زيارة نِتنياهو الاستفزازيّة للخليل خطيرةٌ لمعانيها الاستعماريّة..لكن ردّ السلطة “الباهِت” هو الأكثر خُطورةً..لماذا لم تحشِد السلطة مُظاهرات احتجاجيّة لإجهاضها كحدٍّ أدنى؟ ولماذا لم يزُر عبّاس الخليل مُطلَقًا ويُصلّي في حرمها الابراهيمي؟
ما هو أخطر من الزيارة الاستفزازيّة التي قامَ بها بنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء الاسرائيلي،
إلى مدينة الخليل، والحرم الإبراهيمي فيها، هو رد فِعل السلطة الفِلسطينيّة الذي كان باهِتًا وأكثر استفزازًا لمشاعر أهل المدنية والعرب والمُسلمين في كُل مكان.
فإذا كان نِتنياهو يقوم بهذه الزيارة في أوج معركته الانتخابيّة لكسب المزيد من أصوات اليمين الإسرائيلي، مثلَما قالت وزارة الخارجيّة الفِلسطينيّة، فماذا فعلت هذه الوزارة، والسلطة التي تتحدّث باسمها لإجهاض هذه الزيارة ومنعها من تحقيق أهدافها، جُزئيًّا أو كُلِّيًا.
كان باستطاعة هذه السلطة وأنصارها، أن تُحرّك عشَرات، بل مِئات الآلاف من المُتظاهرين في المدينة ضِد هذه الزيارة الاستعماريّة العُنصريّة، خاصّةً أنّها مُقرّرة مُنذ بضعة أيّام، ولكنّها لم تفعل غير إصدار البيانات التي تُدين وتُندّد، ممّا يُوحي بأنّها لا تُعارض فوز نِتنياهو وحزب الليكود الذي يتزعّمه في الانتخابات الإسرائيليّة المُقبلة، وشد أنظار العالم إلى الجرائم الإسرائيليّة في الأراضي المُحتلّة.
الرئيس محمود عبّاس، وكُل المُتحدّثين باسمه كانوا يُعارضون العمَل المُسلّح، ويُؤكّدون دائمًا تمسّكهم بالمُقاومة السلميّة، فأينَ هذه المُقاومة السلميّة، ونِتنياهو يقتحم مدينة الخليل، ويقول في خطابه “إنّ اليهود سيبقون في مدينة الخليل إلى الأبد”.
السيد نبيل أبو ردينة، النّاطق باسم الرئاسة، وصَف زيارة نِتنياهو ورئيس الدولة العبريّة رؤوف ريفين، بأنّها “تأتي في سِياق استمرار الاعتداءات على مُقدّساتنا الإسلاميّة والمسيحيّة سواء في مدينة القدس المحتلّة أو مدينة خليل الرحمن”، طيّب ماذا فعلتم لوقف هذه الاعتداءات غير إصدار هذا التّصريح؟ وأينَ اللّجنة التي تشكّلت لوضع الآليّات للانسحاب من اتّفاقات أوسلو، وسحب الاعتراف بإسرائيل ووقف التّنسيق الأمني؟
لو كان نِتنياهو يتوقّع مسيرات احتجاجيّة ضخمة ضِد زيارته لتردّد كثيرًا قبل القِيام بها، ولكنّه كان مُطمئِنًّا بأنّ السلطة، التي رشاها قبل بِضعة أيّام ببضعة ملايين من الشّيكلات لدفع الرواتب لمُوظّفيها، ستلتزم بفضيلة الصّمت، واستنكار هذه الخطوة الاستفزازيّة مثلَما فعلت دائمًا، وكفى الله المُؤمنين شر القِتال.
أهل الخليل الأبطال، الذين أنجبوا الشهداء، ولم يبخلوا مُطلقًا بالدفاع عن عُروبة مدينتهم، وتصدّوا بشجاعةٍ ورجولةٍ للمُستوطنين وقوّات الاحتلال، قاموا بالواجب لوحدهم، ودافعوا عن كرامة أمّة بأكملها، في حُدود قُدراتهم.
سؤال نطرحه بمُناسبة هذه الزيارة الاستفزازيّة لنِتنياهو، هل زار الرئيس عبّاس مدينة الخليل بعد عودة السلطة إلى الضفّة الغربيّة قبل رُبع قرن؟ الإجابة، التي هي لا قطعًا، تُلخِّص وضع هذه السلطة، والدور الذي تقوم به في مُواجهة الاحتلال؟
نِتنياهو يستعد لضَم الأراضي المُحتلّة، أو الجُزء الأقل كثافةً سُكّانيّةً بالدّرجة الأُولى، ولن نسمع من السلطة ووزارة خارجيّتها، والمُتحدّث باسمها، غير البيان السابق ذِكره بالصّياغة نفسها.
“رأي اليوم”