متخصص بالشأن الفلسطيني

في ذكرى رحيله..من مذكرات المناضل الكبير الشهيد ماهر اليماني:هكذا فجرنا طائرة”العال”في مطار أثينا، وهكذا تم تحريرنا بفضل تنفيذ مجموعة من “جبهة النضال”بعملية خطف طائرة يونانية

في ذكرى رحيله..من مذكرات المناضل الكبير الشهيد ماهر اليماني:
هكذا فجرنا طائرة”العال”في مطار أثينا، وهكذا تم تحريرنا بفضل تنفيذ مجموعة من “جبهة النضال”بعملية خطف طائرة يونانية.

بقلم الفدائي الثائر الراحل الكبير ماهر اليماني أبا حسين .. شقيق المناضل الراحل ابوماهر اليماني القائد ومن المؤسسين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
صباحَ الثلاثاء 24/12/1968، كنّا جاهزيْن للانطلاق. لكنْ جرى تأجيلُ العمليّة في آخر لحظة لأسبابٍ تقنيّة. بقينا في بيروت يومين، نمتُ فيهما في غرفة ناطور مبنى رفيقنا، تحت الأرض، في منطقة فردان. نتيجةً لنومي في الملجأ نزف أنفي. عالجوني، ووضعوا قطنًا في حقيبتي تحسّبًا لعودةِ النزيف. وضّبنا القنابلَ والرشّاشَ في حقيبتين، وغطّيتُ السلاحَ بالقطن وبما كان معي من ثياب.

رافقَنا أبو ماهر وفايز قدّورة وجهاد ضاحي وآخرون، في أكثر من سيّارة، إلى مطار بيروت. مررنا على نقاط التفتيش اللبنانيّة بشكل طبيعيّ، وصرنا في الطائرة، فعاودني النزيفُ هناك. ساعدتني مضيفةُ الطيران الفرنسيّة اللطيفة بالقطن والمحارم.

هبطتْ طائرتُنا في مطار أثينا قبل الطائرة الإسرائيليّة بعشرين دقيقة. انتظرناها، بحسب التوجيهات، في منطقة الترانزيت. وصلتْ طائرةُ العال، وتوقّفتْ إلى جانب طائرة مصريّة خالية. شاهدْنا حرسَ الطائرة: اثنين عند كلّ باب، واثنين هبطا على الأرض وبدءا يلفّان حولها. انتظرتُ اللحظةَ المناسبة لخلوّ باب الترانزيت المفتوح على أرض المطار حيث تقف الطائرتان. ناديتُ الحارسَ اليونانيّ وشغلتُه بأسئلةٍ أبعدَتْه عن الباب. بقي هناك، فخرجتُ ورفيقي من الباب باتّجاه الطائرة. عند مقدّمتها شاهدْنا أحدَ طيّاريها يخرج منها، فسألَنا عن وجهتنا بالإنكليزيّة. قلتُ له: “نسينا الكاميرا في الطائرة.”

ــــ في العال؟

ــــ لا… في الطائرة المصريّة.

وأشرتُ إلى الطائرة الأخرى. تابع سيرَه، فتمكّنّا من الوصول إلى الطرف الآخر من طائرة العال. فتحتُ قنبلةً وركضتُ باتّجاه محرِّكها النفّاث على الجانح، ورميتُ القنبلةَ هناك. وقع الانفجارُ، فأطلق رفيقي النارَ من رشّاشه على الطائرة. رميتُ قنبلةً أخرى على المحرِّك الثاني. انفجارٌ أقوى. أشعلتُ فتيلَ قنبلتَيْ مولوتوف، ورميتُهما على جناح الطائرة. ثمّ رميتُ أربعَ قنابل أخرى تحت الطائرة. بدأ الركّابُ ينزلون من الطائرة، فلم نعترضْهم. صرنا نوزِّع المناشيرَ على كلِّ مَن يقابلُنا من الهاربين. شاهدتُ حارسيْن إسرائيلييْن يصيحان من بعيد، ويقفزان في مكانهما بغضب من غير أن يحاولا مقاومتَنا.

أبقينا معنا الرشّاش، وبعضَ الطلقات، وقنبلةً. وتوجّهتُ ورفيقي إلى محطّة الشرطة اليونانيّة التي نعرف تمامًا أين تقع. سلّمْنا سلاحَنا واستسلمنا لهم. ويبدو أنّهم ارتبكوا بنا، فتركونا في المحطّة وقتًا طويلًا، قبل أن ينقلونا مساءً إلى محطّة شرطة مركزيّة، في أثينا، ملأى بالعاهرات المحتجَزات والسكارى! بعد ثلاثة أيّام أخذونا إلى التحقيق، ثمّ إلى سجن كوريدالّوس (Korydallos).

بقينا كلًّا في غرفة على حِدة، نتعرّض للتحقيق بين الفترة والأخرى. وفي هذه التحقيقات كنّا ندلي بالإفادات التي درّبَنا الدكتور وديع عليها. ظللنا هناك حوالى عشرين شهرًا، حتّى أُفرج عنّا بفضل عمليّة تبادلٍ صاحبتْ عمليّةَ خطف طيّارةٍ يونانيّة، قامت بها مجموعة من”جبهةُ النضال الشعبيّ الفلسطينيّ” تم على أثرها تحرير اثنيْن من مناضليها وتحرير مجموعة من “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” من بينهم انا وأربعة رفاق آخرين.

انتقلنا إلى مصر، في طائرةٍ تابعة للصليب الأحمر الدوليّ. وهناك أفادنا أحدُ أعضاء الجبهة بضرورة عدم التصريح بشيء، نظرًا للتوتّر [بين الجبهة الشعبيّة] ونظام جمال عبد الناصر جرّاء موقفه الإيجابيّ من مشروع روجرز. التقينا الصحفيين بصمت. وفي اليوم التالي نشرتْ جريدة المصوّر المصريّة صورةً لجميع الفدائيين المفرج عنهم [من عمليتي اليونان وعمليّة ثالثة] وكَتبتْ تحتها أنّ الفدائيين “يُشيدون” بالقيادة المصريّة، إلّا أنّ جهةً منهم [المقصود نحن الأسرى الخمسة من الجبهة الشعبيّة] امتنعتْ عن الكلام!

بقينا أسبوعًا في واحد من أفخم فنادق مصر. وقد “فُرِز” لنا مرافقٌ ــــ هو وكيلُ مجلس الأمّة المصريّ عبد اللطيف بلطيّة ــــ أمّن لنا أسبوعًا سياحيًّا. وقُدِّمتْ لنا هديّةٌ من عبد الناصر، هي قماشٌ مصريٌّ فاخر. بعد ذلك زوّدونا بوثائقِ سفر، وأرسلونا إلى عمّان. استُقبلنا، ونُقلنا إلى مخيّم الوحدات، حيث التقينا الحكيم جورج حبش بلباسه الكاكيّ، ودخانِه الذي لا يتوقّف، وخطابِه الطويل ضدّ مبادرة روجرز. ثمّ نُقلنا إلى لبنان.

***

تسترعي انتباهي اليومَ الحالةُ الجماهيريّةُ التي استقبلتْنا في مخيّمات الأردن ولبنان في تلك الفترة، وقبولُ الناس ــــ بل تبنّيهم واحتفاؤهم ــــ بالعمل الذي قمنا به. كان الناس يروْن في العنف الثوريّ شيئًا من بداية خلاص لليلٍ طال، وأملًا يُعوَّلُ عليه لعودة فلسطين إلينا وعودتها إلينا. الناس المحتفِلون لم يكونوا جمهورَ الجبهة الشعبيّة فقط؛ كانوا كلَّ الناس المتعطّشين إلى الوجود الكريم على هذه الكرة الأرضيّة. رجال ونساء وأطفال راحوا يركضون خلف سيّارتنا، يقفزون عليها، يغنّون، يصفّقون. وفي برج البراجنة، في منزل أخي أبي ماهر خارج المخيّم، اجتمع الناسُ بالمئات ــــ لبنانيين وفلسطينيين ـــــ لإلقاء التحيّة.

بعد أسبوعين من عودتي إلى بيروت، زرتُ الدكتور وديع في منزله. كان المنزل على حاله… باستثناء وجود تلفزيون جديد ــــ هديّةً من أحدهم ــــ وغسّالةٍ جديدةٍ بعد اهتراء يدَيْ نصرة (أخت زوجته) من الغسيل بيديها. أمّا باقي البيت، فبقي على تواضعه؛ كأيّ منزلٍ نظيفٍ في المخيّم، بلا كماليّاتٍ أو أبّهة.

استقبلَنا يومها د. وديع كالأبطال، ثمّ سألني إنْ كنتُ أرغب في متابعة العمل معه. “بالتأكيد!” كان الجواب الطبيعيّ الذي سمعه منّي. فكانت مشاركتي معه في عمليّة “مطار الثورة” في الأردن سنة 1970. وهذه ستكون موضوعَ مقالٍ مستقلّ.

بعدها أرسلني الدكتور وديع إلى معسكر نحلة مجدّدًا، للخضوع لدورةٍ تؤهِّلنا لأن نكون مدرِّبين للعناصر الجديدة على العمليّات الخاصّة، الهادفة إلى أن نكون “وراء العدوّ في كلّ مكان”؛ فالدكتور لم يكن يؤمن بالعمل العسكريّ العلنيّ وفق موازين القوى القائمة يومها.

وأذكرُ أنّه طلب منّي الالتحاقَ بصفٍّ لتعليم العبريّة في جامعة بيروت العربيّة. ففعلتُ ذلك لفترة، إلى أن طلبَ منّي التوقّف، ثمّ كلّفني بالذهاب إلى الشهيد غسّان كنفاني في مقرّ مجلّة الهدف (وكانت مقرًّا للتنظيم الخارجيّ للجبهة بشكلٍ سرّيّ).

كان عليّ الاجتماعُ بغسّان ساعةً يوميًّا، لكي يشرحَ لي عن القضيّة الفلسطينيّة، ويتولّى تثقيفي. ففعلتُ ذلك ثلاثة أشهر كاملة: يستقبلني غسّان، فأمضي معه الساعة في نقاشات تطاول أمورًا كثيرةً من غير “كلام كبير” عن الكومبرادور والإمبرياليّة وغير ذلك! وكان اللقاء ينتهي بأخذي كتابًا من مكتبته. وكان يلحظُه دومًا، فيسألني عنه، وأجيبه: “ما بدّك تثقّفني؟!” فيبتسم. إلى أن أوقفني يومًا، ومعي كتابٌ ضخم. قال لي: “هذا قاموس ألمانيّ ــــ ألمانيّ لن يثقّفك.” فأعدتُه إليه.
تحية للراحل الكبير الشهيد ماهر اليماني والقائد الكبير د. وديع حداد والمفكر د. أنيس النقاش .
كل الاحترام و التقدير 🇵🇸

آخر الأخبار
مشاركون في ندوة حول وعد بلفور: خطأ تاريخي بحق فلسطين والعرب *جبهة النضال في ذكرى وعد”بلفور” تؤكد على التمسك بكامل الحقوق الوطنية والتاريخية وتوجه التحية لشعبنا ... العدو يعترف بالخسائر الكبيرة في شهر أكتوبر..يألمون كما تألمون..وسموتريتش سيبكي كثيرا قبل النهاية  الصمت الرسمي العربي وعداؤه للمقاومة أكبر هديةٍ للكيان الصهيوني، ومشاركة عربية مكشوفة في المجازر وحرب... *جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تبارك للأخوة في قيادة وكوادر حزب الله وقوى المقاومة في لبنان والمنطقة ... فلسطين محور المقاومة… ندوة لمؤسسة القدس الدولية سورية بثقافي أبو ‏رمانة *الكنيست "الإسرائيلي" يحظر عمل "الأونروا"التي وصفتها بالخطوة "المشينة"ورفض فلسطيني وتنديد عربي ودولي... *نائب قائد سلاح الجو الروسي اللواء أناتولي كونوفالوف: يكشف فشل الهجوم الإسرائلي وكذبهم* خبير عسكري: هذه هي الأسباب التي أدت إلى ارتفاع وتراكم الخسائر اجيش الإحتلال بجنوب لبنان طوفان بشري بالملايين للشعب اليمني في كل المحافظات في الشمال والجنوب تضامناً مع المقاومة في غزة ولبنا... المقاومة الإسلامية في العراق، تواصل دعمها جبهتي غزة ولبنان، وتعلن استهدافها أهدافاً حيوية في الجولان... *حركة الجهاد الإسلامي في ذكرى استشهاد د. فتحي الشقاقي: أبناؤه في الميدان والساحات يواجهون العدو الصه... عمليات مكثّفة للمقاومة شمال غزة وتفجر منزلاً تحصن بداخله جنود الاحتلال وتسقط مسيرة شمالي غزة حزب الله يستهدف مقر الاستخبارات الرئيسي في صفد.. وقاعدة "تل نوف" الجوية جنوبي "تل أبيب"ويواصل تكبيد ... إيران تؤكد تصديها للعدوان الصهيوني بنجاح ولم يكن مؤثراً..سنستخدم كل إمكاناتنا للدفاع عن أمننا *جبهة النضال الشعبي الفلسطيني تدين وتستنكر العدوان الصهيوني على بعض المواقع العسكرية في إيران، وتحيي... خريطة إسرائيل الكبرى..عسى أن يطلع عليها بعض الحكام العرب خبير عسكري يحذر: سوريا والأردن وجنوب لبنان على قائمة الإستهداف والمخطط الإسرائيلي والأردن مفتاح "الج... هآرتس: بعد الخسائر وتذمر جنود وضباط الجيش..حكومة نتنياهو تنظر للجنود كأدوات عليهم أن يفعلوا ما يؤمرو... "الخبر ماترون لا ماتسمعون" استشراف لطبيعة المعركة الاعلامية وامساك بأهم مفاتيح النصر. حفل تأبيني لشهداء المقاومة الفلسطينية في جامعة دمشق *فصائل المقاومة الفلسطينية تقيم مجلس عزاء وتبريكات للشهيد القائد يحيى السنوار في مخيم اليرموك بدمشق* *قصف وقطع طريق دمشق-بيروت ومنع إصلاحه لعبور النازحين..قرار امريكي وتنفيذ إسرائيلي لماذا خضعت الحكومة... *قادة فصائل المقاومة بدمشق: فشل حكومة نتنياهو الإرهابية، باخضاع شعبنا في شمال قطاع لمخططاته، نحيي ال... خالد عبدالمجيد: العدو يعيش مأزق تاريخي في معركة طوفان الأقصى