متخصص بالشأن الفلسطيني

الاجتماع القيادي الفلسطيني المرتقب..تكتيك أم خارطة طريق جديدة؟.. الانشغال بعمل السلطة على حساب الفعل الوطني هو مضيعة للوقت وترسيم للانقسام..

الاجتماع القيادي الفلسطيني المرتقب..تكتيك أم خارطة طريق جديدة؟.. الانشغال بعمل السلطة على حساب الفعل الوطني هو مضيعة للوقت وترسيم للانقسام..
د. باسم عثمان كاتب وباحث سياسي
“أن تأتي متأخراً خيرٌ من أن لا تأتي أبداً، وأخيراً، وافق الرئيس الفلسطيني على عقد اجتماع للقيادة الفلسطينية بمشاركة الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، (الإطار القيادي المؤقت أو لجنة تفعيل المنظمة) من دون تحديد موعد رسمي للاجتماع. هذا التغييب “المفتعل والمتعمد” لهكذا لقاءات، مردّه الأساس، حسابات وتكتيكات سياسية خاطئة “لطرفي السلطة”، ولكل منهما حساباته وأجندته الخاصة به، والتي كان من نتائجها تدمير مقومات الحالة الفلسطينية ووضع المشروع الوطني الفلسطيني على “كفّ عفريت”، وبهتان بريق القضية الفلسطينية عربياً وإقليمياً ودولياً.
لن ندخل في تفاصيل الحسابات الخاصة “لطرفي السلطة” وإصرارهم الإرادوي في تغييب هكذا لقاءات للإطار القيادي الفلسطيني (لجنة تفعيل المنظمة)، وسنكتفي بالإشارة إلى أن هذه الخطوة في عقد الاجتماع المرتقب، بمثابة حجر الأساس لتقويم المسار الفلسطين، شرط أن تكون ضمن سياق المراجعة النقدية الجادة لكل المسارات السياسية التكتيكية السابقة، والعمل على إنتاج وبلورة استراتيجية وطنية فعالة، تستند إلى إرادة وطنية وسياسية فلسطينية خالصة في مواجهة المخاطر التي تعصف بالقضية الفلسطينية، من استحقاقات “صفقة القرن” فلسطينياً وعربياً إلى خطة “الضم الإسرائيلية”، وألّا تكون خطوة تكتيكية مؤقتة تنسجم مع المتغيرات الإقليمية والدولية، كبالون اختبار لردات الفعل المرتقبة للمحاور الإقليمية والدولية.

لن نكون متشائمين بأن نقول: إن النتائج المرجوة من هذا الاجتماع القيادي المرتقب، وفي حال غابت عنه الإرادة الوطنية والسياسية، وأسس المراجعة النقدية الجادة والمسؤولة للتجربة السابقة وخياراتها-(لأننا شهدنا سلسلة لا تنتهي من الاتفاقات والاجتماعات التي لم تطبق بنودها وقراراتها، أو طبقت جزئيًا وسرعان ما انهارت)- سيكون من الصعب جداً أو أشبه بالمستحيل، عودة إحياء الورقة الفلسطينية وتموضعها مجدداً في قلب الحدث، في ظل هكذا ظروف وموازين قوى داخلية فلسطينية وعربية وإقليمية ودولية.

وتشاؤمنا هذا يرجع إلى إخفاق كل الجهود والمبادرات لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية في الفترة السابقة، وبإرادة سياسية “للسلطتين الفلسطينيتين”، حيث تعاملوا مع كل المبادرات السابقة بخيارات تكتيكية ووفق أجندات خاصة وإقليمية، وليس في سياق بناء الاستراتيجيات الوطنية الفاعلة في ترسيم أولويات الداخل الفلسطيني والمواجهة بالميدان لخطط تصفية القضية الوطنية الفلسطينية، إذ كانت أولوية عباس استعادة غزة والاستيلاء على كل السلطة وإذعان حماس لخياراته السياسية، ورهانه قائم على عدم قدرة حماس على الاستمرار بالسلطة في ظل الحصار المركب على غزة والعدوان والمقاطعة، بينما كانت أولوية حماس الحفاظ على سلطتها في غزة، والحصول على مكاسب من المنظمة، والرهان على المتغيرات الإقليمية والدولية لشرعنتها سياسياً وسلطوياً.
ما هو الجديد؟

– الاتفاق التطبيعي الإماراتي-الإسرائيلي وما سيتبعه من “تطبيع” خليجي مقبل لبعض دول الخليج، وهو بمثابة تقويض لمبادرة السلام العربية وأسس التسوية الحاكمة لها والتحرر منها، لصالح “السلام مقابل السلام” عوضاً عن “الأرض مقابل السلام”.

– تغوّل سياسة اليمين الإسرائيلي المتطرف في الاستيطان والضم والتهويد وبمباركة أميركية واضحة، ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي، ما دفع الرئاسة الفلسطينية إلى اتخاذ قرار “إيقاف العمل بها” وليس إلغاءها.

– وضع السلطة الفلسطينية في دوامة “الفراغ السياسي” وانسداد أفق مجموع الخيارات السياسية التكتيكية لها بفعل تغول السياسية الإسرائيلية والأميركية.

– تقويض أسس التحالفات الخليجية مع السلطة الفلسطينية، والتي كانت تستند إليها في دعم سياساتها وتكتيكاتها وخياراتها التفاوضية.

المطلوب…؟

لن يُنتج الاجتماع المقبل للإطار القيادي الفلسطيني “البلسم الشافي” للحالة الفلسطينية، في حال بقيت الرهانات على المتغيرات الإقليمية والدولية قائمة، والتناغم مجدداً مع الأجندات لبعض المحاور الإقليمية والدولية، وهكذا ستعود “حليمة إلى عادتها القديمة” وكأنك “يا أبو زيد ما غزيت”، بل لا بد من إرادة سياسية فلسطينية خالصة وبدون الرهان على أي نوع من “الماكياجات” للتحالفات القديمة وأجندتها السياسية، بعدما أثبتت التجربة السياسية القديمة عقم خياراتها واتفاقاتها وتحالفاتها، كل ذلك، يجب أن يأتي على أرضية المراجعة النقدية العميقة والمسؤولة عن تدهور الحالة الفلسطينية وتقويض روافعها الكفاحية، والإرادة الوطنية في تبني مرتكزات النهوض الوطني الفلسطيني من جديد بأدواته التوافقية-الوطنية، من خلال بلورة استراتيجية وطنية شاملة تقوم على متطلبات النهوض والصمود للشعب الفلسطيني فوق أرضه، والتجديد الديمقراطي لكل المؤسسات والهيئات في المنظمة والسلطة، من خلال توسيع إطارها التمثيلي والسياسي على أسس الشراكة الوطنية في صنع القرار الفلسطيني المستقل، والعمل على فصل السلطات التمثيلية للشعب الفلسطيني وتغيير مهام السلطة الفلسطينية كونها أداة من أدوات المنظمة، واعتبار الوحدة الوطنية خياراً استراتيجياً وليست خطوة تكتيكية أو ردة فعل.

أما الانشغال بهوامش العمل السلطوي على حساب الفعل الوطني الرئيس هو مضيعة للوقت وترسيم للانقسام الفلسطيني تمهيداً للانفصال الجغرافي والسياسي وتحويل الدولة الفلسطينية إلى “كانتونات” سياسية-جغرافية.

لا بد من خارطة طريق وطنية جديدة تعتمد أسس التوافق والشراكة السياسية في القرار والمسؤولية.

27 آب 2020
المصدر: النهار

آخر الأخبار
ما بين إدارة الصراع وحرب التحرير.."المتغيرات تصب في صالح جبهة المقاومة". السيد عبد الملك الحوثي: سنفاجئ الأعداء بتقنيات غير مسبوقة في التاريخ، ولن نألوا جهداً في نصرة الشعب ... *الذكرى السنوية لرحيل الفنان التشكيلي إبراهيم مؤمنه ، أحد مبدعي الفن التشكيلي بين مخيمات اللاجئين ال... كنعاني: العالم يسَمع صوت تحطم عظام الكيان الصهيوني عالياً وبوضوح خريطة نتنياهو التي خلت من الضفة الغربية..؟ رسالة لبعض القيادات الفلسطينية والعربية من دعاة المحافظة ... الإعلام إسرائيلي: حركة حماس لم تنهار بل "إسرائيل"..الحركة نجحت بترميم قدراتها وعاد حوالي 3000 مقاتل ... عملية نوعية للقوات اليمنية باستهدافها سفينةَ ( BLUE LAGOON I ) في البحرِ الأحمر بالصواريخ الباليستية... بقرة اليهود..النسج الخيالي للاساطير واسطورة الهيكل المزعوم..مخطط هدم الأقصى نعى عشيره العسود في الوطن وفي الشتات باستشهاد البطل الشاب *مهند محمد العسود* بالعمليه البطوليه في صف... مصادر الميادين: حزب الله أصاب الوحدة "8200"الاستخبارية في العمق قرب "تل أبيب" و"يوم الأربعين" نجحت ب... الأسد في الاجتماع الدوري للسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية السورية: "طوفان الأقصى" ليست حدثاً طارئا... المقاومة الإسلامية في العراق تواصل معركتها الإسنادية لغزة وتستهدف محطة كهرباء "ألون تافور" في حيفا ا... لليوم الثاني في الاقتحامات في الضفة: قوات الاحتلال توسع عدوانها في نابلس والخليل وتعلن عن اغتيال 5 م... جيش الإحتلال بدأ عدواناً واسعاً في الضفة الغربية..شهداء وجرحى و 11 شهيد في جنين وطوباس وإقتحامات للم... رسالة من كربلاء إلى غزة اختتام فعاليات موكب نداء الأقصى في مدينة كربلاء المقدسة بذكرى اربعينية الامام الحسين (ع) فصائل تحالف القوى الفلسطينية تشيد برد حزب الله على العدو الصهيوني، وتحيي قيادة المقاومة الإسلامية ال... بالصور وفود فصائل المقاومة الفلسطينية وأبناء المخيمات الفلسطينية في سورية ولبنان ترفع العلم الفلسطين... فلسطين والقدس وغزة حاضرة في اربعينية الامام الحسين (ع) فيديو وفود فصائل المقاومة الفلسطينية، وأبناء المخيمات الفلسطينية في سورية ولبنان، بمسيرة الأربعينية ... رحيل القائد الوطني والتاريخي الكبير، فاروق القدومي"أبو اللطف" وأحد مؤسسي “فتح”..وأحد المناهضين لاتفا... أمريكا وبداية العد العكسي للنهاية المؤلمة لانهيار الهيمنة الأمريكية التي قامت على الغزو والدم واستغل... المقاومة الفلسطينية في رسالة إلى المقاومة الإسلامية في لبنان: أنتم نعم الإخوة والسند والرجال الأوفيا... قيادات الفصائل الفلسطينية المشاركون في ملتقى التضامن والدعم لجمهورية فنزويلا : ان الشعوب التي تناضل ...