إشكالية المسافة بين مقاومة الشعـب الفلسطينـي وفصائلـه الوطنيـة
لم يزل الشعب الفلسطيني يخترق الحواجز الاستراتيجية المانعة والكابحة لنضاله الوطني في مواجهة الكيان الصهيوني, ولا يكاد يمر يوم إلا ويفاجئنا هذا الشعب بقدرته على النهوض والتموضع من جديد كفاحياً أمام القوّة الاسرائيلية الغاشمة من جهة والعجز القيادي الفلسطيني من جهة ثانية, فقد حطّم وتجاوز كل خطوط الدفاع التي أقامها الكيان الصهيوني أمام إمكانية نهوضه وثورته وانتفاضاته, وحطّم كل نظريات الأمن وتطبيقاتها على الأرض التي اعتمدها الكيان وحلفائه الدوليين والمحليين, وقفز على كل المصدّات السياسية واحدة تلو الأخرى التي وضعت أمام يقينياته الوطنية والثورية وحتمية انتصاره الاستراتيجي على الكيان, فقد كانت أوسلو بكل “أزاهيرها” الإعلامية والسياسية قد لعبت بعقول البعض القيادي والبعض من الجمهور الفلسطيني الذي تم العمل على ترويضه ودفعه إلى التكيّف مع واقع أوسلو…
لقد تخطّى الشعب الفلسطيني هذه المحطة الأوسلوية بانتفاضة الأقصى وبانتفاضة السكاكين والدهس وبالعديد من الهبّات الشعبية, وتخطّى خارطة الطريق التي أرادت أن تصنع إنساناً فلسطينياً على مقاس “دايتون” إنساناً مختلفاً في الوطنية والهوية والانتماء, وسقطت الخارطة تحت قوة الإيمان وصلابة الانتماء, وتدحرجت أمام صموده صفقة العصر وأدواتها العربية والدولية, ووقف الشعب الفلسطيني وحده مع أحرار الأمة أمام طوفان التطبيع والتتبيع من الأنظمة العربية…
واليوم نحن أمام مشهد سريالي مقاوم يعجز أعظم الرواة وكتّاب التاريخ أن يسرد ما يحدث في الميدان من مقاومة وإقدام واستشهاد وإدماء للكيان بجنوده ومستوطنيه, فمن معركة سيف القدس وتعبيراتها السياسية والعسكرية والشعبية على مستوى الوطن من أقصاه إلى أقصاه, إلى نفق الحرية, الذي أذهل العالم في بنائه بالملعقة والشوكة والصبر الأيوبي…إلى خرق الجغرافيا الفلسطينية الآمنة في النقب, وضرب الكيان من حيث لا يحتسب وإلى الأسود المنفردة من الشباب المتفجّر غضباً وإقداماً على الإطاحة بجنود ومستوطنين الكيان, هنا لا يعوزنا التأكيد والقول أن هذا الشعب يرسم مستقبله بأكبر قدر ممكن من مداد الدم, وأكبر قدر من الإرادة الاستثنائية أمام موجات التسونامي العاتية, السياسية والإعلامية والعسكرية التي يتعرض لها منذ سنوات…
هذا المشهد الاستراتيجي البانورامي…كيف نفهمه…؟؟
أولاً: المباركة للعمليات الفدائية: إن هذا المشهد المقاوم للشعب الفلسطيني يرسم خطاً فاصلاً بينه وبين قيادته وفصائله, مما يؤشّر على هبوط كفاحي وسياسي لدى الفصائل الفلسطينية, وغرقها في لجّة أزماتها وخلافاتها وصراعاتها الداخلية, في حين أن الحالة الجماهيرية تتقدّم الصفوف في المواجهة على الفصائل التي تملك قوّة المال والإعلام والخطاب, ومن غرائب المسافة بين الحالة الجماهيرية وبين الفصائل, أن الأولى تقدّم الدم والثانية تقدّم الإدانة للعدوان أو المباركة للعمليات الفدائية, إن الفصائل المقاومة ليس وظيفتها إدانة العدوان إنما مقاومة العدوان, فهي جزء من المعركة وليست طرفاً محايداً, حتى يستمر خطاب الإدانة…
ثانياً: إن هذا المشهد وفصوله في المقاومة هو الذي يرسم الخط السياسي الاستراتيجي ويضع البرنامج السياسي والكفاحي للشعب الفلسطيني في معركته الوجودية وليس فذلكة التنظير, وأدبيات الفصائل في الرؤى والبرامج, وهنا يتجدد الحد الفاصل بين التنظير وممارسة المقاومة…
ثالثاً: الانتفاضة قائمة: إن الحديث المتواتر عن الانتفاضة الثالثة, هو رغبة نمطية لما يجب أن تكون عليها المواجهة مع الكيان, أي أن المطالبة بالانتفاضة الثالثة, يجب أن تكون متماثلة مع أسبابها ومساراتها ونتائجها مع الانتفاضات السابقة, وهذا غير ممكن, فالظروف التي أنتجت الانتفاضة الأولى ليست هي ذات الظروف التي أنتجت انتفاضة الأقصى, ومسارات الأولى ونتائجها, لا تتماثل مع مسارات الثانية ونتائجها, في حين تجمعهما المشاركة الشعبية الواسعة وعنفوان المواجهة, فالأولى شعبية والثانية عنفية, بيد أن كلاهما مقاومة, ومشهد اليوم من المقاومة هو شكل آخر من الانتفاضة, قد لا يتماثل مع سمات الأولى والثانية, ولكنه في الجوهر انتفاضة لها سماتها, فالتحولات التي أوجدها الاحتلال في الضفة والقطاع ستطبع آثارها على شكل وطرائق أشكال المواجهة مع الاحتلال, فـ غزة اليوم ليست تحت الاحتلال المباشر ولكنها تحت الحصار, والاحتلال أقام الجدار العنصري العازل, وحوّل المدن والقرى إلى معازل لوقف التواصل بين التجمّعات السكانية, وفرض الطرق الالتفافية في كل مدن الضفة, وأغرقها بالمستوطنات, والأمن الفلسطيني أصبح متعاوناً مع الاحتلال لوقف المقاومة, والسلطة الفلسطينية شرعنت التنسيق مع الاحتلال و (م.ت.ف) تهمشت وتحولت إلى متفرّج وفي أحسن الأحوال (شاهد ما شفش حاجة…!!! ) واستشرى المال السياسي في الأوصال لنشر الفساد وكسر دافعية المواجهة…
كل هذه المتغيرات ما بعد الانتفاضة الثانية, رسمت وسترسم الشكل الجديد للمواجهة والمقاومة مع الكيان, وليس بالضرورة أن يكون هو ذات الشكل والمحتوى للانتفاضة الأولى أو الثانية, فالواقع الموضوعي وعلى الأرض, يفرض طبيعة المواجهة وسماتها, وعليه يمكن القول أن تصاعد العمليات الفدائية اليوم وتنقّلها من مكان إلى مكان, والتفاف الجماهير, والرأي العالم الفلسطيني من حولها, قد يكون الشكل الجنيني الشعبي والعنفي في المواجهة مع الكيان, في ضوء ذلك فإنّ المطالبة بانتفاضة ثالثة, هو مطلب وتجسيد لتفكير نمطي لا يعي طبيعة المتغيرات الراهنة والقادمة, فما يحدث اليوم هو انتفاضة حقيقية يرسمها الواقع ولا ترسمها الفصائل بمطالباتها ورغباتها الانتظارية…
فالانتظار والرغبة أن تأتي لحظة الانتفاضة الثالثة, هو شكل من أشكال العجز في الرؤية والممارسة, وغياب الواقعية الكفاحية لتأسيس إدامة المقاومة بصرف النظر عن أشكالها…
رابعاً: بعد استراتيجي جديد: أن احد أهم التحولات التي حدثت في السنة الأخيرة, تلك الهبّة الجماهيرية في أراضي 48, وارتفاع منسوب التحوّل الكبير في الفعاليات الشعبية الفلسطينية, هذا التحوّل النوعي قد أضاف بعداً آخر, واستراتيجي على مبنى المقاومة وتناغمها زمنياً ومكانياً, فالأمن الاسرائيلي لم يعد مفقوداً في الضفة فقط, وإنما مفقوداً في قلب الكيان العنصري, مما يضيف عبئاً آخر على الكيان, عبئاً أمنياً وقلقاً واستنفاراً مستمراً, ومن جهة أخرى فإن هذا التحوّل في أراضي 48, أظهر مدى تمسّك الشعب الفلسطيني بهويته الوطنية, وبحقّه التاريخي في وطنه, حيث لم تتمكن نار النكبة من أربعة وسبعون عاماً أن تأكل أو تذيب هوية ووطنية هذا الجزء من شعبنا, ولم تستطع أن تصهر إيمانه وعناده في المقاومة لجهة الأسرلة أو القبول بالكيان, وهنا يتبدّى الدرس الاستراتيجي, الذي يجب أن تلتقطه القيادة الفلسطينية التي لم تعي حركة الوعي الفلسطيني الشاملة في تجسيد الهوية والمقاومة ورفض واقع الكيان, وأن محاولة الكيان أو سياسات دايتون في صناعة الإنسان الفلسطيني الجديد ليست إلا عبثاً, ونسج خيال في بيئة التسويات والسقوط الوطني, بيد أن الإنسان الفلسطيني الحقيقي هو ذاته الذي عاصر ثورة البراق, وثورة 36, وحرب 48 والنكبة, هو ذاته صاحب الثورة الفلسطينية المعاصرة, وذاته صانع الانتفاضة الأولى والثانية, واليوم هو صانع أكبر أشكال المواجهة مع الاحتلال…
خامساً: إن أفق الصراع مفتوحٌ على مصاريعه العنفية الكفاحية والشعبية والسياسية , تحت منطق القاعدة الثورية الذهبية القائلة (ما دام هناك احتلال هناك مقاومة) فالواقع على الأرض والمسار الوطني, ونضالات شعبنا تقول أن هذا الشعب لم يتعب من الكفاح والنضال, وهذا يمثل عاملاً هاماً في استمرار المقاومة الملائمة لكل مرحلة…
والواقع أيضاً يقول أن الاحتلال وكيانه العنصري لم يستطع أن يخلق حتى اليوم بيئة آمنة في كل مدن وقرى فلسطين, وهو الكيان المستنفر بعديد قواته وجنوده ومستوطنيه, على مدار الساعة واليوم والشهر والسنة, مما يجعل هذا الكيان متآكل معنوياً وسياسياً ووعياً, لأنه ليس صاحب حق, وهذا عامل آخر يجعل من فعل المقاومة أمراً ضرورياً لاستمرار تآكل الكيان الداخلي والخارجي…
أما بشأن السلطة الفلسطينية, ووظيفتها اليوم التعايش والتنسيق مع الاحتلال, فكل المؤشرات الموضوعية والذاتية, تفضي إلى أن وجودها بهذه الوظيفة وهذا التشابك مع الكيان لن يستمر طويلاً, فالعلاقة بين الرأي العام الفلسطيني والسلطة الفلسطينية, تحوّلت إلى علاقة شك واتهام, مما يخلق واقع سياسي وشعبي جديد ومختلف قد يساهم في نهوض الحالة الجماهيرية والمقاومة…
إشكالية المسافة بين مقاومة الشعـب الفلسطينـي وفصائلـه الوطنيـة
بقلم : أبو علي حسن
لم يزل الشعب الفلسطيني يخترق الحواجز الاستراتيجية المانعة والكابحة لنضاله الوطني في مواجهة الكيان الصهيوني, ولا يكاد يمر يوم إلا ويفاجئنا هذا الشعب بقدرته على النهوض والتموضع من جديد كفاحياً أمام القوّة الاسرائيلية الغاشمة من جهة والعجز القيادي الفلسطيني من جهة ثانية, فقد حطّم وتجاوز كل خطوط الدفاع التي أقامها الكيان الصهيوني أمام إمكانية نهوضه وثورته وانتفاضاته, وحطّم كل نظريات الأمن وتطبيقاتها على الأرض التي اعتمدها الكيان وحلفائه الدوليين والمحليين, وقفز على كل المصدّات السياسية واحدة تلو الأخرى التي وضعت أمام يقينياته الوطنية والثورية وحتمية انتصاره الاستراتيجي على الكيان, فقد كانت أوسلو بكل “أزاهيرها” الإعلامية والسياسية قد لعبت بعقول البعض القيادي والبعض من الجمهور الفلسطيني الذي تم العمل على ترويضه ودفعه إلى التكيّف مع واقع أوسلو…
لقد تخطّى الشعب الفلسطيني هذه المحطة الأوسلوية بانتفاضة الأقصى وبانتفاضة السكاكين والدهس وبالعديد من الهبّات الشعبية, وتخطّى خارطة الطريق التي أرادت أن تصنع إنساناً فلسطينياً على مقاس “دايتون” إنساناً مختلفاً في الوطنية والهوية والانتماء, وسقطت الخارطة تحت قوة الإيمان وصلابة الانتماء, وتدحرجت أمام صموده صفقة العصر وأدواتها العربية والدولية, ووقف الشعب الفلسطيني وحده مع أحرار الأمة أمام طوفان التطبيع والتتبيع من الأنظمة العربية…
واليوم نحن أمام مشهد سريالي مقاوم يعجز أعظم الرواة وكتّاب التاريخ أن يسرد ما يحدث في الميدان من مقاومة وإقدام واستشهاد وإدماء للكيان بجنوده ومستوطنيه, فمن معركة سيف القدس وتعبيراتها السياسية والعسكرية والشعبية على مستوى الوطن من أقصاه إلى أقصاه, إلى نفق الحرية, الذي أذهل العالم في بنائه بالملعقة والشوكة والصبر الأيوبي…إلى خرق الجغرافيا الفلسطينية الآمنة في النقب, وضرب الكيان من حيث لا يحتسب وإلى الأسود المنفردة من الشباب المتفجّر غضباً وإقداماً على الإطاحة بجنود ومستوطنين الكيان, هنا لا يعوزنا التأكيد والقول أن هذا الشعب يرسم مستقبله بأكبر قدر ممكن من مداد الدم, وأكبر قدر من الإرادة الاستثنائية أمام موجات التسونامي العاتية, السياسية والإعلامية والعسكرية التي يتعرض لها منذ سنوات…
هذا المشهد الاستراتيجي البانورامي…كيف نفهمه…؟؟
أولاً: المباركة للعمليات الفدائية: إن هذا المشهد المقاوم للشعب الفلسطيني يرسم خطاً فاصلاً بينه وبين قيادته وفصائله, مما يؤشّر على هبوط كفاحي وسياسي لدى الفصائل الفلسطينية, وغرقها في لجّة أزماتها وخلافاتها وصراعاتها الداخلية, في حين أن الحالة الجماهيرية تتقدّم الصفوف في المواجهة على الفصائل التي تملك قوّة المال والإعلام والخطاب, ومن غرائب المسافة بين الحالة الجماهيرية وبين الفصائل, أن الأولى تقدّم الدم والثانية تقدّم الإدانة للعدوان أو المباركة للعمليات الفدائية, إن الفصائل المقاومة ليس وظيفتها إدانة العدوان إنما مقاومة العدوان, فهي جزء من المعركة وليست طرفاً محايداً, حتى يستمر خطاب الإدانة…
ثانياً: إن هذا المشهد وفصوله في المقاومة هو الذي يرسم الخط السياسي الاستراتيجي ويضع البرنامج السياسي والكفاحي للشعب الفلسطيني في معركته الوجودية وليس فذلكة التنظير, وأدبيات الفصائل في الرؤى والبرامج, وهنا يتجدد الحد الفاصل بين التنظير وممارسة المقاومة…
ثالثاً: الانتفاضة قائمة: إن الحديث المتواتر عن الانتفاضة الثالثة, هو رغبة نمطية لما يجب أن تكون عليها المواجهة مع الكيان, أي أن المطالبة بالانتفاضة الثالثة, يجب أن تكون متماثلة مع أسبابها ومساراتها ونتائجها مع الانتفاضات السابقة, وهذا غير ممكن, فالظروف التي أنتجت الانتفاضة الأولى ليست هي ذات الظروف التي أنتجت انتفاضة الأقصى, ومسارات الأولى ونتائجها, لا تتماثل مع مسارات الثانية ونتائجها, في حين تجمعهما المشاركة الشعبية الواسعة وعنفوان المواجهة, فالأولى شعبية والثانية عنفية, بيد أن كلاهما مقاومة, ومشهد اليوم من المقاومة هو شكل آخر من الانتفاضة, قد لا يتماثل مع سمات الأولى والثانية, ولكنه في الجوهر انتفاضة لها سماتها, فالتحولات التي أوجدها الاحتلال في الضفة والقطاع ستطبع آثارها على شكل وطرائق أشكال المواجهة مع الاحتلال, فـ غزة اليوم ليست تحت الاحتلال المباشر ولكنها تحت الحصار, والاحتلال أقام الجدار العنصري العازل, وحوّل المدن والقرى إلى معازل لوقف التواصل بين التجمّعات السكانية, وفرض الطرق الالتفافية في كل مدن الضفة, وأغرقها بالمستوطنات, والأمن الفلسطيني أصبح متعاوناً مع الاحتلال لوقف المقاومة, والسلطة الفلسطينية شرعنت التنسيق مع الاحتلال و (م.ت.ف) تهمشت وتحولت إلى متفرّج وفي أحسن الأحوال (شاهد ما شفش حاجة…!!! ) واستشرى المال السياسي في الأوصال لنشر الفساد وكسر دافعية المواجهة…
كل هذه المتغيرات ما بعد الانتفاضة الثانية, رسمت وسترسم الشكل الجديد للمواجهة والمقاومة مع الكيان, وليس بالضرورة أن يكون هو ذات الشكل والمحتوى للانتفاضة الأولى أو الثانية, فالواقع الموضوعي وعلى الأرض, يفرض طبيعة المواجهة وسماتها, وعليه يمكن القول أن تصاعد العمليات الفدائية اليوم وتنقّلها من مكان إلى مكان, والتفاف الجماهير, والرأي العالم الفلسطيني من حولها, قد يكون الشكل الجنيني الشعبي والعنفي في المواجهة مع الكيان, في ضوء ذلك فإنّ المطالبة بانتفاضة ثالثة, هو مطلب وتجسيد لتفكير نمطي لا يعي طبيعة المتغيرات الراهنة والقادمة, فما يحدث اليوم هو انتفاضة حقيقية يرسمها الواقع ولا ترسمها الفصائل بمطالباتها ورغباتها الانتظارية…
فالانتظار والرغبة أن تأتي لحظة الانتفاضة الثالثة, هو شكل من أشكال العجز في الرؤية والممارسة, وغياب الواقعية الكفاحية لتأسيس إدامة المقاومة بصرف النظر عن أشكالها…
رابعاً: بعد استراتيجي جديد: أن احد أهم التحولات التي حدثت في السنة الأخيرة, تلك الهبّة الجماهيرية في أراضي 48, وارتفاع منسوب التحوّل الكبير في الفعاليات الشعبية الفلسطينية, هذا التحوّل النوعي قد أضاف بعداً آخر, واستراتيجي على مبنى المقاومة وتناغمها زمنياً ومكانياً, فالأمن الاسرائيلي لم يعد مفقوداً في الضفة فقط, وإنما مفقوداً في قلب الكيان العنصري, مما يضيف عبئاً آخر على الكيان, عبئاً أمنياً وقلقاً واستنفاراً مستمراً, ومن جهة أخرى فإن هذا التحوّل في أراضي 48, أظهر مدى تمسّك الشعب الفلسطيني بهويته الوطنية, وبحقّه التاريخي في وطنه, حيث لم تتمكن نار النكبة من أربعة وسبعون عاماً أن تأكل أو تذيب هوية ووطنية هذا الجزء من شعبنا, ولم تستطع أن تصهر إيمانه وعناده في المقاومة لجهة الأسرلة أو القبول بالكيان, وهنا يتبدّى الدرس الاستراتيجي, الذي يجب أن تلتقطه القيادة الفلسطينية التي لم تعي حركة الوعي الفلسطيني الشاملة في تجسيد الهوية والمقاومة ورفض واقع الكيان, وأن محاولة الكيان أو سياسات دايتون في صناعة الإنسان الفلسطيني الجديد ليست إلا عبثاً, ونسج خيال في بيئة التسويات والسقوط الوطني, بيد أن الإنسان الفلسطيني الحقيقي هو ذاته الذي عاصر ثورة البراق, وثورة 36, وحرب 48 والنكبة, هو ذاته صاحب الثورة الفلسطينية المعاصرة, وذاته صانع الانتفاضة الأولى والثانية, واليوم هو صانع أكبر أشكال المواجهة مع الاحتلال…
خامساً: إن أفق الصراع مفتوحٌ على مصاريعه العنفية الكفاحية والشعبية والسياسية , تحت منطق القاعدة الثورية الذهبية القائلة (ما دام هناك احتلال هناك مقاومة) فالواقع على الأرض والمسار الوطني, ونضالات شعبنا تقول أن هذا الشعب لم يتعب من الكفاح والنضال, وهذا يمثل عاملاً هاماً في استمرار المقاومة الملائمة لكل مرحلة…
والواقع أيضاً يقول أن الاحتلال وكيانه العنصري لم يستطع أن يخلق حتى اليوم بيئة آمنة في كل مدن وقرى فلسطين, وهو الكيان المستنفر بعديد قواته وجنوده ومستوطنيه, على مدار الساعة واليوم والشهر والسنة, مما يجعل هذا الكيان متآكل معنوياً وسياسياً ووعياً, لأنه ليس صاحب حق, وهذا عامل آخر يجعل من فعل المقاومة أمراً ضرورياً لاستمرار تآكل الكيان الداخلي والخارجي…
أما بشأن السلطة الفلسطينية, ووظيفتها اليوم التعايش والتنسيق مع الاحتلال, فكل المؤشرات الموضوعية والذاتية, تفضي إلى أن وجودها بهذه الوظيفة وهذا التشابك مع الكيان لن يستمر طويلاً, فالعلاقة بين الرأي العام الفلسطيني والسلطة الفلسطينية, تحوّلت إلى علاقة شك واتهام, مما يخلق واقع سياسي وشعبي جديد ومختلف قد يساهم في نهوض الحالة الجماهيرية والمقاومة…
إن العمليات الفدائية الأخيرة سوف تترك بصماتها وآثارها على تفكير وآليات عمل الفصائل الانتظارية للانتفاضة, مما قد يحرّك الدافعية الكفاحية لهذه الفصائل, لتتوافق مع العمليات الفدائية أو الحركة الشعبية في المقاومة…
سادســاً: إن منطق الأمور, وضرورة جسر الهوّة بين الحركة الشعبية والكفاحية الفلسطينية, وبين الفصائل الوطنية, يقتضي تجاوز اللحظة الانتظارية لهذه الفصائل, والتوافق على إقامة جبهة مقاومة من أذرع الفصائل لتتلاقى مع نضالات وكفاح الحركة الشعبية الفلسطينية, جبهة مقاومة من أذرع الفصائل لتتلاقى مع نضالات وكفاح الحركة الشعبية الفلسطينية, جبهة مقاومة ليست بديلاً سياسياً عن (م.ت.ف) وليست كياناً سياسياً, وإنما تنحصر وظيفتها في الميدان الكفاحي المقاوم, بعد أن عجزت هذه الفصائل عن إقامة قيادة وطنية موحدة.
إن العمليات الفدائية الأخيرة سوف تترك بصماتها وآثارها على تفكير وآليات عمل الفصائل الانتظارية للانتفاضة, مما قد يحرّك الدافعية الكفاحية لهذه الفصائل, لتتوافق مع العمليات الفدائية أو الحركة الشعبية في المقاومة…
سادســاً: إن منطق الأمور, وضرورة جسر الهوّة بين الحركة الشعبية والكفاحية الفلسطينية, وبين الفصائل الوطنية, يقتضي تجاوز اللحظة الانتظارية لهذه الفصائل, والتوافق على إقامة جبهة مقاومة من أذرع الفصائل لتتلاقى مع نضالات وكفاح الحركة الشعبية الفلسطينية, جبهة مقاومة من أذرع الفصائل لتتلاقى مع نضالات وكفاح الحركة الشعبية الفلسطينية, جبهة مقاومة ليست بديلاً سياسياً عن (م.ت.ف) وليست كياناً سياسياً, وإنما تنحصر وظيفتها في الميدان الكفاحي المقاوم, بعد أن عجزت هذه الفصائل عن إقامة قيادة وطنية موحدة