في ذكرى إتفاق أوسلو ….
في ذكرى إتفاق أوسلو ….
سلمان أبو ستة: أوسلو جريمة أكبر وأخطر من وعد بلفور، وإسرائيل شنت 11 حربا ولم تستطيع محو الذاكرة الفلسطينية.
يهتم المهندس والمثقف الفلسطيني سلمان أبو ستة بالتوثيق لقضيته الفلسطينية، ويكشف لبرنامج “المقابلة” أن جمعه الوثائق هو للرد على 11 حربا شنتها إسرائيل على الفلسطينيين لمسح ذاكرتهم وتاريخهم وجغرافيتهم.
وقد كرس أبو ستة حياته للقضية الفلسطينية وتبنى التأريخ لها في مرحلة ما قبل وما بعد الاحتلال، عاش النكبة عام 1948 وعاصرها، ودفعته ذاكرته الطفولية التي لم تستوعب ما حصل إلى الكتابة والبحث عن العدو الذي جاء من وراء البحار البعيدة ليغتصب الأرض الفلسطينية ويقتل ويشرد أهلها.
انطلق في مهمة البحث عن الوثائق الفلسطينية من بريطانيا، ثم ذهب إلى فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية، واستمرت جهوده سنوات طويلة، لكنها أثمرت بحصوله على صور ووثائق تثبت تاريخ وهوية فلسطين، ويكشف أنه حصل على 5 آلاف صورة جوية لفلسطين من وثائق بريطانية.
ويقول أبو ستة -الذي حل ضيفا على حلقة (2022/9/11) من برنامج “المقابلة”- إنه توصل عبر البحث والتقصي إلى معرفة أسماء الضباط الذين سلبوا أراضي الفلسطينيين، وهم ألماني وروسي وأوكراني، واستطاع أن يعرف أصلهم وتاريخهم.
ويذكر أن حادثتين دفعتاه لتوثيق التاريخ الفلسطيني، الأولى أن البريطانيين أخبروه عندما ذهب إليهم أنه لا توجد وثائق عن فلسطين، والأخرى تسجيله كشخص بلا وطن في بطاقة إقامته ببريطانيا.
ويوضح أبو ستة كيف تآمرت الدول الأوروبية على فلسطين التي كانت جزءا من الدولة العثمانية الإسلامية، وذلك بزرع خرافة أنها أرض بلا شعب لتبرير طرد اليهود من أوروبا.
ويؤكد أنه رغم أن هذه الدول تعلم أن فلسطين مأهولة بالسكان لأنها كانت ترسل الرحالة والجواسيس فإنها حولتها إلى أرض بلا شعب لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وعلى أساس هذا الطرح كان وعد بلفور المشؤوم.
ومن المفارقات أن فرنسا وافقت على أن فلسطين أرض بلا شعب، لكن المفكر والمستكشف الفرنسي فيكتور غوران ألّف 6 مجلدات عن فلسطين عام 1850.
11 حربا شنتها إسرائيل على الفلسطينيين
ويكشف أبو ستة أن رئيس وزراء المملكة المتحدة آرثر جيمس بلفور في ذلك الوقت هو الذي كان عام 1902 مسؤولا عن إصدار قانون يمنع دخول اليهود الأوروبيين إلى إنجلترا، ولذلك وجد الفرصة سانحة للتخلص من اليهود وإرسالهم إلى فلسطين، ليقيموا مستعمرة غربية تدعم النفوذ الغربي في المنطقة.
وفي السياق نفسه، يؤكد المهندس الفلسطيني أن الصهيونية لم تطلب فلسطين لتكون أرضا لليهود وحاولت اختيار سيناء، لكن السلطة البريطانية التي كانت تحكم مصر نصحتهم بغير ذلك بحجة أنهم سيصبحون مواطنين عثمانيين، ومن المناطق التي كانت مخصصة للاستيطان اليهودي هناك روسيا والأرجنتين وأفريقيا، إضافة إلى سيناء.
من جهة أخرى، يؤكد أبو ستة -وهو رئيس هيئة أرض فلسطين- أن إسرائيل شنت على الفلسطينيين 11 نوعا من الحرب غير الحرب العسكرية، فهناك طمس رواية الضحية، حيث اقترفت مذابح بحق الفلسطينيين دون أن تخضع للمحاسبة والعقاب.
وهناك طمس التاريخ والكتب الدراسية، فإسرائيل لا تذكر شيئا عن ألفي سنة سابقة من أيام سيدنا المسيح إلى الوجود العربي والإسلامي، وهناك أيضا طمس الجغرافيا، إذ توجد أطالس تضم 55 ألف اسم لأماكن فلسطينية، لكن الاحتلال طمسها ووضع مكانها 6800 اسم إسرائيلي، وهناك حرب التراث التي تعمل إسرائيل من خلالها على تدمير الآثار في فلسطين أو تهويدها.
وتوجد أيضا الحرب السياسية والقانونية، فكل القرارات التي صدرت لصالح الشعب الفلسطيني عملت عليها أميركا ودول أوروبا “الفيتو”، بالإضافة إلى الحرب الاقتصادية بتحويل الضفة الغربية إلى مستعمرة اقتصادية.
أما الحرب الأخرى التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين -حسب أبو ستة- فهي حرب الإبادة الطبية البطيئة، والتي تركز فيها على استهداف الشباب الذين يشاركون في المظاهرات على خط الهدنة في غزة بقنص ركبهم حتى تجعلهم عاجزين.
وعلى صعيد آخر، يحمّل ابن بئر السبع في جنوب فلسطين اتفاق أوسلو ما آلت إليه الأوضاع في فلسطين، ووصف الاتفاق بأنه جريمة أكبر وأخطر من وعد بلفور، لأن الموقف الفلسطيني في المراحل السابقة كان ضد الصهيونية ويطالب بحق الفلسطينيين في وطنهم، وكان جزءا من نسيج عربي، وأن الشعب الفلسطيني لم يوافق عليه وعلى نتائجه، وقد تراكمت الكوارث جراء أوسلو حتى وصلت اليوم إلى حد بلغ فيه السيل الزبى.