فلسطينيون في سوريا، لا وفاء، تجنيس، وتهجير مجدد.
فلسطينيون في سوريا، لا وفاء، تجنيس، وتهجير مجدد.
عادل سماره
راجت مؤخراً أنباء وكتابات وأحاديث عن قيام سفارة السلطة الفلسطينية بمنح تسهيلات وبرسوم ضئيلة لحصول الفلسطيني الراغب في ترك سوريا على جواز سفر فلسطيني برسوم عشرة دولارات فقط، وذلك ضمن تسهيلات لخروجهم من سوريا إلى الخارج عن طريق دولة العدو التركي.
كما راجت أحاديث بأن هناك من يدفع للمغادرين الحاصلين على جواز السلطة الفلسطينية تذكرة السفر ، وهذا ليس مؤكداً، ولكن المؤكد هو وجود هيئة فلسطينية تابعة لحكومة الإئتلاف “المعارضة السورية المعادية للدولة والوطن السوريين” ، هي من تتولى اوضاعهم هناك وتقدم لهم التسهيلات والمعونات. وهذا يطرح السؤال: أية تسهيلات من فريق يخون وطنه!
كما ليس واضحاً إن كان المغادر يتخلى أو تُسحب منه الوثيقة التي حصل عليها من الدولة السورية.
ويقول الأصدقاء والرفاق في سوريا بأن الأمر “…يثير جدلاً كبيراً وتساؤلات لم نحصل على إجابات لا من ممثلي السلطة الفلسطينية ولا من الجهات المعنية هنا وحصل بشكل مفاجئ منذ أشهر وتتغاضى السلطات السورية…!؟ لأنها كانت تحذر سابقا على الذين يحملون وثائق السفر الفلسطيني السوري…لكن الآن تسمح ….!؟ وحسب ما علمت أنه بناء على طلب السلطة الفلسطينية”.
وهذا يعني أن تعلن السلطة الفلسطينية موقفها من الأمر، مع أن منح الجنسية يعني قبولها بذلك بلا مواربة.
لقد استقبلت سوريا، بمختلف الأنظمة التي مرت عليها، اللاجئين الفلسطينين منذ عام اغتصاب فلسطين 1948 ومنحتهم كامل حقوق العربي السوري باستثناء الجنسية السورية حفاظاً على حقهم في العودة. ودخل الفلسطينيون كافة مجالات الحياة في سوريا سواء المدارس والجامعات والطبابة بالمجان والمساكن والجيش والاقتصاد وحتى المشاركة في الانقلابات. كما منح العراق للفلسطينيين ايضاً نفس الحقوق.
لكن الربيع/الخريف العربي أتى بمستجدات خطيرة وضعت ولاء وإخلاص الفلسطينيين على المحك. فحينما تعرض الوطن السوري لحرب معولمة من الثورة المضادة لم يقاتل إلى جانب سوريا سوى بعض الفلسطينيين حيث غطوا ذلك بتبريرات عنكبوتية. بل إن بعض الفصائل الفلسطينية قاتلت ضد الدولة السورية وساهمت حتى في تدمير وتهجير مخيم اليرموك.
واليوم، ما الحكمة في تجنيس الفلسطينيين في سوريا!
هل يجوز للفلسطيني أن لا يتحمَّل المعانات كما يتحمل السوري العروبي، دعك من العملاء والجهلة والبسطاء. وهل سوريا مجرد فندق مجاني يأخذ منها الفلسطيني المتعة وحين الأزمة يُدير لها ظهره؟
ربما خروج هؤلاء يخفف ولو بشكل شكلاني بعض العبء عن الدولة السورية اليوم.
لكن المسألة ليست معيشية بحتة.
فالطبيعي للفلسطيني خارج فلسطين أن لا يغادر لجوئه إلا إذا كان للعودة إلى فلسطين. وفي هذه العملية أو التطورات لا توجد إطلاقاً اية فرصة ولا حتى توقعات بأن يعود حامل الجنسية من الفلسطينيين خارج الضفة والقطاع إلى المحتل 1967.
لا زلت أذكر حينما إغتبط فلسطينيون في ليبيا باتفاقات أوسلو طلبت منهم الدولة الذهاب إلى “الدولة الفلسطينية” وطبعاً بقوا على الحدود وحينها انهمرت الكتابات الكاذبة ضد العقيد القذافي!
من يقرأ اتفاقات أوسلو يكتشف بأن الفلسطيني طبقاً لهذه الاتفاقات هو الذي يعيش في المحتل 1967 وقت توقيع الاتفاقات. ولا ولن ولم يُسمح لأي فلسطيني من خارج هذين الجزئين من فلسطين بالعودة إلا ضمن عملية دعاوية شكلها إنساني وهي “جمع شمل العائلات” وهذه كالري بالتنقيط وغالب الأوقات محظورة. أي أنها تحويل القضية السياسية إلى قضية إحسان من عدة موصوف!
فالكيان واضح في موقفه من منع عودة اي فلسطيني إلا عبر ماسورة الصدقات. وقد كتب كثيرون من الصهاينة والصهاينة الفلسطينيين عن عدم جواز وعن عدم واقعية حق العودة –برأيهم- بالطبع.
ويمكن الرجوع حول هذه المواقف إلى كتابنا (د. عادل سماره اللاجئون الفلسطينيون واستدخال الهزيمة: قراءة في تخليع حق العودة، منشورات دار الكنوز الادبية بيروت 2000)
وفي هذا السياق يقول الجنرال الصهيوني المتقاعد شلومو جازيت والذي نسخ عنه كثير من الصهاينة الفلسطينيين –تجدون ذلك في كتابي نفسه:
” ما من شك أنه من الخطر على إسرائيل أن تسمح للاجئين بحرية الاختيار بين الحصول على -حقهم- في العودة إلى إسرائيل وحقهم القعلي في –العودة- إلى دولة فلسطينية في المستقبل (مع تعويض مناسب) ( ص 51)
أي لا عودة حتى للمحتل 1967، وعليه، ما الحكمة في قيام السلطة الفلسطينية بتسهيل خروج الفلسطينيين إلى شتات جديد؟ حتى لو كان السبب الضائقة المعيشية في بلد احتضنهم وكفروا به حينما وقع عليه عدوان معولم؟ ألا ينخرط هذا في تصفية القضية ديمغرافياً طالما لا فرصة لهم لدخول المحتل 1967 إلا كزوار وبتاشيرات.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فالخروج عبر تركيا كعدو، وبتنسيق مع “حكومة” الثورة المضادة كعدو أيضاً يمكن أن يُرغم أو يُغري هؤلاء على الإنخراط في المنظمات الإرهابية، فهل هذا جزاء مناسب لسوريا.
قد يقول البعض، ولماذا تسمح لهم سوريا بذلك؟ والجواب تخيلوا لم منعتهم سوريا؟ ألن يصبح القول أن سوريا تسمح للسوريين بالبحث عن حياة افضل، أو تغض الطرف عن سوريين تخلوا عن وطنيتهم، بينما تُبقي الفلسطينيين لتشغيلهم بالسخرة. هذا ناهيك عن إخراج اسطوانة :”القرار الوطني المستقل”!
وطالما لا تتحدث السلطة عن الأمر ، فلماذا تصمت الفصائل سواء داخل المنظمة أو خارجها؟ ما الذي في أفواههم؟ وهل سنسمع غداً عن تطبيق هذه المؤامرة العلنية على فلسطينيي الكيان اللبناني؟