مسؤولٌ إسرائيليٌّ رفيعٌ يطرح 4 سيناريوهات بين واشنطن وطهران بعد سليماني تشمل اندلاع حربٍ إقليميّةٍ بأمرٍ من ترامب وتعرّض الكيان لوابلٍ من الصواريخ الدقيقة والباليستيّة
الناصرة”رأي اليوم”من زهير أندراوس
قال نائب رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ السابِق، عيران عتصيون، والذي شغل أيضًا منصب المسؤول الكبير في وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، قال في حديثٍ مع هيئة البثّ العامّة الإسرائيليّة (كان)، شبه الرسميّة، إنّ الدولة العبريّة هي دولة تكتيكيّة، وبالمُقابل، فإنّ إيران هي دولة إستراتيجيّة، مُضيفًا: لقد كانت إسرائيل دائمًا ما تتبِّع استراتيجيات قصيرة الأجل، بينما تُفضَّل إيران الاستراتيجيات طويلة الأمد، مُشدّدًا على أنّ طهران هي سيِّدة الحروب بالوكالة، أمّا إسرائيل فلم تكن في يومٍ ما كذلك، على حدّ قوله.
جديرٌ بالذكر أنّ عتصون كان الوحيد من القادة الأمنيين في الدولة العبريّة الذي اعتبره الإعلام العبريّ مُغردًا خارج السرب في كلّ ما يتعلّق بطموح دولة الاحتلال في القضاء على التمركز الإيرانيّ في سوريّة، إذْ قال: إيران تتواجد في سوريّة منذ فترةٍ طويلةٍ، وثانيًا، هناك تحالف إستراتيجيّ بين سوريّة وإيران، والذي تمّ التوقيع عليه قبل حوالي عشرين عامًا، وأضاف أنّ التواجد الإيرانيّ في سوريّة لا يقتصِر على قوّات فيلق القدس، التابع للحرس الثوريّ الإيرانيّ، بل توجد ميلشيات تابعة لإيران، مُشيرًا إلى أنّه وفق التقديرات الإسرائيليّة يصل عدد أفراد الميلشيات التابعة لإيران حوالي 80 ألف عنصر.
وتابع عتصيون إنّ إسرائيل أهدرت الفرصة الذهبيّة لفعل أيّ شيْ وكلّ شيءٍ لمنع التمركز الإيرانيّ وذلك بين الأعوام 2011 وحتى العام 2014، كاشفًا النقاب عن أنّ صُنّاع القرار في تل أبيب رفضوا توصيات الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة بالعمل العسكريّ قبل فوات الأوان، كما أكّد.
وقال أيضًا إنّ التطورّات الإقليميّة في المنطقة، لاسيما عقب اغتيال واشنطن للجنرال سليماني، تطرح جملة سيناريوهات متوقعة لما قد تشهده المنطقة من أحداث، وفي هذه الحالة تبدو مهمة مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ طرح هذه السيناريوهات أمام المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، وترجيح واحد منها، أوْ أكثر، وفقا للمعطيات المتوفرة لدى إسرائيل.
وأضاف عتسيون أنّ المُحاكاة التي يقوم بها مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ تبدأ من خلال حصوله على معلوماتٍ محدثةٍ من الموساد والجيش ووزارتي الأمن الداخليّ والخارجيّة، وتأخذ بعين الاعتبار حالة التصعيد الآخذة بالتنامي بين طهران وواشنطن، منذ صعود ترامب إلى السلطة.
وأشار إلى أنّ السياسة الأمريكيّة المتصاعدة ضدّ إيران بدأت بالانسحاب الأحادي من الاتفاق النووي، وصولاً للحدّ الأقصى بفرض العقوبات، ممّا ترك تأثيراته الصعبة على الاقتصاد الإيرانيّ، وحشرت الدولة كلّها في الزاوية، حتى جاءت ذروة الفعل الأمريكيّ باغتيال سليماني، ولذلك يمكن طرح سيناريوهات محتملة وفقًا لما قد يطرحه مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ، وتتناول المدى القصير وصولاً للانتخابات الأمريكية القادمة.
وأوضح عتصيون أنّ السيناريو الأول هو السيناريو التوافقيّ، ويتمثل بتوصل أمريكا وإيران إلى تفاهماتٍ مشتركةٍ من خلال وسطاء، تؤكّد قواعد اللعبة بينهما، بحيث تمتنع الدولتان عن المسّ بأهداف الطرف الآخر المدنيّة والعسكريّة، سواءً على أراضيهما، أوْ داخل دولةٍ ثالثةٍ، وفي هذه الحالة ستضطر إيران لإلزام مليشياتها بهذه التفاهمات.
وأكّد أنّ هذا السيناريو سيمنح الولايات المتحدة أنْ تعلن مباشرةً أوْ ضمنيًا عن سحب قواتها من العراق وأفغانستان، وفيما تعلن إيران أنّها حققت نصرًا إلهيًا، فإنّ ترامب بإمكانه الذهاب في هذا الاتفاق إلى انتخاباتٍ رئاسيّةٍ مريحةٍ، مع أنّ نسبة نجاح هذا السيناريو منخفضة.
وأضاف أنّ هناك سيناريو بقاء الأمور على ما هي عليه، وتتمثل في استمرار إيران بتنفيذ عملياتٍ معاديةٍ ضدّ أهدافٍ أمريكيّةٍ، دون أنْ تعلن مسؤوليتها عنها، خاصّةً على الأراضي العراقيّة، فيما تستمر عملية سحب القوات الأمريكيّة من العراق بصورةٍ تدريجيةٍ، وفقًا للتفاهمات بين واشنطن وبغداد، في حين ستتواصل خروقات إيران للاتفاق النوويّ.
وأكّد أنّ أمريكا ستغضب من هذا السلوك الإيرانيّ، لكنّها ستضطر للتسليم بالأمر الواقع، مع غياب أيّ خياراتٍ أخرى، تحت تحذير صينيٍّ روسيٍّ بعدم دعم أيّ خطوةٍ عسكريّةٍ أمريكيّةٍ ضدّ المنشآت النوويّة الإيرانيّة، مع أنّ نسبة نجاح هذا السيناريو بين متوسطةٍ إلى عاليّةٍ.
وأضاف أنّ هناك سيناريو ثالثًا، يتمثل بتدهور الوضع في منطقة الخليج، من خلال مهاجمة إيران لأهدافٍ أمريكيّةٍ في دولةٍ ثالثةٍ مثل الكويت، أوْ المس بحريّة حركة الملاحة في الخليج، ووقوع قتلى وجرحى أمريكيين، ممّا يعتبر في هذه الحالة تجاوزًا للخطوط الحمراء من وجهة نظر ترامب، الذي سيأمر بالردّ الفوريّ والتصعيد ضدّ أهدافٍ عسكريّةٍ إيرانيّةٍ داخل إيران ذاتها، ودون الحصول على مصادقة الكونغرس.
وأوضح أنّه في هذه الحالة ستنشب أزمةً دوليّةً وداخليّةً عاصفةً، وأسعار النفط سوف ترتفع بصورةٍ غيرُ مسبوقةٍ، وصولاً إلى إطلاق النار على إسرائيل انطلاقًا من سوريّة ولبنان، والتدهور السريع إلى حربٍ إقليميّةٍ، في حين أنّ نسبة نجاح هذا السيناريو بين متوسطةٍ إلى منخفضةٍ، كما أكّد.