إيكونوميست: هل تحاول إسرائيل دق إسفين بين حركات المقاومة في غزة؟
إيكونوميست: هل تحاول إسرائيل دق إسفين بين حركات المقاومة في غزة؟
قالت مجلة “إيكونوميست” إن المشروع الإيراني في المنطقة لا يزال قويا وإن جماعاتها الوكيلة في الشرق الأوسط هي قوة يحسب لها حساب. ففي الوقت الذي دكت فيه المقاتلات الإسرائيلية قطاع غزة المحاصر لمدة خمسة أيام، كان المسؤولون الإسرائيليون يحاولون التأكيد أنهم لا يستهدفون سوى جماعة الجهاد الإسلامي، فهذه الجماعة الراديكالية الصغيرة تحظى بدعم وتمويل من إيران. حيث كانت الاستراتيجية الإسرائيلية واضحة، فقد أرادت إبقاء حركة حماس الجماعة الكبرى التي تسيطر على القطاع خارج المواجهة، وهذا لأن الحركة لديها ترسانة أكبر من الصواريخ وقدمتها إيران لها وهي قادرة على شل الحياة في إسرائيل بفعالية أكثر.
وفعلت الاستراتيجية فعلها، فقد ظلت حماس خارج القتال حتى التوصل لاتفاق إطلاق النار برعاية مصرية. وتأمل إسرائيل أنها دقت إسفينا بين حلفاء إيران على حدودها.
وأدت صفقة إطلاق النار إلى إعادة الجهود الإيرانية لاستخدام وكلائها من أجل دعم طموحاتها الإقليمية وضرب، وإن بطريقة غير مباشرة عدوتيها الأساسيتين، إسرائيل وأمريكا.
وظلت الجماعات الوكيلة عن إيران مفتاحا أساسيا في جهودها، ففي الثمانينيات من القرن الماضي لعب حزب الله اللبناني ومنظمة بدر العراقية دورا مهما في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية. وأظهرت قوتها من خلال دعمها للحوثيين الذين تحدوا السعوديين في اليمن وكذا حزب الله والجماعات الفلسطينية.
وتحقق تلك الجماعات أيديولوجية ومهمة تصدير الثورة الإيرانية وتخدم كأداة ضغط دبلوماسي، كما يقول بنهام بن طاليبو، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية في واشنطن. وأصبحت مهمة أكثر مع تحسن علاقات إسرائيل بجيرانها من خلال اتفاقيات “أبراهام” في عام 2020. ونجحت إسرائيل وعبر القوة الجوية في حرمان إيران من قاعدة عسكرية دائمة في سوريا. ولكنها فشلت بمنع وكلاء إيران، حزب الله وحماس من بناء ترسانات عسكرية كبيرة في كل من لبنان وغزة. ومع أنها قد لا تمثل تهديدا وجوديا على إسرائيل إلا أنها تمثل خطرا كافيا يدفعها لعقد اتفاقيات هدنة غير رسمية معها.
وفي عملياتها الثلاث الأخيرة في غزة لم تستهدف إسرائيل حماس. ومثل ذلك ومنذ حربها في 2006 ضد حزب الله، فقد اتفق الطرفان على تجنب المواجهة في لبنان، مع أنها قد يواجهان بعضهما البعض على الأراضي السورية. وهناك محدودية للقوة الإيرانية وجماعاتها الوكيلة “في النهاية لم يستطع حزب الله والجماعات الشيعية المسلحة الأخرى إنقاذ نظام الأسد”، كما تقول راز زيميت المراقبة لإيران في معهد الأمن القومي بإسرائيل التابع لجامعة تل أبيب. وكان عليها أن تنشر قواتها الخاصة وفي عام 2015 ناشدت روسيا التدخل وإنقاذ الأسد. وفي اليمن، فإنها دعمت الحوثيين لإزعاج السعودية وحلفائها، إلا أن بعض الهجمات ضد السعودية قامت بها إيران على ما يعتقد.
وفي الوقت الذي ترحب فيه جماعات إيران الوكيلة مثل حماس بدعم رعاتها إلا أن لديهم أجندتهم الخاصة التي لا تتوافق مع المصالح الإيرانية. وتهتم هذه الجماعات وبشكل طبيعي بمصالح قواعدها المحلية، وهي بالضرورة ليست مستعدة لكي تنفذ ما تريده إيران.
ومثل حركة الجهاد الإسلامي تحصل حماس على دعم من إيران، ولكنها خلافا للجهاد مسؤولة عن إدارة الحياة االيومية في القطاع. وتأمل يوما في قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية. ونتيجة لهذا، فحماس منقسمة عندما يتعلق الأمر بإيران، فهناك بعض العناصر الذين يدعمون علنا الجمهورية الإسلامية، أما البقية بمن فيهم يحيى السنوار زعيم حماس في غزة فيحاولون تقليل الاعتماد على إيران. وساعدت إسرائيل على هذا الانقسام من خلال تخفيف الحصار الذي فرضته على القطاع مع مصر وسمحت بدخول 20,000 من العمال في غزة يوميا إلى إسرائيل حيث يحصلون على أموال يحتاجونها هناك. ولأن السنوار يمقت خسارة هذا فقد كان مترددا في الانضمام إلى البنية المشتركة التي أرادت إيران خلقها على حدود إسرائيل.
ولعل أهم مظهر ضعف في استراتيجية إيران نابعة من الداخل، فاستثمار الأموال القليلة وسط انهيار اقتصادي أثار حنق الإيرانيين.
ورغم الدور الذي تلعبه الجماعات الوكيلة في السياسة الإيرانية الخارجية إلا أن موقعها في المنطقة تعزز بطرق تقليدية أخرى.
ففي 10 آذار/ مارس وافقت إيران على استئناف العلاقات الخارجية مع السعودية على أمل إنهاء عزلتها الاقتصادية. وسيحاول آخرون الضغط ضد إيران ومنعها من زعزعة استقرار المنطقة. وعلى المدى البعيد فستصبح الجماعات الوكيلة عقبة أمام إيران وليس وسيلة قوة.