متخصص بالشأن الفلسطيني

انتصار المقاومة وحلم السلطة الفلسطينية بتحريك عملية السلام

د. ناجي شكري الظاظا

يحاول البعض -أو يرغب في- ربط التحرك الأمريكي والمصري تجاه غزة ورام الله بإحياء “عملية السلام”، في المقابل يخشى البعض الآخر من عودة كوابيس أوسلو وآثارها الكارثية على المقاومة الفلسطينية، والمشروع الوطني! ولكي تتضح الصورة وتنجلي الأوهام يجب أن نقف على مجموعة من الحقائق السياسية والاستراتيجية المرتبطة بأربعة من اللاعبين الأساسيين وهم الولايات المتحدة الأمريكية، و(إسرائيل) والسلطة والمقاومة الفلسطينية.

لقد كانت الإدارة الأمريكية الجديدة واضحة جدًّا في تحديد أولوياتها في المنطقة، والتي تشمل العودة للاتفاق النووي الإيراني (5+1) مع إجراء تعديلات عليه، ووقف الحرب في اليمن التي عينت لها مبعوثًا خاصًّا. ولم تكن القضية الفلسطينية على سلم أولوياتها، فلم تبادر بالحديث عن “إحياء عملية السلام” أو إطلاقها لتصريحات بذلك، كما هي عادة الإدارات الديمقراطية، واكتفت بأن أكدت الموقف التقليدي للحزب الديمقراطي بدعم حل الدولتين، واستئناف دعمها المالي للأونروا والسلطة الفلسطينية، ووعدت بإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن المغلق منذ 2018 لكن لم تنفذ ذلك بعد!

الولايات المتحدة الأمريكية مهتمة بالمحافظة على وجود السلطة الفلسطينية الحالي، لكنها لا ترغب بتحسين وضعها السياسي وذلك التزامًا منها بأمن (إسرائيل)، ولذا فهي أعادت تمويل الأجهزة الأمنية فقط للمحافظة على دورها الأمني في الضفة، بالتوازي مع ضمان بقائها كشكل سياسي يمنع تصدر قوى المقاومة لمركز التمثيل الفلسطيني

ولعل ما ذكره وزير الخارجية الأمريكي “أنطوني بلينكن” في مؤتمره الصحفي المشترك مع بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء 25 مايو 2021 خلال زيارته لتل أبيب بعيد معركة “سيف القدس”؛ يؤكد بشكل قاطع أن لا حديث عن عملية السلام أو استئناف المفاوضات بين السلطة والاحتلال. فقد حرص بلينكن على قراءة أسباب زيارته من ورقة ولم يستحضرها من ذاكرته، حيث أكد أن لديه أربع مهام: التزام الولايات المتحدة الأمريكية بأمن (إسرائيل)، وضمان الاستقرار وخفض التوتر في الضفة والقدس، ودعم المساعدات الإنسانية الطارئة لإعادة إعمار غزة، وإعادة بناء العلاقات مع الفلسطينيين والسلطة.

كما يدرك الرئيس الأمريكي جو بايدن والذي شغل منصب نائب الرئيس الأسبق باراك أوباما لثماني سنوات، أنه لا أفق ملموس لنجاح أي جهود تفضي إلى حل سياسي للقضية الفلسطينية في ظل وجود أغلبية يمينية متطرفة تحكم في (إسرائيل)، فهؤلاء يرفضون حل الدولتين ولا يؤمنون بمنح الفلسطينيين كيانًا سياسيًّا مستقلًّا، بل يتبنون سياسات عنصرية تشمل ضم معظم الضفة الغربية إلى (إسرائيل).

في المقابل فإن الإدارة الأمريكية تدرك حالة الضعف التي تعانيها السلطة وقيادتها، إذ إنها لا تستطيع تمرير أي اتفاق بشأن قضايا الحل النهائي، والتي تشمل القدس كعاصمة للدولة، وعودة اللاجئين لأراضيهم التي هجروا منها، وحدود الدولة التي تشمل كامل الضفة الغربية وقطاع غزة.

وإذا أضفنا إلى كل ذلك الواقع الذي أوجدته إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الضفة والقدس، والتي تمنع أي نجاح سياسي لحل الدولتين وفق قواعد أوسلو التفاوضية والتي لا تمتلك أي عناصر ضغط على الاحتلال، خاصة وأنه لا يشعر بحاجته للسلطة من أجل الوصول إلى العرب، فقد نجح الاحتلال في كسر ذلك الحاجز وقام بتطبيع العلاقات الإسرائيلية مع أربع دول عربية دون أي التزام تجاه السلطة! بل قد نجح في تحويلها إلى مركز خدمات أمنية، بغطاء سياسي وهمي ليس له أي سلطة حقيقية على الأرض.

إن تحقيق المقاومة الفلسطينية انتصارًا واضحًا في معركة “سيف القدس” هو الذي أعاد القضية الفلسطينية إلى جدول الأعمال للعديد من الأطراف الفاعلة، فقد شهدنا جميعًا الاهتمام الأمريكي الكبير الذي دفع الرئيس بايدن إلى أن يتصل 5 مكالمات مع نتنياهو، و4 مكالمات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتأكيد المستمر لأهمية وقف التصعيد والدعوة الصريحة إلى إنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية، بل وأرسل وزير خارجيته إلى تل أبيب بعد 72 ساعة من وقف إطلاق النار، من أجل ضمان تثبيته وعدم تدحرج الأوضاع إلى مزيد من التصعيد الذي يضر بمصالح الولايات المتحدة في المنطقة. وذلك يرجع لإيمانها بأن العملية العسكرية الإسرائيلية فاشلة وليس لديها فرص لتحقيق هدف كسر المقاومة أو إضعاف قوتها وتدمير بنيتها الأساسية، وليس تعاطفًا مع الفلسطينيين!

الإدارة الأمريكية تدرك حالة الضعف التي تعانيها السلطة وقيادتها، إذ إنها لا تستطيع تمرير أي اتفاق بشأن قضايا الحل النهائي، والتي تشمل القدس كعاصمة للدولة، وعودة اللاجئين لأراضيهم التي هجروا منها، وحدود الدولة التي تشمل كامل الضفة الغربية وقطاع غزة.

Tweet
الولايات المتحدة الأمريكية مهتمة بالمحافظة على وجود السلطة الفلسطينية الحالي، لكنها لا ترغب بتحسين وضعها السياسي وذلك التزامًا منها بأمن (إسرائيل)، ولذا فهي أعادت تمويل الأجهزة الأمنية فقط للمحافظة على دورها الأمني في الضفة، بالتوازي مع ضمان بقائها كشكل سياسي يمنع تصدر قوى المقاومة لمركز التمثيل الفلسطيني، خاصة بعد إثبات حركة حماس قدرتها على تشكيل حالة وطنية منافسة لقيادة سياسية جماعية، وامتلاكها لقاعدة انتخابية مؤثرة رغم كل ما تعرضت له من حصار سياسي وتهميش دولي وإقليمي.

د. ناجي شكري الظاظا || أكاديمي ومحلل سياسي

آخر الأخبار
قمة التعاون الإسلامي تدعو لمعاقبة"إسرائيل"والتدخل في القضية بمحكمة العدل الدولية..وإنهاء التطبيع..وا... المقاومة العراقية تستهدف قاعدة قاعدة جوية عسكرية للاحتلال الصهيوني في"إيلات"ام الرشراش ومنشأة عسكرية... قراءة لما يجري في غزة وتداعياته على المستويين الاقليمي والدولي, الصراع الى اين..؟ إهتزاز مركز ثقل ال... غزة تغير العالم كدرس في التاريخ..الشعوب أكدت أنها مع غزة والأنظمة اكدت أنها قواعد صهيونية. الكلمة السياسية للرئيس الأسد حول القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الصهيوني، في الإجتماع الموسع للج... مشروع الاتفاق الإطاري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي رعته قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية* عبد المجيد: نحيي الشعب اليمني الشقيق وفصائل المقاومة والقوى والهيئات والفعاليات الوطنية الفلسطينية ت... عمليات حزب الله الرادعة والمتصاعدة تجاه مواقع جيش الإحتلال..وتواصل العمليات النوعية ضد العدو الصهيون... محذرين من اقتحام رفح..حركة أنصار الله تعلن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد ضد "إسرائيل"تحت عنوان (وفا... مصادر عبرية: بلينكن ناقش "الرؤية العربية" لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة وفتح مسار سياسي ... مسؤولون إسرائيليّون يدرسون خطة للإشراف على قطاع غزة بمشاركة مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات ... المبادئ الأساسية لمقترح الاتفاق بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، الاتفاق من 3 مراحل أسا... حزب الله يُعرِّض الجبهة الداخليّة في كيان العدو للخطر الكبير..تهجير سُكّان الشمال انتصار إستراتيجي ل... خارطة طريق من 4 مراحل.. مصدر فلسطيني يكشف تفاصيل الورقة العربية للسداسي الذين اجتمعوا في الرياض لإقا... حركة أنصار الله تبثّ مشاهد غير مسبوقة لقصف سفينة بطائرة مسيّرة قيادة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تلتقي قيادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وتقدم التهاني بإنتها... عبد المجيد في حديث صحفي له اليوم :"الانتفاضة في الضفة الغربية تشكل منعطفا حاسما في الصراع مع الصهيو... القسام يستدرج قوة صهيونية إلى كمين ألغام وسط قطاع غزة ومقتل 3 جنود صهاينة وإصابة 11 ويستهدف قيادة ال... الزلزال الإيراني وبسالة قوى المقاومة الذي ضرب عقيدة التفوّق الإسرائيلي..والمهانة التي شكّلتها الصوار... احتجاجات الجامعات الأميركية والأوروبية ضد دعما لفلسطين وضد الحرب غزة تتصاعد، والتوتر بين الطلاب والش... ظهور وتفقد "السنوار” وأبو عبيده لجبهات القتال يمزقان ما تبقى من ادعاءات وأكاذيب نتنياهو وجيشه ويصيبه... مصادر تكشف لـ”رأي اليوم”: دول عربية قدّمت عُروضًا “مُغرية” لحركة “حماس” لنزع سلاحها مُقابل الحُصول ع... انتقام إيران من"إسرائيل"وتوجيه صواريخها ومسيراتها في عمق الكيان:المسرح والمتفرجون-الوجود الأمريكي في... قراءات الإعلام والخبراء بالشؤون الإسرائيلية .. انتصر الإيرانيون قبل أن يطلقوا صواريخهم علينا.. اللقاء التضامني الفلسطيني - السوري مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدمشق