عاماً على إحراق الأقصى.. والنيران لا زالت مشتعلة..والمقاومة متصاعدة..والصمت والتواطؤ العربي والغربي مستمرًا.*
54 عاماً على إحراق الأقصى.. والنيران لا زالت مشتعلة..والمقاومة متصاعدة..والصمت والتواطؤ العربي والغربي مستمرًا.*
القدس: 54 عاما مرت على إحراق المسجد الأقصى المبارك، صحيح أن الحريق أُخمد، ومرت سنوات طويلة علي، إلا أنه لا زال مشتعلاً، ولا تزال نيران الحقد الصهيوني تشتعل بأشكال مختلفة، في ثالث أقدس مسجد للمسلمين ، وقبلتهم الأولى.
ففي مثل هذا اليوم الحادي والعشرين من آب/ أغسطس، من عام 1969، أحرق الصهاينة المسجد الأقصى المبارك عام 1969.
وفي التفاصيل، أشعل اليهودي الصهيوني الإرهابي دينيس مايكل روهان، النيران عمدا في المسجد الأقصى المبارك، ليشعل حريقاً كبيراً التهم أجزاء كبيرة وكمهمة من معالمه، وعلى رأسها منبر صلاح الدين الأيوبي.
وبلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجمالية، حيث احترق ما يزيد عن 1500 متر مربع.
وتبلغ مساحة المسجد الأقصى، 144 دونماً تشمل المسجد القِبلي الأمامي، ومسجد قبة الصخرة المشرفة، والمصلى المرواني، ومصلى باب الرحمة، وكذلك المساطب واللواوين والأروقة والممرات والآبار والبوابات الخارجية وكل ما يحيط بالأقصى من الأسوار والجدران الخارجية بما في ذلك حائط البراق.
أضرار كبيرة وإفلات من العقاب
وأحدثت النيران ضررا كبيرا في بناء المسجد الأقصى المبارك وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق، وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة.
وتضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية، وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبس والزجاج الملون، واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية.
وتزامنًا مع الحريق، قطعت قوات الاحتلال، الماء عن المصلى القبلي ومحيطه، وتباطأت في إرسال سيارات الإطفاء، ما دفع الفلسطينيين إلى إخماد النيران، بملابسهم وبالمياه الموجودة في آبار المسجد الأقصى.
وزعمت سلطات الاحتلال أن الحريق كان بفعل تماس كهربائي، لكنّ مهندسون عرب أثبتوا أنه تم بفعل فاعل، ما أجبر الاحتلال على اعتقال “روهان” وتقديمه للمحاكمة، ولم يمض وقت طويل حتى ادّعى أنه “معتوه” ثم أطلقت سراحه.
وبعدٍ عامٍ من الحريق، بدأت أعمال الترميم فيه بإشراف دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية.
واستمرت أعمال الترميم حتى عام 1986، فأزيل الطوب واستؤنفت الصلاة في الجزء الجنوبي من المسجد، ووضع بدل منبر نور الدين زنكي منبر حديدي عام 2006.
بلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجمالية، حيث احترق ما يزيد عن 1500 متر مربع
حرائق مشتعلة
ومنذ عام 2003، سمحت سلطات الاحتلال للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى من خلال باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد.
ومنذ ذلك الحين يقوم آلاف المستوطنين الصهاينة باقتحام المسجد يوميا ما عدا الجمعة والسبت من كل أسبوع، وسط استفزازات للمصلين وحراس المسجد.
وخلال العام الماضي 2022، رفع المستوطنون وجماعات الهيكل المزعوم وتيرة الاقتحامات اليومية، حيث اقتحم المسجد الأقصى قرابة 56 ألف مستوطن بحماية شرطة الاحتلال والقوات الصهيونية الخاصة.
وفي المقابل، وخلال نفس العام، أصدرت سلطات الاحتلال نحو 780 قرار إبعاد عن المسجد الأقصى لفتراتٍ تراوحت بين أسبوع و6 أشهر، وهو الأعلى منذ بدء العمل بهذه السياسة عام 2013.
ومن أبرز الشخصيات التي استهدفها الاحتلال بالإبعاد، رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، ونائب رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية بالقدس ناجح بكيرات، ومدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني، والباحث في الشأن المقدسي جمال عمرو وزوجته المرابطة زينة عمرو، والمعلمة هنادي الحلواني.
ومؤخراً كشفت صحف عبرية، عن مخطط لعضو الكنيست الصهيوني عن حزب الليكود عاميت هليفي، يهدف لتقسيم المسجد الأقصى.
وتنص خطته على السيطرة على قبة الصخرة وتحويلها إلى مكان عبادة لليهود، بالإضافة للمنطقة الشمالية من باحات المسجد، في الوقت الذي سيسمح فيه للمسلمين بالصلاة في المصليات الجنوبية ومرافقها فقط.
وزعم هليفي أن سبب التركيز في السيطرة على قبة الصخرة هو أن “الهيكل الأول والثاني موجود تحتها”.
وتشمل الخطة أيضًا السماح لليهود باقتحام الأقصى عبر جميع البوابات وعدم الاكتفاء بباب المغاربة كما هو الحال اليوم، بالإضافة إلى إلغاء الرعاية الأردنية للمسجد الأقصى وإلغاء أي مكانة للأردن على الأماكن المقدسة.
وخلال العام الماضي 2022، اقتحم المسجد الأقصى قرابة 56 ألف مستوطن، في مقابل إصدار سلطات الاحتلال نحو 780 قرار إبعاد عنه لفتراتٍ تراوحت بين أسبوع و6 أشهر
وفي خطوات يبدو أنها انتقال فعلي ميداني من مرحلة التخطيط والتهديد والتمهيد، إلى التنفيذ الفعلي المشفوع بخطوات عملية، جلبت الجمعيات الصهيونية وبتمويل حكومي رسمي خمس بقرات حمراء لحرقها في الأقصى ونثر رمادها إيذانا ببدء طقوس إقامة ما يسمى “الهيكل الثالث”.
و كشف تحقيق صحفي صهيوني أن عدة وزارات حكومية تخصص موارد مالية طائلة لتنفيذ مشروع يهدف لبناء معبد يهودي ثالث في المسجد الأقصى.
ويزعم مروجو المشروع، بمن فيهم الحاخام يسرائيل آريئيل من حركة “كاخ” العنصرية أن هذا الإجراء سيسمح بـشرعنة ما وصفها بالهجرة الجماعية للمستوطنين اليهود إلى المسجد الأقصى.
وفي مقابل كل هذا تمنع سلطات الاحتلال الصهيوني أي عمليات إعمار داخل المسجد الأقصى المبارك، رغم أهميتها والحاجة الماسة إليها.
وخلال خطبة الجمعة الماضية، قال خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري إن الأقصى يحترق بشكل دائم وبصور متعددة.
وجدد خطيب الأقصى التأكيد على أن الأقصى للمسلمين وحدهم، لا يخضع للقسمة والتفاوض والتنازل.
وبات واضحاً أن المسجد الأقصى هو صاعق التفجير لأي معركة يخوضها الشعب الفلسطيني، ضد الاحتلال الصهيوني، والمحرك الأول لعمليات المقاومة البطولية التي باتت تقض مضاجعهم مع كل اعتداء أو تطاول على المسجد الأقصى المبارك.
صحيح أن الحرائق التي يصنعها الاحتلال في المسجد لا تزال تشتعل، إلا أن المقاومة الفلسطينية يبدو أنها قررت أن تنقل هذه النيران إلى عمق كيان الاحتلال، وتحول حياة مستوطنيه الجبناء إلى جحيم حتى يرحلوا عن الأرض الفلسطينية وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى المبارك.