طبيعة وأهداف مشروع قانون أميركي جديد أشد من قيصر ضد سورية
طبيعة وأهداف مشروع قانون أميركي جديد أشد من قيصر ضد سورية
نضال الشعب – فاطمة الغول
ليس غريباً بالنسبة لشخص إشكالي كترامب أن يستمر في الإصرار على اللعب حتى آخر ورقة، في الوقت الذي يعرف عرفاً في السياسة الأمريكية، بفترة “لملمة الأوراق” تمهيداً لتسليمها للرئيس الفائز.
اتفاقات تطبيع، صفقات سلاح، قوانين وعقوبات جديدة، يوقّع عليها الرئيس العنيد، غير آبه بنتائجها وتداعياتها على سياسة خلفه، الذي يؤكد آخرها قانون (( أوقفوا القتل في سورية)) الذي له أهداف وتأثيرات كثيرة نتناولها في هذا المقال.
طبيعة مشروع القانون الجديد واختلافه عن قانون قيصر..
أبرز بنود القانون الجديد هي منع أي دولة طبعت علاقتها مع “إسرائيل” من استعادة علاقاتها مع الحكومة السورية, يحظر على أي مسؤول مستقبلي في الإدارة الأمريكية (بما فيهم الرئيس الأمريكي) الاعتراف بالرئيس السوري بشار الأسد كرئيس والعمل لمنعه من الترشح مرة أخرى، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في منتصف العام القادم, بالإضافة إلى عقوبات تشمل قطاع المال السوري برمته, والمتعاملين معه بتفاصيل أكثر حدة من قانون قيصر.
والبند الأبرز والأهم في القانون الجديد هو إقامة منطقة اقتصادية حرة في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية, وإعفاؤها من الرسوم الجمركية, وإبقائها خارج نطاق العقوبات الأمريكية, وذلك لتنشيط اقتصاد هذه المناطق, والسماح لها بإقامة علاقات مع واشنطن وحلفائها بشكل مباشر.
الفارق الأساسي بين هذا قانون (أوقفوا القتل في سورية) و(قيصر) هو أن الأخير يتناول الجانب الاقتصادي للحكومة السورية, وللدول المتعاونة معها (المخالفة لتوجهات واشنطن) بشكل أساسي, في حين القانون الجديد يركز على رسم سياسة الإدارات الأمريكية القادمة في التعامل مع الحكومة السورية, ومنع أي تقارب أو إصلاحات في العلاقات خلال المراحل المقبلة, فإذا كان قانون قيصر خانقا للشعب السوري فهذا القانون لاشك أنه قاتل.
أهداف القانون..
بالنظر إلى تفاصيل القانون يمكننا استنتاج أن الجمهوريين يعملون على تفويت أي فرصة للحكومة السورية للاستفادة من صفقة العودة للاتفاق النووي التي يلوح بها بايدن (إذا تمت), ذلك في حال ربطت طهران ملف العقوبات على سورية بشروط العودة للاتفاق, ومنع أي حكومة أميركية قادمة من التواصل مع الحكومة السورية بحجة إطلاق سراح مواطنيين أميركيين في إشارة هنا إلى مفقودين وموقوفين ورهائن أميركيين تقول أمريكا أنهم في سورية, بالإضافة لعدم إمكانية سحب القواعد الأمريكية في سورية في مراحل قادمة, و أيضاً قطع الطريق على أي دولة خليجية تتطلع إلى انفتاح على الحكومة السورية مثل ( سلطنة عمان, الإمارات), اللتان افتتحتا سفارات لهما في دمشق, مما يعني منع أي تقارب مع الحكومة السورية, وبالتالي إبقاءها وحيدة في مواجهة العزلة الاقتصادية.
منطقة اقتصادية حرة..
يخول مشروع القانون إنشاء مناطق اقتصادية حرة في سورية لاسيما في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية, والسماح لها بإقامة علاقات تجارية مع واشنطن وحلفائها.
المثير للجدل في هذا البند وللمخاوف بالنسبة للحكومة السورية وتركيا في نفس الوقت هو أن يكون الهدف الأميركي دعم اقتصاد قوات سورية الديمقراطية (قسد), وبالتالي من بإمكان الرئيس الأميركي القادم إذا أراد تمرير القانون وعدم فشله أن يعدل بعض بنوده, تلك التي لا تتناسب مع القوى الإقليمية في المنطقة (روسيا, تركيا, إيران) وبالتحديد في هذا البند تركيا التي ترفض بشدة تقديم أي دعم سياسي أو اقتصادي للأكراد.
كيف تتعامل سورية مع آثار القانون؟؟
تصر إدارة ترامب أن تستمر في نفاقها ومخالفتها لأبسط قواعد القانون الدولي هكذا عبر الدكتور عبد القادر عزوز (مستشار في مجلس الوزراء السوري), ذلك من خلال السياسات الظالمة بحق الشعب السوري التي تندرج خارج إجراءات القانون الدولي بل هي جزء من الإجراءات أحادية الجانب, مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية تستمر بالتعامل مع بعض العملاء من خلال تقديم مشاريع قوانين تستهدف أولاً و أخيراً الشعب السوري في أبسط مقومات حياته.
ولفت الدكتور عزوز إلى أن الدولة السورية لن تقف مكتوفة الأيدي بل ستستمر في فضح هذه الجرائم للولايات المتحدة بالتواصل الدبلوماسي مع كافة الجهات .
لا شك أن لهذا القانون آثار جمة على الشعب السوري إذا تمت الموافقة عليه الذي هو يعاني بالاساس من آثار قانون قيصر, فلا بد للحكومة السورية أن تضع خططا لتلتف على هذا القانون بعدة طرق, منها تكثيف التعاون والترابط مع شركائها الإقليميين في المنطقة (روسيا, إيران) في المرتبة الأولى, ثم الصين في المرتبة الثانية, وتسريع تنفيذ المشاريع الحيوية التي تعزز الاقتصاد الوطني والصناعات والانتاج المحلي, وذلك من خلال إطلاق مشاريع أو تبادلات تجارية من الممكن أن تساعد في تحسين الواقع الاقتصادي.
بالإضافة لإمكانية استفادة سورية من عودة إيران للاتفاق النووي وذلك من خلال ربط إيران ملف العقوبات ضد سورية بشروط العودة.
بالنظر إلى بنود القانون وتوقيت طرحه يمكن استنتاج أن الهدف منه إرسال رسالة إلى إدارة بايدن أن موقف الجمهوريين تجاه ملف سورية واضح و أن التعاون بخصوص هذا الملف قائم لديهم.
فالقانون يحتاج إلى عمل مكثف ربما لأكثر من سنة, لأنه بحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ، ومجلس النواب, ولتوقيع الرئيس بايدن بالطبع.
ولا شك أن هذا القانون توسيع لدائرة قانون قيصر, وكرة ثلج عودتّنا واشنطن على دحرجتها وتضخيمها في نهاية عهد كل رئيس أميركي جديد تجاه منطقتنا.