في ذكرى اغتيال الفنان المبدع الفلسطيني “ناجي العلي”سيظل رمزاً وطنياً للمثقف والفنان المناضل والمقاتل لأجل قضيته الأسمى
ناجي العلي .. الشهيد، المقاوم، السياسي، الوطني، الرسام المبدع .. وحنظلة، هذا بعض ما يتبادر إلى ذهن أي شخص حين يسمع اسم ناجي العلي،
أو يرى إحدى رسوماته الكاريكاتيرية، التي منذ نعومة خطها الأول حملت همّ القضية الفلسطينية على كاهلها، وسارت بها عبر الحدود والبلاد، كانت الشوكة التي أرقت الإحتلال الإسرائيلي، ما دفعه إلى اغتياله في الثاني والعشرين من تموز/ يوليو من العام 1987 برصاصة غادرة في شوارع لندن، حيث مات مُتأثراً بإصابته في التاسع والعشرين من آب/ أغسطس الذي تلاه.
وفي مثل هذا اليوم من كل عام، تمر ذكرى استشهاد ناجي مرور الكرام أبداً، فهو الذي عاش في وجدان ليس الفلسطينيين فقط، إنما كل الشعوب العربية والعالم الذي يناصر القضايا العادلة، والذي عرفت أعماله الفنية بما لمستها للواقع ولهموم الفلسطينيين، وبتنبئها بأحداث سياسية كبيرة حصلت في المنطقة، على الرغم من وفاته بأعوام طويلة.
ناجي العلي، رسام كاريكاتير فلسطيني، لم يُعرف تاريخ ولادته بالتحديد، ولكن عُرف بأنه من مواليد العام 1937 في قرية “الشجرة”، والذي لم يمكث فيها طويلاً، حيث عاش مع عائلته في مخيم “عين الحلوة” جنوب لبنان، بعد أن قام الإحتلال بتهجير أهل قريته كلها، وعقب إنهائه الدراسة هاجر إلى الكويت، وعمل بعدد من الصحف هناك كرسام كريكاتير، ومن أهم هذه المؤسسات الإعلامية، جريدة “القبس”، إلا أن الضغوط السياسية التي كان يتعرض لها آن ذك، أجبرته على الهجرة من جديد في العام 1985، وكانت وجهته هذه المرة العاصمة البريطانية لندن، وهناك وبعد عامين من مكوثه في مدينة الضباب، تم اغتياله.
عُرف ناجي العلي بشخصية “حنظلة”، هذا الطفل الصغير صاحب العشرة أعوام بحسب ما يعرف عليه ناجي نفسه، والذي يعطي ظهره إلى الناس، ويظل مُكتفاً يديه، وتكاد لا تخلو أي لوحة للفنان الفلسطيني من وجوده فيها، حتى بات أشبه بـ”التوقيع” له على كل لوحة، وكان أول ظهور له في العام 1969، في جريدة “السياسة” الكويتية، ويقول ناجي العلي عن حنظلة:
“ولد حنظلة في العاشرة في عمره، وسيظل دائماً في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين، وحين يعود حنظلة الى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء”.
اعتمد ناجي في أعماله أيضاً على مجموعة أخرى من الشخصيات، التي تمثل الواقع الفلسطيني، كشخصية “فاطمة”، هذه المرأة الفلسطينية الشجاعة، والتي لا يمكن أن تُخفض رأسها لأي شخص، وزوجها العجوز، الذي لطالما رسمه ناجي بصورة فاقد الأمل على الرغم من تشبثه بوطنه وقضيته، وغيرها من الشخصيات العديدة.
وها هو ناجي بعد32 عاماً من استشهاده، يظل رمزاً وطنياً للمثقف والفنان المناضل والمقاتل لأجل قضيته الأسمى، وفي سبيل وطنه الذي لم ولن يتخلى عنه.
محمد المعايطة