تبادل القصف في الجولان..معركة بين حربين: تخوفات إسرائيلية من تطورات خطيرة في المرحلة القادمة
أطلقت فجر اليوم، الثلاثاء، أربع قذائف صاروخيّة من الأراضي السورية نحو جبل الشيخ في الجولان المحتل، بحسب ما جاء في بيان لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
ووفقًا لبيان الجيش الإسرائيلي، فإنّ منظومة “القبّة الحديديّة” أسقطت هذه القذائف.
في اعقاب سقوط القذائف بالجولان، يجري وزير الأمن، نفتالي بينت، في ساعات الصباح بمقر وزارة الأمن في تل أبيب، مشاورات مع القيادة الأمنية ورئيس هيئة الأركان العامة في الجيش، أفيف كوخافي، لبحث التطورات وسبل الرد العسكري على إطلاق القذائف.
وتعليقا على التطورات على الجبهة الشمالية، قال وزير الخارجية، يسرائيل كاتس “يتواصل الصراع مع إيران والتنظيمات الموالية لها في جميع أنحاء المناطق الشمالية والجنوبية، فنحن نعتمد سياسة لإزالة كافة التهديدات من دولة إسرائيل وسنواصل اتباع هذه السياسة”.
وقال محلّل الشؤون العسكريّة في موقع “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، إن إطلاق النار ردًا على “نشاط يعرفه الطرفان وقع في الـ36 ساعة الأخيرة”، وعرض أمام وزير الأمن، نفتالي بينيت، يوم الخميس الماضي، وقدّر أن دوي الانفجار قرب مطار دمشق “لا يتعلّق بقصف إسرائيلي، إنما بشيء آخر”.
وأضاف يهوشواع أنه في أعقاب “النشاط” الذي وقع خلال الـ36 ساعة الماضية، استعدّ الجيش الإسرائيلي لهجمات من سورية ونشر منظومة “القبة الحديديّة” في الجولان المحتل.
وذكر المراسل العسكري للقناة 13، ألون بن دافيد، أنّ القذائف أطلقت من “قوات إيرانيّة في منطقة دمشق. على ما يبدو ردًا على هجمات وقعت مؤخرًا” وأكمل أن الجيش الإسرائيلي لم يشن أيّة هجمات في سورية الليلة الماضية” (قبل إطلاق القذائف).
وكانت صافرات الإنذار دوّت في الجولان المحتّل وفي الجليل الأعلى، عند الساعة الخامسة إلا ربعًا، تلاها صوت انفجارات. وأعلن الجيش الإسرائيلي عن “حياة عاديّة في الجولان والجليل”، دون تعطيل المدارس أو العمل.
وهذا التوتر العسكري في الجولان المحتلّ هو الأول من نوعه منذ شنّ الجيش الإسرائيلي هجومًا، في آب/ أغسطس الماضي، على “مقاتلين إيرانيين” سعوا لتنفيذ هجمات بطائرات بدون طيّار ضد أهداف إسرائيلية، اتضح لاحقا أنهم مقاتلون من حزب الله.
في حين تعتبر الهجمات الصاروخية على جبل الشيخ الأولى من نوعها منذ أكثر من عام.
وخلال الأسابيع الأخيرة، حذّر مسؤولون إسرائيليون من هجمات ضدّ إسرائيل شبيهة بهجمات “أرامكو” في السعوديّة، في أيلول/ سبتمبر الماضي، التي تتهم الولايات المتحدة إيران بشنّها عبر صواريخ كروز وطائرات مسيّرة، بينما تبنّاها الحوثيّون.
ورصد الجيش الإسرائيلي، مؤخرًا، تغيّرا في طريقة “الرد الإيرانيّ” على الهجمات الإسرائيلية ضد مواقع إيرانية في سورية، بحيث تحوّل الردّ إلى “شبه فوري”.
وتوصل قيادة الجيش الإسرائيلي ومسؤولون سياسيون، إلى استنتاج بأن ما يطلق عليه الجيش تسمية “المعركة بين حربين” قد شارفت على نهايتها، بعد ثلاث سنوات على بدئها.
وتهدف “المعركة بين حربين”، حسب الجيش الإسرائيلي، إلى منع التموضع الإيراني في سورية ولجم زيادة قوة حزب الله، من خلال الغارات الإسرائيلية المتتالية والمتكررة، في السنوات الثلاث الماضية، ضد مواقع إيرانية وقوافل نقل أسلحة لحزب الله في سورية، وتم خلالها استهداف ما تصفه إسرائيل بـ”مشروع دقة الصواريخ”.
وفي بدايتها، امتنع المسؤولون العسكريون والسياسيون الإسرائيليون عن التحدث عن هذه الغارات وتحمل مسؤوليتها وفرضوا نوعا من التعتيم عليها، لكن في السنة الأخيرة أطلقوا تصريحات متكررة بشأنها، وسط التباهي بشن مئات الغارات سنويا، وليس في سورية فقط، وإنما في العراق أيضا، إلى جانب طلعات استطلاع للطيران الحربي الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية.
وكتب المحلل السياسي في موقع “ألمونيتور” الإلكتروني، باللغة العبرية، بن كسبيت، أن “المعركة بين حربين” تشارف على نهايتها، لافتا إلى أن التقارير حول غارات ضد أهداف إيرانية “اختفت بالكامل تقريبا”، رغم أنه قد تقدم إسرائيل على غارات أخرى في المستقبل.
ونقل كسبيت عن مسؤول أمني إسرائيلي سابق رفيع المستوى قوله، إن “المعركة بين حربين وصلت إلى نهاية طريقها، وذلك لعدة أسباب متراكمة:
أولا، انتقال النشاط الإيراني من سورية إلى لبنان. وإسرائيل لا تهاجم في لبنان منذ أكثر من 13 عاما؛
ثانيا، الرسائل الروسية تحولت إلى إشكالية بالنسبة لإسرائيل؛
ثالثا، ثقة الإيرانيين بأنفسهم، النابعة من عدم وجود رد أميركي والخروج المتسرع للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من المنطقة. وتدرك إسرائيل أن استمرار المعركة بين حربين يعني الحرب وليس مؤكدا أنه يوجد في القدس (الحكومة الإسرائيلية) أحد يمكنه اتخاذ قرار كهذا الآن”.