تل أبيب: المُواجهة مع إيران باتت وشيكةً، لأنّ طهران ستُنفِّذ مُعادلتها بالردّ فورًا على أيّ عدوانٍ “إسرائيليٍّ” ضدّ أهدافها
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
الكمّ الهائِل من الأخبار، التقارير، الدراسات والتحليلات، التي ترى النور
في كيان الاحتلال مؤخرًا، والتي تُهيمِن على الأجندة الإعلاميّة
والسياسيّة والأمنيّة والعسكريّة في الدولة العبريّة باتت تؤكِّد لكلّ مَنْ
في رأسه عينان أنّ صُنّاع القرار في تل أبيب باتوا يُهيّئون الرأي العام
في تل أبيب لإمكانية مُواجهةٍ شامِلةٍ ومفتوحةٍ مع إيران وباقي أعضاء “محور
الشرّ”، أيْ سوريّة، حزب الله وتنظيمات المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع
غزّة، بالإضافة إلى العراق، أوْ أنّ الأحداث الأخيرة ستقود عاجِلاً أمْ
آجلاً، إلى صدامٍ عسكريٍّ محدودٍ بين الجمهوريّة الإسلاميّة وإسرائيل،
وفقًا للمصادر الرفيعة في تل الكيان.
وفي هذا السياق، نقل مُحلّل
الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، نقل اليوم عن
مصادره الرفيعة وواسعة الاطلاع بالمؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، قولها إنّ
تعاظم قوّة إيران العسكريّة، والمُعادلة الجديدة التي أرستها بأنّ أيّ
عدوانٍ إسرائيليٍّ على أهدافٍ لها ستؤدّي حتمًا لردّ فعلٍ عسكريٍّ من طرف
طهران، هذه المُعادلة، شدّدّت المصادر ستقود إلى صدامٍ عسكريٍّ أكيدٍ بين
إيران وكيان الاحتلال، لافِتةً في الوقت عينه إلى أنّ المُواجهة العسكريّة
بين الدولتين قد تحدث قريبًا جدًا، على حدّ تعبيرها.
وتابعت المصادر
عينها قائلةً إنّ منطقة الشرق الأوسط هي لا أكثر ولا أقّل، بالنسبة للرئيس
الأمريكيّ، دونالد ترامب، من صفقةٍ عقاريّةٍ، وأنّه تخلّى عن الأكراد في
سوريّة، لأنّهم لا يدفعون الثمن الماليّ الذي يحتاجه هذا الرجل لكي يُواصِل
دعمهم وحمايتهم، كما أكّدت.
وفي سياقً مُتصِّلٍ، قالت دراسةٌ صادِرةً
عن مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابِع لجامعة تل أبيب، قالت
إنّ هجوم الجيش التركيّ في شمال شرق سوريّة، أوْ حملة “نبع السلام” التي
بدأت في التاسِع من الشهر الجاري، هو الهجوم الثالث الذي تنفذه تركيا في
شمال سوريّة، ويُشكِّل الخطوة الأكثر طموحًا لها حتى اليوم في سوريّة، بل
والهجوم الذي أثار الانتقاد الدولي الأكبر، فالخطوات التي أدّت إلى الهجوم
ونتائجه هامّةً إقليميًا ودوليًا وتخرج عن المعركة المحددة.
وتابعت
الدراسة أنّ إن قرار ترامب إصدار الأمر مرّةً أخرى بانسحاب القوات
الأمريكيّة من سوريّة، حتى وإنْ كان من ناحيةٍ تكتيكيّةٍ مفاجئًا للجهات
الإقليميّة والدوليّة، كان في خلفية المداولات التي جرت مع أنقرة وطرحت
أيضًا في محادثاتٍ سابقةٍ بين ترامب واردوغان، والدينامكيّة التي نشأت في
العلاقات الأمريكيّة التركيّة منذ القرار الأمريكيّ بالانسحاب وبدء الحملة
التركيّة، بما في ذلك نشر رسالة ترامب إلى اردوغان، إلى جانب إعادة انتشار
القوات الأمريكيّة في سوريّة وفي العراق، وزيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك
بنس إلى أنقرة، وفي أعقاب ذلك الإعلان في 17 تشرين الأول (أكتوبر) عن
التوصّل لاتفاقٍ لوقف النار لـ 120 ساعة، هذه العوامل هي نتيجة مباشرة
لحاجة الإدارة للتصدّي للنقد الحّاد الموجه لترامب، الذي بخطواته هذه أضعف
كثيرًا قدرة الولايات المُتحدّة على تجنيد حلفاء في المستقبل وعلى مكانة
الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وقدرتها على الردع في وجه تهديدات
متصاعدة وتحديدًا من جانب إيران.
ووفقًا للدراسة، من ناحية تركيا، حتى
الآن حققت الحملة أهدافًا عسكريّةً وسياسيّةً هامّةً، وفضلاً عن ذلك، من
وجهة نظر أنقرة، مثلما أيضا من ناحية لاعبين إقليميين ودوليين آخرين، فإنّ
القرار الأمريكيّ بالانسحاب، مثل تصريحات الرئيس ترامب أيضًا، تُشدِّد على
اهتمامه بوضع حدٍّ للتدخل العسكريّ الأمريكيّ في النزاعات الإقليميّة،
وتُعزِّز هذه النظرية الفهم بأنّه يجب الاستعداد سياسيًا وعسكريًا لواقعٍ
إستراتيجيٍّ مُختلفٍ، سواءً في سوريّة أمْ في الإقليم، مع التشديد على
مجالات المناورة، لاتخاذ خطواتٍ أكثر جرأة للدفاع عن المصالح، أوْ كبديلٍ،
العمل على خطواتٍ إستراتيجيّةٍ اخرى، تُقدِّم جوابًا للتهديدات، ومن
المتوقع لهذا أنْ تكون أيضًا معانٍ بالنسبة لإسرائيل ولمنطقة شرق البحر
المتوسط، حيث شدّدّت تركيا جدًا نشاطها هناك.
في السطر الأخير، أكّد
مركز أبحاث الأمن القوميّ في تل أبيب على أنّ قرار ترامب بسحب القوات
الأمريكيّة من شمال شرق سوريّة ضعضع جدًا الاستقرار في هذا الجزء من
الدولة، وهجر الشراكة الكردية في إطار قوات سوريا الديمقراطية، والتي كانت
القوة الحاسمة البريّة ضدّ (داعش) الإرهابيّ-الوحشيّ، هو إشارة تحذير
لشركاء آخرين للولايات المتحدة.
واختتمت الدراسة قائلةً إنّ انصراف
القوات الأمريكيّة، وبالشكل الذي تمّ فيه، يمنح انتصارًا سهلاً أكثر من
المتوقع لخصوم واشنطن، وتحديدًا لإيران، وهو من المُتوقَّع أنْ يُسهِّل
بقدرٍ كبيرٍ على إيران “تفعيل المحور البريّ- الشيعيّ من العراق إلى سوريّة
وإلى لبنان، ويترك إسرائيل وحدها عمليًا في المعركة ضدّ تثبيت التواجد
الإيرانيّ في المنطقة”، قالت الدراسة.