عبد الرحمن أبو القاسم وداعاً
بقلم علي بدوان
صباح اليوم، العاشر من نيسان/ابريل 2020، توقف عن الخفقان قلب الفنان الفلسطيني السوري عبد الرحمن ابو القاسم (أبو هيثم)، وانتقل الى رحمة الله، بعد مسيرة مُكتظة في حياته العملية، منذ يفاعة عمره، عندما وجد نفسه بين طفلاً بين جموع لاجئي فلسطين في سوريا بعد النكبة الكبرى الأولى عام 1948.
عبد الرحمن أبو القاسم، فنان الشعب، الفلسطيني الجليلي، مواليد بلدة (صفورية) في الجليل الفلسطيني عام 1942 حين تكحّلت عيناه تحت نور شمس فلسطين وهواءها. فعاش لبضع سنينٍ في بلدته (صفورية) والتابعة لقضاء مدينة الناصرة، ناصرة المسيح عليه السلام.
عبد الرحمن أبو القاسم، سليل عائلة كبيرة من (صفورية)، تلك العائلة التي برز من بين صفوفها النخب العلمية والإجتماعية، وقد قادتها التواءات النكبة التي عصفت بتداعياتها على فلسطين وشعبها للهجرة الى مواطن بعيدة، بحثاً عن مصادر الرزق وبناء حياة الإنسان.
عبد الرحمن أبو القاسم، صاحب التاريخ المسرحي العريق، والاقتراحات والأفكار البناءة في مجال العمل الفني، وخاصة المسرح، فقد بدأ العمل في المسرح المدرسي عام 1954 وتحديداً في مدارس دمشق، وبعد ذلك تنقل في عددٍ من الفرق السورية المحلية منها ( الفرقة السورية للتمثيل، نادي الأزبكية، النوادي التي كانت تابعة لوكالة الأونروا في المخيمات الفلسطينية ..)، وبعد ذلك انضوى في فرقة مسرحية لحركة فتح. وفي عام 1965 قدمنا عدداً من المسرحيات بما لا يقل عن 15 عرضاً وكانت العروض المشاركة 100 عمل مسرحي ثم تبنت منظمة التحرير هذه الفرقة وأصبح اسمها فرقة المسرح الوطني الفلسطيني. عدا عن مشاركته طوال السنوات الماضية بعشرات الأعمال الفنية.
عبد الرحمن أبو القاسم، العربي الفلسطيني السوري القُح، لم يكن فناناً (شعبوياً)، على شاكلة غالبية فناني بلاد العرب أوطاني الذين يُريدون الظهور بسرعة (وفق طريقة حرق المراحل)، وتحشيد الناس وراءهم فقط، وينشدون في سبيل ذلك البحث عن “الروافع” لتحقيق مكانة ومكاسب لهم، بل كان قبل كل شيء فناناً يَحمِلُ عنواناً وقضية، والتزاماً وطنياً، وأخلاقياً، ومناقبية عالية، دلّت عليها مُجمل الأعمال التي شارك بها، وبأدوارٍ مُختلفة. حقيقة لا ينشد الإلتزام ولا يَشعُرُ بالوجع إلاّ صاحِبِهِ، وجع الوطن وفراقه. ونحمد الله، أنه تمكّن الدخول الى فلسطين قبل عد أعوام، وزيارة مسقط رأسه، وعدد من البلدات والمدن الفلسطينية.
رحل الفنان القدير، المحترم، الملتزم، عبد الرحمن ابو القاسم (أبو هيثم)، بعد مشوارٍ طويل من العمل الفني والدرامي، الذي يُسجّل له فيه، التميّز في الأداء، وفي الحضور، وفي صفاء الإنتاج الفني. وقد تزاملت معه، بعددٍ من اللقاءات الفلسطينية، وكان منها اللقاءات اليومية خلال فعاليات (القدس عاصمة الثقافة العربية)، عام 2009، وذلك من خلال تلك اللجنة التي ترأسها سفير فلسطين بدمشق الأخ محمود الخالدي (أبو عماد)، وكان من اعضائها ايضاً الفنان حسين نازك، والصديق حمد الموعد، والصديق نبيل السهلي، واخرون فاتني استذكار اسمائهم جميعاً. رحم الله عبد الرحمن أبو القاسم واسكنه فسيح جناته.