يفترض أنه المؤتمن عليه قد سار به وبالقضية منذ ” أوسلو ” على رأسه بدل قدميه .
حالة الإفلاس التي وصل إليها هذا النظام من خلال إفراغه من كل مضامنيه على غير صعيد، تسبب في تبديد عناوين المشروع الوطني الذي قامت عليه منظمة التحرير منذ تأسيسها، ليُشكل اتفاق ” أوسلو ” وما خلفه من كوارث وطنية وسياسية وضعت عناوين قضيتنا ليس في مهب الريح وحسب، بل في وسط الرياح الصهيو أمريكية الهوجاء التي لن تبقي من تلك العناوين شيء، محولاً بذلك النظام السياسي بالقيمين عليه، بدل أن يكون الرافعة والحامي للمشروع الوطني والحقوق والعناوين الوطنية، إلى أداة التبديد والتفريط لما سبق، نتيجة الرهانات البائسة على تسوية عُملّ عليها بإتقان، خلُصت لصالح الكيان ومشروعه التوسعي والاستيطاني التهويدي، حيث لم يبق من هذا النظام شيء، لا على صعيد منظمة التحرير ومؤسساتها، ولا على صعيد السلطة التي لا حول لها ولا قوة، في ظل مسلسل طويل من الإجراءات والسياسات لحكومات الكيان الصهيوني التي تكاد تطبق على كل شيء في أراضينا الفلسطينية المحتلة، وكان يقابلها على الدوام حالة من الاستجداء والتباكي، بدلا من إطلاق العنان لشعبنا ونخبه وناشطيه من أجل مواجهة ومقاومة تلك السياسات الإجرامية .
والانقسام مثلّ فيما مثل من حالة ساهمت في تقويض وإضعاف النظام السياسي الفلسطيني، لأن الأطراف الفلسطينية وتحديداً حماس وفتح لا زالتا تقفان عند مواقفهما ومصالحهما، وإن كانت حماس تبدي مرونة من خلال موافقتها على رؤية الفصائل الثمانية التي أصبحت وراء الظهر، ليتقدم موضوع الانتخابات على ما سواه من عناوين بما فيها الانقسام، الذي لا خلاص منه في المدى لمنظور، إن لم نقل قد تكرسّ كنهج وسلوك يصعب معه الانتهاء منه .
في ظل هذا النظام السياسي المتهاوي ، الذي تتحدث عنه جميع الفصائل وتدعو إلى إصلاحه، يجري العمل قدماً للسير بإجراء الانتخابات، قبل البحث في الوسائل والآليات التي تعيد لهذا النظام دينماتيه وحيويته، من خلال إحياء وإصلاح المؤسسات الوطنية، وتحديداً منظمة التحرير الفلسطينية على أسس من الشراكة الوطنية، وهي أي المنظمة، المرجعية لكل المؤسسات بما فيها السلطة، التي تم تحويلها بقدرة من يتنفذ ويهيمن إلى مرجعية لكل المؤسسات بدل المنظمة التي تمّ تهميشها وإفراغها، وما الإبقاء عليها كعنوان إلاّ لاستخدامه في مواجهة الآخرين في الساحة الفلسطينية .
والانتخابات بهذا المعنى وأياً تكن نتائجها ، ليس في مقدورها الإصلاح أو التغيير في الواقع الوطني والسياسي الراهن إلى الأفضل، وكأن المطلوب، أولاً التعمد باستمرار الحالة الفلسطينية على راهنها ، خصوصاً ما يتعلق بالنظام السياسي وعدم إصلاحه . وثانياً، إعادة التجديد للطبقة السياسية المسؤولة أصلاً عن تهاوي هذا النظام وما آلت إليه المنظمة ومؤسساتها الوطنية .