متخصص بالشأن الفلسطيني

ما بين إدارة الصراع وحرب التحرير..”المتغيرات تصب في صالح جبهة المقاومة”.

ما بين إدارة الصراع وحرب التحرير..”المتغيرات تصب في صالح جبهة المقاومة”.

حسن أحمد حسن
يشرح الدكتور حسن أحمد حسن في مقاله هذا طبيعة الصراع الحالي الدائر مع العدو، ويفند كل التساؤلات والطروحات التي تحاول الإيحاء بأن جبهة المقاومة في متناولها تحرير فلسطين لكنها تحجم عن إزالة الكيان السرطاني واجتثاثه من الوجود، كما يدحض المزاعم التي تحاول تحميل المقاومة وما كشفته من قدرات مسؤولية ما يصفونه بـ”الكارثة” في غزة، ليخلص إلى وضع النقاط على حروف الصراع، معتبراً أن “المتغيرات تصب في صالح جبهة المقاومة”.

قبل فورة وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار “السوشيال ميديا” واكتساحها غالبية وسائل الإعلام التقليدية كانت إحدى أهم معاناة الكتّاَب والمحللين تكمن في الحصول على المعلومة، والاطمئنان لها للبناء عليها، واليوم غدت المشكلة الأكثر تعقيداً تتبلور في الإغراق بالمعلومات، واختلاط السم في الدسم فعلى مدار الساعة ــ إن لم يكن على مدار الدقيقة ــ يجد المتابع المهتم نفسه أمام سيل جارف من المعلومات والأخبار المسوقة سواء عبر المقالات أو مقاطع الفيديو أو غير ذلك مما يتم نشره وتعميمه، لاقتحام هدوء التفكير، وتعقيد عملية القراءة الموضوعية لخلفيات ما يجري من أحداث وتداعيات محتملة، فلا غض النظر عن كل ذلك يمكن الركون إليه، ولا متابعة كل ما يُنْشَر ممكنة، فضلاً عن الوقت المطلوب هدره لتمييز الغث من السمين، وفوق هذا وذاك، وكما يقول المثل: “فوق الموتة عصَّة القبر” حيث يختلط في المقالة الواحدة ما يصلح لمخاطبة الجمهور وعموم القرَّاء، مع ما يمكن تخصيصه للنخب الفكرية والسياسية، مع ذاك الجزء الذي يجب أن يكون مكرساً لوضع الرؤى والخلاصات والاستنتاجات بشكل أو بآخر على طريق الوصول إلى مفاصل صنع القرار في هذا الطرف أو ذاك، وهذا يعني ازدياد صعوبة ما ينبري له المقاومون الشرفاء بالكلمة والفكرة وتحصين الوعي، وهي المعركة الأشد ضراوة والأكثر خطورة.

يتكرر في الآونة الأخيرة تداول أفكار تبدو عادية، لكنها في منتهى الخطورة، وعلى سبيل المثال لا الحصر يتساءل بعضهم بحسن نية، أم بغير ذلك ويقول بما معناه: إذا كانت المقاومة في غزة استطاعت أن تصمد كل هذه الشهور في مواجهة الكيان وداعميه، وإذا كانت بقية أطراف جبهة المقاومة قادرة وتمتلك ما تستطيع أن تواجه به ترسانة القتل والتدمير الصهيو ــ أمريكية فعلاً، وإذا … وإذا فما السر في تأخر إيران عن الرد على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في قلب عاصمتها؟ ولماذا اكتفى حزب الله بالرد الموضعي؟ وماذا عن رد المقاومة في العراق واليمن؟ ومتى يتم تفعيل جبهة إسناد في سورية؟ وتساؤلات أخرى تشير إلى أن تحرير فلسطين من البحر إلى النهر بات قاب قوسين أو أدنى، أو كأن إزالة الكيان السرطاني واجتثاثه من الوجود في متناول يد جبهة المقاومة اليوم قبل الغد، لكنه يحجم عن ذلك، أو أن ما يتم الإعلان عنه من قدرات المقاومة تهويل أدى إلى كارثة في غزة، وتكاد تتكرر في الضفة الغربية، وتفنيد مثل هذه الطروحات أمر مهم، وإن كان مروجوها لن يعدموا الوسيلة للاستمرار بإعادة ابتلاع ما يتقيؤونه مرة بعد أخرى، وقد يكون من المفيد هنا الإشارة إلى بعض الأفكار التي تساعد على توضيح الصورة أكثر، ومنها:

* لم يسبق لأي طرف من أطراف جبهة المقاومة أن أشار تلميحاً أو تصريحاً ولا حتى همساً بينه وبين نفسه بأن ما يجري مقدمة للدخول المباشر في حرب التحرير، وما استحضار البوارج والأساطيل والمدمرات والغواصات الأطلسية ــ بما في ذلك النووية منها ــ إلا قرينة من قرائن متعددة على من تواجه جبهة المقاومة.

* الفرق كبير بين إدارة الصراع وحسم الصراع، والجميع أصبح على يقين بأن صراعنا مع المحور الصهيو ــ أمريكي صراع وجودي، ومحددات الصراع الوجودي تختلف عنها في بقية أنواع الصراعات الآنية أو المحدودة، فكل ما تفعله المقاومة في شتى جبهاتها ما يزال ضمن الحرب الدفاعية وليس الهجومية، وحتى ملحمة طوفان الأقصى يتم تصنيفها ضمن الدفاع الإيجابي الفاعل وليس الهجوم الهادف لتحرير الأراضي المغتصبة، بل لإجبار العدو ما أمكن على التخلي عن حلمه بإقامة كيانه من النيل إلى الفرات، وواهمٌ من يظن أن من يقف وراء هذا الكيان يعارضه في إحكام السيطرة على كامل المنطقة إذا استطاعوا ذلك.

* ليست أطراف جبهة المقاومة وحدها التي تتعرض للعدوانية الصهيو ــ أمريكية، بل كل من لا يذعن لإرادة متوحشي العصر الذين لا يمتُّون لإنسانية الإنسان بصلة قط، ولعل أبلغ توصيف لحالة الصراع الدولي المزمن قد وردت على لسان الرئيس السوري بشار الأسد في كلمته أمام مجلس الشعب في الدور التشريعي الرابع عندما قال: (صراع الغرب مع بقية العالم، قوى الهيمنة والإرهاب مقابل قوى السيادة والاستقرار…. وبالتالي لا خيار لأحد على الإطلاق أن يتجنب تأثيرات هذا الصراع، كل القطاعات في كل المجالات، في السياسة، في الاقتصاد، في الأمن في الثقافة وفي غيرها..) وأضاف في مكان آخر توضيحاً في منتهى الدقة والصواب عندما قال: (ردة فعل الغرب الهستيرية غير المسبوقة التي أكدت أن “إسرائيل” هي مجرد جزء من مشروع استعماري، إذا سقطت يسقط معها المشروع، وهذا المشروع الذي دائماً نتحدث عنه مشروع نهاية التاريخ..). نعم هم يريدون أن ينتهي تاريخ جميع الشعوب والأمم على بوابات واشنطن، والدور الوظيفي للكيان “الإسرائيلي” إبقاء هذه المنطقة “الجيوستراتيجية” من العالم ضمن المجال “الجيوبولتيكي” الأمريكي، أي السيطرة التامة ليس فقط على غزة والضفة وكامل فلسطين، ولا على ما ورد في الشعار الصهيوني: من النيل إلى الفرات، بل على كامل غرب آسيا وكل إفريقيا، وطالما هذه الحدود التقريبية للمطلوب تنفيذه، فمن الطبيعي أن نرى هذا السعار والهلع والمسارعة لحماية “تل أبيب”، وهذا دليل أيضاً على خطورة ما يحققه المحور المقاوم على أرض الواقع.

•تفجير الصراع بدلاً من المهارة في إدارته في مثل هذه اللحظة التاريخية الحرجة يعني المغامرة بإمكانية التفريط بكل ما تم إنجازه حتى الآن، وهو كبير جداً، والمقامرة بخسارته تعني التنكر للدماء الطاهرة التي سفكت على طريق كسر الصلف والعنجهية “الإسرائيلية” وقد كسرت بحق، ولا قرائن دالة تشير إلى إمكانية تلحيم ما تهشم لا بالأوكسجين الأمريكي، ولا بالصمغ اللاصق الذي تفرزه ماكينات الخيانة والعمالة والتواطؤ لدى بقية الأطراف التي جنّدت نفسها وسخرت إمكانيات بلدانها لخدمة أعداء المنطقة والإنسانية جمعاء.

* إذا استطاعت أطراف محور المقاومة معاً، كل من موقعه وقدراته ومحددات تكامل عمله المثمر أن تحافظ على خمسين بالمئة مما تم إنجازه حتى الآن تمهيداً لخلق البيئة الإستراتيجية الكفيلة بتوفير إمكانية الانتقال من الدفاع الإيجابي إلى الهجوم، فإنها بذلك تكون قد حجزت لنفسها مكاناً متقدماً في النظام العالمي الجديد القادم، لا بل من شأن ذلك أن يسرع ولادة هذا النظام، والعكس صحيح، فقد لا تفكر القوى العظمى المرشحة لشغل القطب المكافئ في الإقدام على خطوة متقدمة في هذا الطريق ما لم تطمئن إلى قدرة جبهة المقاومة على تحصين ما أنجزته، وهذه نقطة في غاية الأهمية، وليست مجرد كلمات تقال.

* قد يكون من المبكر الحديث عن حرب التحرير، لكن القدرة على صيانة بعض ما أنجز، ومنع المحور المعادي من تفريغ المعطيات الميدانية التي فرضها أداء جبهة المقاومة، وحرمان واشنطن و”تل أبيب” من تشويه المنجزات بغطاء سياسي أياً كان ذاك الغطاء هو الأهم اليوم، وهذا يعني أن العنوان الأكثر قلقاً لحكومة نتنياهو اليوم يتبلور باشتعال الضفة الغربية بدلاً من استمرارية الإبادة التدريجية والتنسيق الأمني مع العدو، ومع كل جندي أو مستوطن يستهدفه المقاومون تضعف أكثر فأكثر قوائم الكيان التي استند عليها منذ ما قبل إنشائه، وهنا يصبح الوضع الميداني التكتيكي جزءاً فاعلاً وأساسياً في رسم المعالم الإستراتيجية.

* كل ما نراه أو قد نراه من متغيرات تصب في صالح جبهة المقاومة ما كان له أن يتبلور بهذه الصورة لو استطاعت أعاصير ربيعهم المزعوم أن تجرف سورية كما جرفت غيرها من دول المنطقة، ولو استطاع الخبث البريطاني الأمريكي الصهيوني أن يغير تموضع الدولة السورية لكانت المنطقة برمتها أمام لوحة أخرى مغايرة عمّا نراه اليوم، لكن بفضل تكامل جهود وإمكانيات محور المقاومة مجتمعاً بدأ العالم يتحدث عن نظام عالمي جديد، ومِن حق مَن لهم الفضل في تهيئة ما يلزم ليصبح الحديث عن هذا متاحاً ومقبولاً ـــ من حقهم ـــ أن يحددوا المكانة التي تليق بهم لشغلها بعد الارتدادات العاصفة لتسونامي انكسار مشروع “نهاية التاريخ”.

آخر الأخبار
مجلس عزاء للشهيد الدكتور شوقي العودي الذي أقامته الجالية اليمنية بدمشق 5 أعراض واضحة تنبئ بنهاية "إسرائيل"..الهروب نحو الأمام، كم سنة متبقية لتسقط نهائياً قوات الإحتلال الإسرائيلية عاجزة تماما عن التقدم البري في جنوب لبنان بسبب التكتيك الدفاعي لـ”حزب الله... *بعد تساؤلات عن "اختفائه".. الحرس الثوري الإيراني يحسم مصير قاآني،"بخير وسيستلم وساما"من السيد علي ا... اذا صحت التسريبات هل اختبرت ايران قنبلة نووية وأجرت الانفجار في صحراء البلاد..ومتى سيعلن السيد الخام... عملية طعن في الخضيرة شمالي "تل أبيب"..وإصابة 8 من المستوطنين 5 جروحهم خطيرة *مسيرات مليونية في صنعاء والمدن اليمنية إحياء للذكرى الأولى لانطلاق عملية "طوفان الأقصى"وتأكيداً على... الآلاف في الرباط والمدن المغربية يجددون دعمهم للمقاومة في فلسطين ولبنان في ذكرى طوفان الأقصى مسيرات مظاهرات تطوف العالم دعما لفلسطين ولبنان وتنديداً بحرب الإبادة والجرائم الصهيونية في الذكرى ال... الحرب على لبنان..الاحتلال يجدد قصفه الجنوني للضاحية الجنوبية بعد فشله في الدخول البري، وحزب الله يقص... *أكبر هجوم للقوات المسلحة اليمنية على البوارج الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر إصابة عشرات الأشخاص جراء سقوط صواريخ حزب الله في حيفا وطبريا وعدة مناطق شمال الأراضي الفلسطينية المح... *عراقجي لقادة فصائل المقاومة الفلسطينيةبدمشق: لايمكن فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة, وإيران لن تتخلى عن ... مسيرات جماهيرية في المخيمات الفلسطينية بسورية عدوان أمريكي-بريطاني على اليمن غارات على 4 محافظات يمنية..وحركة أنصار الله تتوعد واشنطن ولندن بـ"رد ... *الولايات المتحدة الأمريكية تريد استغلال الحرب على حزب الله لانتخاب جوزيف عون رئيساً للبنان* *خالد عبد المجيد الأمين العام لجبهة النضال الفلسطيني للوفاق: المقاومة فكرة خالدة..وعقيدة لكل حر لا ت... فصائل المقاومة الفلسطينية تقيم مجلس عزاء وتبريك لروح الشهيد السيد حسن نصرالله والقادة ‏الشهداء قادة وممثلو فصائل المقاومة الفلسطينية يقدمون واجب العزاء والتبريكات باستشهاد السيد حسن نصر الله مع بدء دخول بري محدود.. "إسرائيل"لا تستطيع القيام باجتياح واسع..حزب الله بإنتظار جيش الإحتلال..تطورا... إدارة بايدن تُكلّف مصر بوضع وثيقة ما بعد وقف إطلاق النار في غزة..اتصالات ومُشاورات مع قطر والإمارات ... الفلسطينيون في مخيمات لبنان يفتحون قلوبهم قبل بيوتهم لإغاثة أشقائهم اللبنانيين حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية: العدوان الصهيوني على اليمن وسوريا ولبنان “تصعيدا خطيرا و استمرار لل... *الأسد: الشهيد السيد نصر الله سيبقى في ذاكرتنا وفاءً لوقوفه على رأس المقاومة الوطنية اللبنانية إلى ج... اغتيال نصر الله..كيف سيؤثر على مستقبل حزب الله ومحور المقاومة ومشهد الصراع في المنطقة..؟