المقاومة الفلسطينية بالضفة بـ2021..تصاعد لافت رغم الظروف المعقدة والتنسيق الأمني مع الإحتلال .
المقاومة الفلسطينية بالضفة بـ2021..تصاعد لافت رغم الظروف المعقدة والتنسيق الأمني مع الإحتلال .
شهد عام 2021 عودة مضطردة لأشكال مختلفة من المقاومة في الضفة الغربية كسرت حالة من الركود والتكبيل التي فرضتها الحالة الأمنية، فبات مشهد الاشتباكات المسلحة مع الاحتلال، والمواجهات المستمرة، وعمليات الطعن، وإطلاق النار، مشهدا متكررا سيما في النصف الثاني من العام، والذي تلا أحداث الشيخ جراح والمسجد الأقصى ومعركة سيف القدس.
مخيم جنين للواجهة مجددا
وبرز في عام 2021 تشكيل الغرفة المشتركة للمقاومة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية من كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى، وأعقب ذلك خوض عشرات الاشتباكات المسلحة الضارية مع الاحتلال، والتي شكلت ظاهرة في النصف الثاني من العام الجاري؛ ما أزعج الاحتلال الذي أطلق بعد ذلك عملية جز العشب.
انتقلت ظاهرة الاشتباكات المسلحة بعد ذلك إلى مناطق أخرى في الضفة؛ سيما في طوباس ونابلس بحيث لم يعد دخول الاحتلال للاعتقالات الليلية سهلا كما كان في السابق رغم كل عمليات الاغتيال والاعتقال التي تلت ذلك.
اغتيالات لكبح نمو المقاومة
أطلقت قوات الاحتلال خلال النصف الثاني من عام 2021 حملات أمنية مركزة استهدفت كبح جماح بنية المقاومة في الضفة الغربية، التي تنامت وطالت في غالبيتها وفق تهديدات الاحتلال، وما تلاها من عمليات البنية التحتية لحركة حماس، وكانت عملية الاغتيال الشهيرة التي طالت ثلاثة من كوادر القسام في بدو قرب القدس تزامنا مع عملية عسكرية للاحتلال في برقين بجنين، إحدى أبرز تلك العمليات، والتي أصيب فيها اثنان من وحدات الدوفدوفان بجراح خطرة في اشتباك مع مقاوم من القسام بعد اقتحام منزله في (26-9-2021).
كما اغتالت قوات الاحتلال متعمدة أربعة من كوادر المقاومة في مخيم جنين من السرايا والقسام وشهداء الأقصى، في اشتباك مسلح عنيف في (16-8-2021) وكانت تلك رسالة من الاحتلال بأنه سيستخدم القبضة الحديدية لكبح المقاومة؛ ولكن مقاومة الاقتحام الذي تلاه كان الأشد، في رسالة من المقاومين بأنه لا يمكن اقتلاعهم.
مخيم جنين شكَّل نموذجا متقدما للمقاومة يتوجب الحفاظ عليه وتعميمه، مضيفا أن الإرث التاريخي للمخيم، والحاضنة الوطنية الوحدوية في السابق والوقت الراهن، تشكل بيئة خصبة لحالة متقدمة من المقاومة استشعر الاحتلال خطرها، ويعمل بكل قوته على تدميرها.
عمليات في قلب القدس
تعد عملية الشهيد الشيخ فادي أبو اشخيدم أبرز عمليات إطلاق النار في القدس لعام 2021، إذ كمن أبو اشخيدم للمستوطنين في البلدة القديمة في القدس في (21-11-2021) موقعا اثنين من جنودهم قتلى، وأصاب آخرين، وأثارت العملية صدى واسعا لإيلامها الاحتلال، ولأن منفذها أحد أبرز قيادات حركة حماس المقدسية.
بقيت القدس خلال عام 2021 ساحة هامة للمقاومين بأشكال مختلفة من المقاومة، ففي (16-5 – 2021) أصيب ستة من شرطة الاحتلال بعملية دهس على مدخل الشيخ جراح في القدس، تلاها عملية طعن أصابت شرطيين في نفس المنطقة في (24-5-2021).
وفي (13-9-2021) أصيب شرطيان في عملية طعن في محطة الحافلات المركزية في القدس، وفي (17-11-2021) أصيب جنديان للاحتلال في عملية طعن قرب إحدى المدارس الدينية في البلدة القديمة في القدس، وفي ( 4-12-2021) أصيب جندي للاحتلال بجراح خطرة في عملية طعن في باب العامود.
ويعد الباحث والكاتب ساري عرابي أن الضفة تتفاعل مع ما يجري من انتهاكات متواصلة للاحتلال، ولكن ما زالت السمة العامة هي نمط العمليات الفردية المتصاعدة، والتي لا يجد الاحتلال حلًّا للتعامل معها.
وأكد أن ما يجري يشكل حالة إرباك للاحتلال، ويعكس أيضا الحالة الأمنية الصعبة والمعقدة للضفة الغربية، والتي تكبل القدرة على ممارسة عمل مقاوم منظم وواسع، لذلك تتعزز العمليات ذات الطابع الفردي في غالبيتها.
على صفيح ساخن
لم تكن باقي مناطق الضفة أكثر هدوءا من القدس، ففي (2-5- 2021) أصيب ثلاثة جنود للاحتلال بإطلاق نار على مستوطنة ايتمار قرب نابلس، وفي (18-5- 2021) أصيب جنديان بإطلاق نار على مدخل البيرة، وفي (6-12-2021) أصيب جندي بجراح خطرة بعملية دهس على حاجز جبارة قرب طولكرم، إضافة لعديد محاولات طعن ودهس على مفرق عتصيون قرب بيت لحم وزعترة وسط الضفة الغربية، وقلنديا وغيرها.
ووفق البيانات الإحصائية، فإن حجم أعمال المقاومة الشهرية في النصف الثاني من العام الجاري تراوح بين 400-600 نوع مواجهة شهرية بين إطلاق نار، وإرباك ليلي، وطعن ورشق بالحجارة والزجاجات الحارقة، وإطلاق ألعاب نارية، سيما في القدس، وتصدٍّ للمستوطنين.
وقال رام بن باراك، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست في (6-12-2021): “إن إسرائيل في وسط موجة من الهجمات”، متهمًا حركتي حماس والجهاد الإسلامي بتشجيع الفلسطينيين على تنفيذ المزيد من الهجمات.
الإرباك الليلي وجبل صبيح
مثَّل جبل صبيح في بيتا جنوب نابلس في عام 2021 حالة متقدمة للمقاومة الشعبية الحقيقية التي تربك الاحتلال، وبنت نموذجا وحدويا بين مكونات العمل الوطني والإسلامي لم يرق لجماعات المصالح، وما زال مستمرا ومصدر إلهام كبير، وقدم أهالي بيتا تسعة شهداء حتى الآن، وتتواصل دون كلل عمليات الإرباك الليلي، والتواجد على الجبل، والتصدي للمستوطنين.
انتقل الإرباك الليلي إلى مخيم جنين سيما في الفترة التي تلت معركة سيف القدس وحتى عملية نفق الحرية لأسرى جلبوع، وكان حاجز الجلمة شمال جنين مسرحا لهجمات ليلية متواصلة، ولم يكن محيط قبر يوسف في نابلس بعيدا عن هذه المشاهد، وباتت نابلس شعلة متقدة من المواجهات.
ولا زالت المقاومة مستمرة ومتصاعدة ، إضافة إلى المواجهة الشعبية لقوات الإحتلال والمستوطنين والتي تبشر بإنتفاضة شعبية ثالثة.