متخصص بالشأن الفلسطيني

*شرفُ المقاطعةِ وعارُ المشاركةِ في مؤتمرِ المنامةِ*: د.مصطفى يوسف اللداوي

 

لا تستطيعُ حكومةٌ أن تنكر علمها بحقيقة ورشة المنامة الاقتصادية، وما هي الأهداف المرجوة منها، والآمال المعقودة عليها، ومن هي الجهة الداعية إليها والراعية لها،

فالجميع دون استثناءٍ يعرف أنها جزءٌ رئيسٌ من صفقة القرن الأمريكية، وأنها تستهدف وضع الأسس الاقتصادية لمشروع تصفية القضية الفلسطينية، وتحويلها من قضية سياسية إلى قضية إنسانية فقط،

وأنها ستؤسس لمشاريع اقتصادية عملاقة في المناطق الفلسطينية وفي دول الجوار، بقصد خدمة الكيان الفلسطيني الجديد، وتمكينه من العيش والبقاء ومده بأسباب الحياة المختلفة،

وهذا كله مقابل أن يحظى الكيان الصهيوني بحق البقاء والاعتراف، ضمن أحلامه القديمة وأطماعه الجديدة في معظم أرض فلسطين التاريخية، بما فيها مناطق واسعة من القدس والضفة الغربية.

الحكومات المدعوة والمشاركة تعلم أنها تذهب إلى المنامة بمذكرة جلبٍ أمريكيةٍ، وبسوط الكابوي الأمريكي وبندقيته، سواء كانت راضية وموافقة على القضية التي تجلب لأجلها أو تساق إليها، أو أنها مكرهة على ذلك ولكنها لا تقوى على الرفض والاعتراض،

فهذا التباين لا يلغي أبداً أنهم جميعاً لا يملكون حرية قرارهم، وليس لهم الخيرة من أمرهم، فهم عبيدٌ لدى السيد الأمريكي، وأجراء بالسخرة لدى إدارته، بل إنهم يدفعون مقابل استخدامهم وبدل استئجارهم، ويرجون من الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني أن يرضوا عنهم، وأن يقبلوا بهم،

وهم يعلمون يقيناً من قبل بنص القرآن الكريم أنهم لن يرضوا عنهم ولو اتبعوا ملتهم وكانوا عبيداً عندهم.

رغم معرفتهم التامة وعلمهم اليقيني إلا أن البعض منهم قد انساق كالقطيع خلف الإدارة الأمريكية، وبعضهم سبق ككلب الحراسة الذي يسبق القطيع والراعي فحضر قبلهم،

ظانين أنهم بعملهم هذا يحسنون صنعاً، ويقدمون للفلسطينيين نفعاً، وما علموا أنهم بذلك شركاء في الجريمة، وطرفٌ أساسٌ فيها، مهما كانت تبريرات بعضهم وحجتهم في المشاركة،

إذ لا تفسير لوجودهم سوى أنهم شركاء أو أدواتٌ فيها وأجراءٌ، وفي كل الأحوال هم جزءٌ من الجريمة، بل هم الأداة الرئيس التي تستخدمها الإدارة الأمريكية وتهدد بها،
إذ بدونهم يصعب عليها أن تقرر أو تقترح، أو أن تفرض مشروعاً وتتصور حلاً للأزمة.

لا مبرر لوجود أي دولةٍ عربيةٍ أو إسلاميةٍ في هذا المؤتمر المشبوه بحجة فهم ما يجري، أو تصحيح ما يعرض، أو التعمية على الجهة الداعية، أو الخوف في حال الغياب من تقرير الأسوأ،

فهذه أعذارٌ واهيةٌ غير مقبولة، ومبرراتٌ مشبوهة وغير مشروعة، لا يقبل بها عاقل ولا يسلم بها مسؤولٌ،

فما هو مبرر وجود من يدعي الطهر والشرف في دار الدعارة مثلاً، أو في الخمارة ونوادي الميسر والقمار،
وما عذر من يراقب ابنته التي تتنقل في المراقص والملاهي من طاولةٍ إلى أخرى خشية أن يستغلها مخمورٌ،

وعليه فإن المشاركة الفعلية أو الحضور الصامت، كلاهما جريمة واحدة على نفس القدر من الخطورة والخيانة، تماماً كالداخل إلى الماخور أو الخمارة وإن لم يمارس المنكر ذاته.

أيها العرب جميعاً هذا يومُ الفصل لا شك فيه، يومٌ يتميز فيه الأشراف ويرفعون، ويُعرفُ فيه المرجفون ويسقطون،

والذين هم في المنامة جمعُ ضرارٍ وتآمرُ أشرارٍ، فمن كان فيه خيراً ترك ناديهم وقاطع، وامتنع عن شرورهم واستعلى،

وأما من صمت وشارك فهو مثلهم في الرذيلة قد وقع، وفي المنكر ولغ وللحرام ارتكب،

وبمشاركته يكون قد خان العهد وفرط في العقد، واستحق غضب الشعوب ولعنة التاريخ أبداً.

امتازوا اليوم أيها القادة العرب بمواقفكم، وأروا الله عز وجل وشعوبكم الكريمة صدقكم وعزمكم، وإخلاصكم وولاءكم،

وقاطعوا بعزةٍ، وارفضوا بشممٍ، وتعالوا على دعاة الفتنة بإباءٍ،

وقولوا بعالي الصوت بجرأةٍ وبلا خوفٍ، لا للإدارة الأمريكية ولا لإملاءاتها،

ونعم لفلسطين الأرض المباركة، ونعم لوعد الله الخالد لنا بالنصر والتمكين،
ونعم للقدس والمسجد الأقصى وكنسية القيامة، ونعم لمسرى الرسول ومهد المسيح،
فهذا يومٌ له ما بعده، ومشهدٌ له بين الأشراف في التاريخ مثله،
فطوبى لمن كان له فيه بالعز موقف وللحق كلمة.

بيروت في 24/6/2019
Twitter/Leddawy
moustafa.leddawi@gmail.com

 

آخر الأخبار
مسيرات جماهيرية في المخيمات الفلسطينية بسورية عدوان أمريكي-بريطاني على اليمن غارات على 4 محافظات يمنية..وحركة أنصار الله تتوعد واشنطن ولندن بـ"رد ... *الولايات المتحدة الأمريكية تريد استغلال الحرب على حزب الله لانتخاب جوزيف عون رئيساً للبنان* *خالد عبد المجيد الأمين العام لجبهة النضال الفلسطيني للوفاق: المقاومة فكرة خالدة..وعقيدة لكل حر لا ت... فصائل المقاومة الفلسطينية تقيم مجلس عزاء وتبريك لروح الشهيد السيد حسن نصرالله والقادة ‏الشهداء قادة وممثلو فصائل المقاومة الفلسطينية يقدمون واجب العزاء والتبريكات باستشهاد السيد حسن نصر الله مع بدء دخول بري محدود.. "إسرائيل"لا تستطيع القيام باجتياح واسع..حزب الله بإنتظار جيش الإحتلال..تطورا... إدارة بايدن تُكلّف مصر بوضع وثيقة ما بعد وقف إطلاق النار في غزة..اتصالات ومُشاورات مع قطر والإمارات ... الفلسطينيون في مخيمات لبنان يفتحون قلوبهم قبل بيوتهم لإغاثة أشقائهم اللبنانيين حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية: العدوان الصهيوني على اليمن وسوريا ولبنان “تصعيدا خطيرا و استمرار لل... *الأسد: الشهيد السيد نصر الله سيبقى في ذاكرتنا وفاءً لوقوفه على رأس المقاومة الوطنية اللبنانية إلى ج... اغتيال نصر الله..كيف سيؤثر على مستقبل حزب الله ومحور المقاومة ومشهد الصراع في المنطقة..؟ رحيل الأديب الفلسطيني الكبير رشاد أبو شاور *جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تتقدم بأسمى آيات العزاء والتبريك باستشهاد القائد الوطني والقومي والإسل... بفارق زمني بسيط..المقاومة الإسلامية في العراق والقوات المسلحة اليممية تنفذ سلسلة عمليات ضد أهداف للا... فصائل المقاومة الفلسطينية تقيم مهرجاناً مركزياً لتأبين القادة الشهداء في فلسطين ولبنان سيناريوهات محتملة..حرب استنزاف واسعة النطاق، واستمرار الضغط العسكري لفك ارتباط الجبهات أو الحرب الإق... جبهات إسناد المقاومة في غزة.. عمق التأثير والفاعلية والردع وإرباك العدو من خلال ترابط وتكامل “وحدة ا... *لو لم يكن لثورة 21 سبتمبر اليمنية من إنجاز سوى مساندة غزة لكفى..ثورة الحرية والإستقلال حزب الله: عملياتنا الداعمة لغزة والدفاع عن لبنان ستتواصل كالمعتاد..ولمجزرة الاحتلال بحق لبنان حساب ع... مصادر أمنية تكشف عن طبيعة وكيفية تفجير الاحتلال الصهيوني لأجهزة "البيجر" في لبنان تحالف قوى المقاومة الفلسطينية يشيد بخطاب السيد حسن نصر الله ويثمن عالياً مواقفه المبدأية الثابتة وال... عدوان صهيوني جديد على لبنان يسفر عدد من الشهداء ومئات الجرحى في انفجارات جديدة لأجهزة لاسلكية في عدة... ما بين إدارة الصراع وحرب التحرير.."المتغيرات تصب في صالح جبهة المقاومة". السيد عبد الملك الحوثي: سنفاجئ الأعداء بتقنيات غير مسبوقة في التاريخ، ولن نألوا جهداً في نصرة الشعب ...