متخصص بالشأن الفلسطيني

صناعة الهزيمة في الوجدان العربي ..! هي منظومة تتداخل فيها أدوار ومصالح واستراتيجيات وأجهزة استخبارات ووسائل إعلام معادية.

صناعة الهزيمة في الوجدان العربي ..! هي منظومة تتداخل فيها أدوار ومصالح واستراتيجيات وأجهزة استخبارات ووسائل إعلام معادية.

 

عبد الله السنّاوى

على مدى نصف قرن، نشأت صناعة متكاملة؛ لتكريس الهزيمة في الوجدان العربي، كأنها قدر محتم لا فكاك منه .

تحت تأثير صدمة السابع من أكتوبر (2023)، اهتزت بعمق ركائز ثقافة الهزيمة، لكنها لم تتقوض تماماً .

 

ارتفعت أصوات شاردة في العالم العربي، تتبنى الرواية الإسرائيلية، دمغت حركة “حماس” بـ “الإرهاب”، وهاجمت فكرة المقاومة ذاتها، باعتبارها مشروع هزيمة مقبلة .

 

إنهم يتمنون هزيمة المقاومة في غزة، وفي كل مكان آخر، حتى يقولوا، لا تحاولوا مرة أخرى، فالهزيمة محتمة لا محالة .

 

كان ذلك إنكاراً لعدالة القضية الفلسطينية، وحق شعبها في استعادة أراضيهم المحتلة بكل الوسائل المشروعة، التي يجيزها القانون الدولي، وعلى رأسها الكفاح المسلح .

 

قد تتراجع المقاومة أو تنكسر، هذا سيناريو لا يمكن استبعاده، لكن فكرتها تعبر عن صلب الصراع العربي الإسرائيلي، وإهدار أية حقوق مشروعة وإنسانية للفلسطينيين، التي تستباح بلا وازع أو رادع .

 

أحيت عملية السابع من أكتوبر القضية الفلسطينية، كما لم يحدث من قبل، بعد أن كادت تطوى بالتواطؤ عليها في دفاتر النسيان.

 

بأثر الصور المأساوية للحرب على غزة خرجت مظاهرات بمئات الألوف في قلب العواصم والمدن الغربية الكبرى، وفي قلب الولايات المتحدة نفسها، تهتف باسم فلسطين وتدعو؛ لوقف حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل بدعم أمريكي مطلق .

 

كان ذلك إنجازاً هائلاً غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، يستحق كل تضحية، لكنه بدا لطمة غير محتملة للوبيات الموالية لإسرائيل .​

 

القضية ليست “حماس”، إنها قضية شعب من حقه أن يتطلع للحياة بكرامة وحرية .

 

هل الحرب الخيار الوحيد ؟

 

بصياغة أخرى: هل كان يمكن تجنب المواجهة العسكرية ؟

 

بالقطع : لا .

 

الأفق السياسي مغلق بالتوسع الاستيطاني، والتطهير العرقي ومشروعات التهجير القسري، فضلاً عن المداهمات والاعتقالات والعقاب الجماعي في الضفة الغربية .

 

إذا كان دعاة الهزيمة يتصورون، أنه من الممكن للشعب الفلسطيني أن يرفع الرايات البيضاء، فقد أثبت بدل المرة ألف، أن ذلك لن يحدث أبداً ، مهما كانت التضحيات وفواتير الدم .

 

الشعوب الحرة تقاتل؛ من أجل حقوقها المشروعة .

 

كانت الإبادة الجماعية تعبيراً عن سياسة ممنهجة لتصفية القضية الفلسطينية بدفع أهالي شمال غزة إلى جنوبها، ثم إلى سيناء ودفع سكان الضفة الغربية؛ لتهجير مماثل تحت ترويع السلاح إلى الأردن وطنا بديلاً.

 

كان صمود المقاومة واستبسالها، رغم فوارق الأعداد والتسليح، دفاعاً حقيقياً عن غزة وسيناء معاً، القضية الفلسطينية والسيادة المصرية بالوقت نفسه .

 

إذا ما ارتفعت أصوات شاردة هنا، تدين المقاومة أثناء الحرب، فإنها تنال بفداحة من الأمن القومي المصري، وسمعة البلد وكرامته في عالمه العربي .

 

هناك فارق جوهري، بين أن تكون إنساناً حقيقياً يرفض الإبادة الجماعية، أو أن تكون معدوم الضمير كقاتل محترف، يستكمل مهمة الجيش الإسرائيلي في ميدان الوعي العام .

 

أياً ما كانت النتائج العسكرية الأخيرة، فإن المقاومة الفلسطينية كسبت الحرب استراتيجياً وأخلاقياً بقوة الصور .

 

إنهم ليسوا أقوياء، ونحن لسنا ضعفاء .

 

هذا استخلاص عام له ما بعده .

 

صناعة الهزيمة منظومة كاملة تداخلت فيها أدوار ومصالح واستراتيجيات وأجهزة استخبارات ووسائل إعلام استهدفت هدم المشروع القومي العربي .

 

كان يفترض أن تطوي مصر، التي انتصرت في أكتوبر صفحة الهزيمة، غير أن ذلك لم يحدث عن سبق إصرار، كأننا لم نحارب، ولم ننتصر، وكأن إسرائيل قوة لا تقهر والهزيمة قدر .

 

بين تحولات السياسة والانقلابات الاستراتيجية نشأت صناعة الهزيمة في الوجدان العام، “ لن نحارب بالنيابة عن الفلسطينيين، والعرب لآخر جندي مصري ”، كما تردد على نطاق واسع في الخطابين الإعلامي والسياسي في سبعينيات القرن الماضي .

 

جرى تسطيح قضية الصراع العربي- الإسرائيلي، وقضية الأمن القومي المصري الذي دافعت عنه قواتنا في حرب أكتوبر قبل أي شيء آخر .

 

أُهدرت التضحيات التي بُذلت في ميادين القتال، واختُلقت طبقة جديدة وصفت في البداية بـ”القطط السمان”، لتساند نوعاً معيناً من السلام مع إسرائيل، كما طالب وزير الخارجية الأمريكي “ هنري كيسنجر ”.

 

استشعر جيل كامل وهب حياته لقضية تحرير بلاده بقوة السلاح الخديعة، فقد حارب من أجل حلم؛ ليستيقظ على كابوس .

 

كانت تلك الهزيمة الحقيقية، التي أرادوا إخفاءها وراء تكريس “عقدة يونيو” في الوجدان العام جيلا بعد آخر .

 

الحملة الممنهجة على الذاكرة الوطنية، امتدت أدوارها إلى الحروب الأخرى .

 

الحروب تقاس بنتائجها السياسية، هذه حقيقة لا يصح المساجلة فيها، وقد خرجت مصر بعد حرب السويس (1956) قوة إقليمية عظمى كلمتها مهابة، ومسموعة في عالمها، لكنه قيل بالافتراء إنها قد هزمت

 

تمددت الحملة الممنهجة إلى صفحات التاريخ، كأنهم أرادوا، أن يقولوا للمصريين والعرب جيلاً إثر آخر :

 

“ لا فائدة ”، سوف تهزمون، إذا ما فكرتم في تحدي القوى الكبرى .

 

اختاروا ثلاثة رموز بالذات للنيل منها بالسب والشتم : “صلاح الدين الأيوبي” “شخصية حقيرة”، و”أحمد عرابي” “فأر هارب”، و”جمال عبد الناصر” “أبو الهزائم”.

 

إذا ما دققت في الأسباب والدوافع، فإن اختيار هذه الأسماء بالذات استهدف المعاني قبل الرجال .

 

ينسب لـ “صلاح الدين” تحريره للقدس ومواجهة الحملة الصليبية.

 

ينسب لـ “أحمد عرابي” نزوعه لاستقلال القرار الوطني، حتى وصفت حركته بـ” ثورة الفلاحين

 

وينسب لـ”عبد الناصر” قيادته لأوسع حركة تحرر وطني في العصور الحديثة، فهو “ زعيم زعماء إفريقيا ” بتعبير “ نلسون مانديلا ” والرمز العروبي الأكبر في التاريخ الحديث كله .

 

نقد الثورات عمل مشروع، لكن الافتراء على التاريخ قضية أخرى.

 

القضية الحقيقية التي لا يصح أن تبهت أبداً ، احترام التاريخ الوطني بكل تضحياته ووقفاته، أيا كانت الأخطاء التي ارتكبت، فهناك ما يسمى “شرف القتال”.

آخر الأخبار
المؤتمر العالمي لمناهضة الفصل العنصري الإسرائيليي دعا إلی تشكيل اتحاد القوی التقدمية الدولي لإنهاء ا... *المقاومة العراقية تستهدف ميناء عسقلان النفطي في جنوب فلسطين المحتلة بصاروخ «الأرقب»* حزب الله والمقاومة اللبنانية تستهدف مواقع العدو وتجمعاته وتحقق إصابات مباشرة تحالف قوى المقاومة الفلسطينية يرفض تولي شركة أمنية أمريكية أو أي جهة غير فلسطينية إدارة معبر رفح..وس... تقرير أممي يوثق جرائم ونازية الإحتلال، تم اعداده بشكل مشترك من 5 منظمات دولية، ومنظمات(حكومية دولية)... قمة التعاون الإسلامي تدعو لمعاقبة"إسرائيل"والتدخل في القضية بمحكمة العدل الدولية..وإنهاء التطبيع..وا... المقاومة العراقية تستهدف قاعدة قاعدة جوية عسكرية للاحتلال الصهيوني في"إيلات"ام الرشراش ومنشأة عسكرية... قراءة لما يجري في غزة وتداعياته على المستويين الاقليمي والدولي, الصراع الى اين..؟ إهتزاز مركز ثقل ال... غزة تغير العالم كدرس في التاريخ..الشعوب أكدت أنها مع غزة والأنظمة اكدت أنها قواعد صهيونية. الكلمة السياسية للرئيس الأسد حول القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الصهيوني، في الإجتماع الموسع للج... مشروع الاتفاق الإطاري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي رعته قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية* عبد المجيد: نحيي الشعب اليمني الشقيق وفصائل المقاومة والقوى والهيئات والفعاليات الوطنية الفلسطينية ت... عمليات حزب الله الرادعة والمتصاعدة تجاه مواقع جيش الإحتلال..وتواصل العمليات النوعية ضد العدو الصهيون... محذرين من اقتحام رفح..حركة أنصار الله تعلن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد ضد "إسرائيل"تحت عنوان (وفا... مصادر عبرية: بلينكن ناقش "الرؤية العربية" لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة وفتح مسار سياسي ... مسؤولون إسرائيليّون يدرسون خطة للإشراف على قطاع غزة بمشاركة مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات ... المبادئ الأساسية لمقترح الاتفاق بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، الاتفاق من 3 مراحل أسا... حزب الله يُعرِّض الجبهة الداخليّة في كيان العدو للخطر الكبير..تهجير سُكّان الشمال انتصار إستراتيجي ل... خارطة طريق من 4 مراحل.. مصدر فلسطيني يكشف تفاصيل الورقة العربية للسداسي الذين اجتمعوا في الرياض لإقا... حركة أنصار الله تبثّ مشاهد غير مسبوقة لقصف سفينة بطائرة مسيّرة قيادة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تلتقي قيادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وتقدم التهاني بإنتها... عبد المجيد في حديث صحفي له اليوم :"الانتفاضة في الضفة الغربية تشكل منعطفا حاسما في الصراع مع الصهيو... القسام يستدرج قوة صهيونية إلى كمين ألغام وسط قطاع غزة ومقتل 3 جنود صهاينة وإصابة 11 ويستهدف قيادة ال... الزلزال الإيراني وبسالة قوى المقاومة الذي ضرب عقيدة التفوّق الإسرائيلي..والمهانة التي شكّلتها الصوار... احتجاجات الجامعات الأميركية والأوروبية ضد دعما لفلسطين وضد الحرب غزة تتصاعد، والتوتر بين الطلاب والش...