متخصص بالشأن الفلسطيني

الضفة الغربية على أبواب انتفاضة شعبية ثالثة..؟

الضفة الغربية على أبواب انتفاضة شعبية ثالثة..؟

وسام أبو شمالة

تتوافر عدة مقومات تُعتَبَر فرصاً في استعادة الفعل المقاوم والإنتفاضة الشعبية في الضفة الغربية.
وتشهد ساحة الضفة الغربية أحداثاً متتالية، باتت تؤرّق العدو الصهيوني، وتعزّز مخاوفه من تكثيف عمليات المقاومة الفردية والمنظَّمة فيها.

تُعَد الضفة الغربية من أخطر الجبهات على العدو الصهيوني، لو انطلقت المقاومة فيها، كونها الساحة الأكثر احتكاكاً بجنود الاحتلال ومستوطنيه، وتماساً معهم.

شهدت انتفاضة الأقصى، في تشرين الأول/ أكتوبر 2000، نموذجاً للفعل الفلسطيني المقاوم، والذي أدّى إلى هروب رئيس وزراء العدو الصهيوني أرييل شارون من قطاع غزة بعد 5 أعوام من اندلاعها، وكان يعتزم استكمال رحلة الهروب من جزء من الضفة الغربية لولا مرضه المفاجئ.

بعد عام 2005، شهدت الانتفاضة تراجعاً في ساحة الضفة الغربية. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها قيام العدو بخطوات إجرامية، مثل الاغتيال والاعتقال لعشرات القيادات الميدانية للمقاومة، وإنشاء عشرات الطرق الالتفافية والحواجز العسكرية، والتي حوّلت الضفة الغربية إلى ما يشبه المربَّعات الأمنية، وتشييده الجدار العازل، وغيرها من الإجراءات القمعية المنهجية لكل من ينفّذ عملاً عسكرياً، مثل هدم البيوت ومصادرة الممتلكات.

في جانب آخر، أدّت توجُّهات السلطة الفلسطينية دوراً حاسماً في إحباط العمل المقاوم في الضفة. وشكّل التنسيق الأمني تهديداً استراتيجياً، ولا يزال، بالنسبة إلى استعادة استنهاض المقاومة، في شقَّيها الشعبي والعسكري.

من خلال التنسيق الأمني بين العدو والسلطة الفلسطينية، يتم تبادل المعلومات بهدف إحباط عمليات المقاومة قبل تنفيذها. وفي حال التنفيذ، تتكثَّف عملية التعاون وتبادُل المعلومات من أجل معرفة ملابسات تنفيذ العملية، ومن يقف خلفها، وهل هي منظَّمة أم فردية، ومن هم منفّذوها، وأين هم موجودون؟ وتستمرّ عملية التعاون حتى يتمّ اعتقال المقاوم/ين أو اغتيال/هم.

باتت سياسة ما يُعرَف بالباب الدوّار متَّبَعةً بصورة كبيرة، وهي عمليات الاعتقال للمقاومين، والتي يتناوب على تنفيذها العدو والسلطة. فبعد الإفراج عن أحدهم من سجون الاحتلال، تقوم السلطة باعتقاله بعد فترة وجيزة، أو العكس.

وفي تَحَرٍّ عن عدد وازن من الشهداء، أو الأسرى الذين نفّذوا عمليات مقاومة ضد الاحتلال، نجد أنهم اعتُقلوا سابقاً لدى أجهزة السلطة الأمنية.

محاولات القضاء على المقاومة في الضفة الغربية أدّت، بلا شكّ، إلى إضعافها، لكنها لم تؤدّ إلى تصفيتها أو تصفيرها.

شهدت الضفة منذ عام 2014 محاولات جادة للعودة إلى مربّع المواجهة مع الاحتلال، ونُفِّذت عشرات العمليات ضد الاحتلال والمستوطنين، أغلبيتها محاولات فردية. وفي المقابل، أحبطت الأجهزة الأمنية للسلطة وللاحتلال عشرات العمليات المخطَّط لها من التنظيمات الفلسطينية المتعدّدة.

خلال معركة “سيف القدس”، تحرَّكت الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية، وتفاعلت مع الأداء العسكري للمقاومة في قطاع غزة، وشهدت الحواجز العسكرية مواجهات يومية، ونُفِّذَ بعضُ العمليات الفردية.

تركت نتائج معركة “سيف القدس” آثاراً عميقة في الحالة في الضفة الغربية، أدّت إلى ارتفاع الأصوات الثورية حتى داخل حركة “فتح”، التي تعرَّضت قاعدتها الشعبية لهزّة عميقة، ودعت كوادرها التنظيمية إلى بدء مراجعة شاملة لمسارها السياسي. لكنّ الفريق المتحكّم في قرار الحركة، سعى، ولا يزل، لإحباط أيّ توجُّه إلى تثوير “فتح” من جديد، الأمر الذي سيشكّل أحد أبرز العوامل التي ستُعَوِّق مسار المقاومة في الضفة الغربية.

أثبتت الأحداث، مؤخَّراً، أن استمرار الرهان على تسكين جبهة الضفة الغربية، رهانٌ يبدو أنه سيفشل أمام إصرار المقاومة على مواجهة المهدِّدات من الاحتلال والسلطة.

وهو ما كشفته المواجهة الأخيرة في القدس وجنين المحتلَّتين، والتي أدت إلى استشهاد خمسة مقاومين وإصابة ضابط وجندي صهيوني بجراح بليغة.

تتوافر عدة مقومات تُعتَبَر فرصاً في استعادة الفعل المقاوم في الضفة الغربية عافيتَه.

البيئتان الديمغرافية والجغرافية للضفة الغربية، وتداخلُهما مع مدن فلسطين المحتلة عام 1948 وقراها، و كثافةُ الأهداف العسكرية والاستيطانية (أكثر من 600 حاجز عسكري صهيوني، وما يقرب من مليون مستوطن في الضفة)، وفشلُ المسار السياسي للسلطة الفلسطينية، وضَعفُ شرعيتها، والقَضمُ المتراكم من مكانتها الشعبية، ونجاحُ تجربة المقاومة في قطاع غزة، ورغبتها في تكرار التجربة في الضفة، كلها عوامل ومقوِّمات تشكّل فرصاً في اشتعال انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية.

الاحتلال الاسرائيلي يعمل في أكثر من اتجاه، بهدف كبح تهديد اشتعال جبهة الضفة الغربية.

تُعتبر الأداتان، الأمنية والعسكرية، وسيلةَ العدو الرئيسة لمواجهة خلايا المقاومة، ويركّز على العامل الاستخباري الوقائي، والذي يعمل على تفكيك الخلايا في بداية تشكيلها.

يحاول العدو اللجوء إلى خيار الاعتقال الهادئ، حتى لا يُضطر إلى مواجهة مجموعات المقاومة المسلَّحة عسكرياً، الأمر الذي يشكّل خطراً على حياة أفراد قواته، وهو ما حدث فعلاً في أثناء الاشتباك المسلَّح مع خلية “القسّام” في جنين والقدس المحتلتين، قبل أيام.

يساعد الاحتلالَ على نجاح مُهِمّاته سلوكُ السلطة وعقيدةُ قادة أجهزتها الأمنية تجاه المقاومة، وخشيةُ السلطة من فقدان آخر عوامل بقائها، وهو التنسيق الأمني مع العدو، ومنع اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة في الضفة الغربية.

سياسة تجفيف المنابع التي انتهجها الجنرال الأميركي دايتون بعد عام 2008، ما زالت تُلقي بظلالها على واقع الضفة الغربية، وأدّت إلى غياب تأثير القيادات الوطنية الثورية، أو ضعفه، وإضعاف البيئة الحاضنة للمقاومة.

من الأدوات التي تدعمها الولايات المتحدة الأميركية وإدارة بايدن، للمحافظة على الهدوء في الضفة، تعزيزُ مكانة السلطة الفلسطينية، ومنحُها ميزاتٍ اقتصاديةً في المدى العاجل، وسياسيةً في المدى البعيد.

رئيس حكومة العدو، نفتالي بينيت، مستعدٌّ لتحسين مكانة السلطة الاقتصادية، ويرفض بدء أيّ مسار سياسي مع السلطة، ولم يأتِ على ذكر القضية الفلسطينية في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخّراً.

يتَّضح مما سبق توافر عدد من العوامل المساعدة على تصاعد المقاومة في الضفة الغربية، في مقابل كوابح أمامها.

ما يعزّز فرص المقاومة هو الإصرار والتحدّي اللذان يتمتّع بهما الشعب الفلسطيني، وهو ما أظهرته استطلاعات الرأي المهنية، والتي كشفت دافعاً متزايداً نحو الانتفاضة والمقاومة لدى أوساط الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وهو ما يرجّح سيناريو المواجهة على سيناريو الهدوء.

وسام أبو شمالة
المصدر : الميادين نت

آخر الأخبار
أبعاد تصريحات نتنياهو والعدوان الأخير على سوريا..ما المطلوب من القمة العربية قبل فوات الأوان لإحباط ... حركة حماس وجبهة النضال الشعبي تبحثان مستجدات القضية الفلسطينية يوم استثنائي وتاريخي للبنان والأمة والعالم في التشييع المهيب والمليوني للشهيدين السيدين نصرالله وصفي... جدل واسع بعد ظهور الصحفي الإسرائيلي إيتاي أنغيل، مراسل القناة 12 في قلب دمشق ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة.. وقفة احتجاجية ضد وجود الصحفي الصهيوني ايتاي انيغل، وضد تصريحات نتنياهو الاخيرة استحقاق المرحلة الجديدة .. ذوبان الفصائل في مربعات اليمين واليسار والاسلام إعلام إسرائيلي: هجوم خطير.. انفجار 3 حافلات في "بات يام" جنوبي "تل أبيب" وكان من المفترض أن تنفجر 15... قمة عربية مصغّرة في السعودية حول الترتيبات في قطاع غزة والخطة المصرية البديلة عن خطة ترامب ..خلافات ... مظاهرات بمئات الآلاف حول العالم رفضا لاقتراحات ترامب بشأن غزة ودعماً لحقوق الشعب الفلسطيني..مائتا أل... القيادي الفلسطيني”خالد عبد المجيد”يدين تصريحات ترامب العدوانية والاستفزازية للشعب الفلسطيني والأمة ا... *سيناريو الخطة المصرية البديلة التي ستقرها القمة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لخطة ترامب بتهجير و... الكشف عن تفاصيل جديدة حول الخطة المصرية لقطاع غزة: لجنة لإدارة القطاع بدون مشاركة حماس..وإنشاء 20 من... رفض وغضب يعم الأوساط الفلسطينية لقرار وقف مخصصات الأسرى والشهداء والجرحى..خضوع للمعايير الإسرائيلية ... *المقاومة تتصدى للتصعيد والعدوان الصهيوني المستمر في الضفة الغربية..جيش الاحتلال يواصل اقتحامه لعدد ... مسيرات مليونية في 600 ساحة مركزية وفرعية في اليمن: ثابتون مع غزّة العزة..بلا سقف ولا خطوط حمراء مقتل أسرائيلية في عملية طعن في "هرتسيليا" قرب تل أبيب قان بها شاب من سكان طولكرم.. الاحتلال يحرق مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة ويختطف اأطباء ومرضى،ويرتكب مجزرة مروعة خلفت 50 شهيدا ب... صاروخ يمني باليستي فلسطين 2 يثير الذعر في “إسرائيل” واليمنيون يتوعدون بالتصعيد و18إصابة بعد إطلاق صف... أكثر 40 ألف مصلّ أدوا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، بالرغم من عراقيل وإجراءات الإحتلال  سورية اليوم تواجه خطران، الخطر الصهيوني، وخطر التقسيم، وحدة سورية هي ضمانتها بوجه مخطط تقسيمها *المقاومة في جباليا..بسالة وصمود أرعب العدوّ..وتصاعد عمليات المقاومة في الضفة.. وتنديد بما تقوم به أ... فصائل وعدد من الشخصيات الوطنية تسلم مصر قائمة المرشحين لإدارة لجنة الإسناد المجتمعية بغزة تجمع الشخصيات المُستقلة يدعو الرئيس محمود عباس عبر "وطن" لإنهاء الحملة الأمنية في جنين، مايجري يصبُ ... بيان صحفي ثلاثي مشترك صادر عن (حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية )