مؤسسة القدس الدولية: اتفاقات التحالف العربي مع الصهاينة تضع تهويد الأقصى نصب عينيها، وتعزيز الموقف الشعبي الرافض واجب المرحلة لأنه كفيل بإفشالها
مؤسسة القدس الدولية: اتفاقات التحالف العربي مع الصهاينة تضع تهويد الأقصى نصب عينيها، وتعزيز الموقف الشعبي الرافض واجب المرحلة لأنه كفيل بإفشالها
أسس اتفاق أبراهام الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 13-8-2020 لتغيير هوية المسجد الأقصى المبارك بشراكة من دولة عربية تعلن انتماءها للإسلام إذ أقر إعادة تعريف الأقصى باعتباره المسجد القبلي وحده، واعتبار ساحات الأقصى مكاناً مشتركاً بين الديانات وخارج نطاق المقدس الإسلامي، وأداء الطقوس والعبادات اليهودية التي تعمل سلطات الاحتلال على فرضها في الأقصى، بل وتقييد دخول المسلمين إلى الأقصى بشرط السلمية، ما يجعل المحتل رقيباً شرعياً على سلوك المصلين في الأقصى بموجب هكذا اتفاق.
مر الاتفاق بعدها بمراحل متسارعة من التوقيع في واشنطن في 15-9 إلى زيارة وفودٍ تحضيرية تغلب عليها كما يبدو الصفة الأمنية، لتقتحم تلك الوفود الأقصى في وقت ما بين صلوات المسلمين أسوةً بسلوك المقتحمين الصهاينة، وذلك بعد صلاة العصر في يومي الخميس 15-10 والأحد 18-10، ثم جاءت الزيارة الرسمية للوفد الإماراتي الحكومي إلى فلسطين المحتلة للقاء المسؤولين الصهاينة في 20-10-2020 حيث أبرم اتفاق لرفع التأشيرات المتبادل. على الجبهة البحرينية وقعت أمس الخميس 22-10 اتفاقيةٌ تسمح بالوصول إلى 14 رحلة ركاب بين مطاري المنامة واللد، وعدد غير محدود من الرحلات بين مطاري المنامة وأم الرشراش المحتلة “إيلات”.
ودراسة هذه التحركات الصهيونية بدءاً من اختيار تسمية “اتفاق أبراهام” ومروراً بالتركيز على الأقصى موضوعاً مركزياً رغم عدم صلة أي من الإمارات أو البحرين بإدارته أو إعماره، وتعمد الوفود التمهيدية الإماراتية اقتحامه من بوابة الحماية الصهيونية ثم رفع التأشيرات، وأخيراً التوقيع على هذا العدد من الرحلات للبحرين يوضح بأن تهويد الأقصى موضوع مركزي للاتفاق توضع هذه الحكومات العربية في خدمته، وأن هناك توزيعاً للأدوار يجعل الحكومة الإماراتية بمثابة الغطاء السياسي له بينما يحيل المهمة الأكثر إحراجاً وتلويثاً للحكومة البحرينية لعلها تحوّل الشعب البحريني مادةً بشرية لإضفاء المشروعية على تهويد الأقصى، ولتتاجر بشوق جماهيرها المؤمنة إلى الأقصى ليصبح عنواناً لطمس هويته وإعادة تعريفه وفق القاموس الصهيوني، وليصبح مطار المنامة بوابةَ التطبيع بالوساطة لمن يريدون الاستفادة من هذه الرحلات المفتوحة.
انطلاقاً من ذلك، فإننا نؤكد أن هذه المخططات الهشة لا ترتكز إلى قوة حقيقية أكثر من الاستثمار في الضعف والانهيار الرسمي العربي، أو التعويل المريب على تحويل الأقصى وزيارته من بوابة التطبيع إلى عنوان تمترسٍ مذهبي، وهذا كله يمكن قطع الطريق عليه وإفشاله من حيث أتى إن وُضع لإفشاله التركيز والاهتمام الكافيين، وانطلاقاً من ذلك فإننا في مؤسسة القدس الدولية نتوجه بالرسائل التالية:
أولاً: نتوجه إلى القوى الشعبية في البحرين والخليج العربي بضرورة مقاطعة أي زيارات للأقصى، فهذه في حقيقتها اقتحامات على أرضية صهيونية يراد جر أهلنا إليها لخدمة التعريف الصهيوني للأقصى؛ وإن الالتفافَ حول الثابت الإسلامي في الأقصى كمقدسٍ إسلامي خالص لا يقبل القسمة ولا الاشتراك ولا يخضع لسيادة محتل غاصب كفيل بإفشال التعويل على ملءِ تلك الرحلات.
ثانياً: يشهد الأقصى عدواناً مزمناً لتقسيمه زمانياً ومكانياً ولفرض الطقوس اليهودية فيه، وتقود ذلك العدوان الحكومة الصهيونية وكتلة جماعات المعبد، وقد توجَّهت تلك الجماعات برسائل مصورة باللغة العربية إلى أهلنا في الخليج العربي ليزوروا الأقصى ضمن مشروعها وبرنامجها للتخلص من إدارته متمثلةً بالأوقاف الإسلامية ووضعه تحت إدارة صهيونية، ومثل هذه الرسائل الوقحة هي دليل ناصع لا يحتمل النقاش على أن الزيارات من بوابة الاحتلال هي شراكة في تهويد الأقصى، ومحاولةٌ بائسة لتوظيف الصلاة في تدنيس أقدس المقدسات.
ثالثاً: نشدُّ على يد أهلنا في القدس الذين رفضوا تلك الاقتحامات العربية التي تصب في الخانة الصهيونية، وندعوهم إلى أن يواصلوا التعامل مع كل زائر عربي من هذه البوابة باعتباره مقتحماً لا يقل خطراً عن متطرفي جماعات المعبد وجنود الاحتلال، مع إدراكنا جميعاً أن هذه أجندات تتبناها نخبٌ حاكمة انفصمت عن شعوبها، فالشعوب منها براء.
رابعاً: ندعو الهيئات العلمائية والحركات الشعبية العربية إلى بناء جبهة واسعة رافضة لهذا العدوان والاقتحام العربي الذي يسهم في تهويد الأقصى، والوقوف إلى جانب الأصوات الحرة في الإمارات والبحرين وسائر دول التطبيع والتحالف الصهيوني كي يبقى الموقف الشعبي صامداً يرفض المشاركة في أجندة التهويد ويقف في وجهها حتى إفشالها.
خامساً: إن هذه الاقتحامات العربية من البوابة الصهيونية هي التطور الطبيعي للتمهيد الذي أرسته الدعوات المرفوضة والمدانة التي سبقتها من طرف السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية التي حاولت ربط نصرة القدس بزيارتها، فها هي النصرة لم تتحقق، وها هي الزيارة تنتهي في المجرى الصهيوني مباشرة دون وسطاء.
إن زيارة الأقصى تحت الاحتلال خاطئةٌ كانت وما تزال، والخلاف ليس على قناة الدخول بل على المبدأ من الأساس: فهذا الأقصى محتل، وتحريره هو وحده المدخل الصحيح لزيارته، وحتى ذلك الحين لا بد أن يبقى شوق المسلمين إلى الأقصى عنواناً دافعاً لتحريره ولإجلاء الاحتلال الصهيوني عنه مهما علا الزبد وطغت مؤقتاً على المشهد أجندة التطبيع والتحالف، فهذا الزبد لن يطول به الزمن قبل أن يزول ويتلاشى، ويبقى الحق الذي هو إرادة مقاومة المحتل حتى التحرير الناجز بإذن الله.
بيروت 23-10-2020