مُؤرِّخٌ إسرائيليٌّ: الحرب ضدّ إيران وحليفاتها باتت وشيكةً جدًا والكيان لن ينتصِر وسيدفع ثمنًا باهِظًا جدًا لم يعرفه منذ إقامته ويتعيِّن على تل أبيب منع المُواجهة.
الناصرة:”رأي اليوم”-من زهير أندراوس
طرح المؤرِّخ الإسرائيليّ، البروفيسور أوري بار يوسيف ثلاث فرضيات، أكّد على أنّها ترتكِز على الأحداث الواقعيّة، جاء فيها أنّ الحرب القادمة باتت وشيكة جدًا، وأنّها ستكون ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة وحليفاتها في المنطقة، والفرضيّة الثانية تؤكِّد أنّ خسائر الكيان الماديّة والبشريّة، ستكون الأخطر والأكثر منذ تأسيسه في العام 1948، إذْ أنّه خسِر في تلك الحرب، التي تُسّمى “حرب الاستقلال” (!) أكثر من ستّة آلافٍ قتيلٍ، والفرضيّة الثالثة والأخيرة، وفقًا للمؤرِّخ تقول إنّ الجيش الإسرائيليّ لن يتمكّن من حسم المعركة والانتصار في الحرب، علمًا أنّ الطرف الآخر سيدفع أيضًا هو ثمنًا باهِظًا، على حدّ قوله.
وتابع قائلاً إنّه من تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو والقائد العّام للجيش الإسرائيليّ، الجنرال أفيف كوخافي، يتبيّن أنّهما يُوافِقان على الفرضيات المذكورة أعلاه، وبالتالي فإنّهما ليسا معنيين بخوض هذه الحرب، وعليه يجِب العمل بجميع الوسائل والطرق من أجل منعها، قال المؤرّخ بار يوسيف في مقالٍ تحليليٍّ نشره اليوم الجمعة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، مُستدرِكًا في الوقت عينه أنّ إسرائيل محكومة منذ عقدٍ من الزمن من قبل قائدٍ، أيْ نتنياهو، يعتقِد أنّه تشرتشيل، ويرى في إيران تهديدًا نازيًا، وبالتالي فإنّ جميع الجهات المسؤولة عن التقديرات الإستراتيجيّة في إسرائيل ركّزت جميع طاقاتها وقدراتها في العقد الأخير على كيفية الانتصار على إيران وليس على منع الحرب ضدّها، كما قال.
وشنّ المؤرّخ، وهو أستاذ العلاقات الدوليّة في كلية العلوم السياسيّة بجامعة حيفا، شنّ هجومًا لاذعًا على نتنياهو عندما أّد أنّه يصعُب التفكير بوجود زعيمٍ آخرٍ في تاريخ إسرائيل آمن بأنّه، بالكلام الفارغ وبالصور المُلونة، يستطيع أنْ يُبعِد عن إسرائيل الأخطار الحقيقيّة التي تُواجِهها، مُشيرًا إلى أنّه لم يكُن أحد ممّن سبقوا نتنياهو قادرًا على الخطابة مثله، ولكنهم جميعًا أدركوا بأنّه وبالكلام فقط لن يخدموا الدولة ولا أمن مواطنيها، بحسب تعبيره.
عُلاوةً على ذلك، لفت إلى أنّه حتى الفترة الأخيرة عرضت إسرائيل سرًا، على جهاتٍ مختلفةٍ في العالم، معلومات استخباراتيّة حساسّة عن إيران ومصانع صواريخ حزب الله، من أجل دفعهم للعمل، ولكنّهم آثروا السكوت وعدم العمل، مُضيفًا أنّ نتنياهو آمن بالتسويق كحلٍّ لكلّ شيءٍ، لذا عرض المعلومات السريّة في الأمم المتحدة، وماذا بعد؟ لم يحصل أيّ شيءٍ، لأنّ الدول الأخرى ترى في المصالحة مع إيران أنّها الطريقة لحلّ المشكلة.
وأوضح المؤرّخ أنّه يتعيَّن على نتنياهو أنْ يعرف أيضًا بأنّه خلافًا للتهديدات الأمنيّة التي واجهتها إسرائيل طوال سنوات وجودها، فإنّها اليوم، ليس لديها أيّ ردٍّ عسكريٍّ جيّدٍ على تهديدات مئات أوْ آلاف الصواريخ الثقيلة، جزء منها موجودة بيد حزب الله وموجّه نحو العمق الإسرائيليّ، مُضيفًا أنّه أمام تهديدٍ كهذا لم نقف في يومٍ ما في الماضي، ومن المعقول أنّ مئات الصواريخ في الحرب القادمة لن تصيب المنشآت الإستراتيجيّة لإسرائيل فحسب، بل ستتجاوزها وتصل إلى العديد من الأبراج السكنيّة في تل أبيب، مُشيرًا إلى أنّ “عقيدة الضاحية” تمّ وضعها في إسرائيل، ولكنّ حزب الله يستطيع أيضًا أن يطبقها تحت عنوان “عقيدة وزارة الأمن”، كما قال.
وأردف المؤرِّخ أنّه بات واضِحًا جدًا للجميع بأنّ إسرائيل ستدفع ثمنًا باهِظًا ومُوجِعًا ومُؤلِمًا في الحرب القادِمة، ولن تنصِر فيها، بيد أنّ الجهات المسؤولة جميعها عن التقديرات الإستراتيجيّة لا تفعل شيئًا من أجل منع هذه الحرب، مُشيرًا إلى أنّ وزارة الشؤون الإستراتيجيّة، التي تلقّت ملايين الدولارات من خزينة الكيان، لا تلتفِت بتاتًا إلى هذا التهديد، وتقوم ببذل جميع طاقاتها وقدراتها ضدّ حركة المُقاطعة (BDS)، على حدّ تعبيره.
وانتقد المؤرِّخ في مقاله جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) وقال في هذا السياق إنّ الموساد درج حتى فترة قبل نتنياهو على مُحاولة إقامة علاقاتٍ سريّةٍ مع أعداء إسرائيل، ولكن اليوم بات هذا الموضوع على الرّف، إذْ أنّ الموساد يقوم بالتواصل مع الأعداء عن طريق الاغتيالات والتفجيرات، التي عوضًا عن إبعاد شبح الحرب عن إسرائيل، فإنّها تعمل بشكلٍ مُباشرٍ على جعل الحرب قريبةً جدًا، كما قال.
وختم المُؤرِّخ مقاله بالقول إنّ التصرّفات التي تنتهجها حكومة بنيامين نتنياهو، منذ العام 2009، أيْ منذ انتُخِب لرئاسة الوزراء، هي عبارة عن خطرٍ حقيقيٍّ داهمٍ، وهذه حقيقة، لافِتًا إلى أنّه إذا اندلعت الحرب ضدّ إيران وحليفتها في المنطقة فإنّ إسرائيل هي التي ستدفع الثمن، وسيكون باهِظًا، على حدّ قوله.