الحرب المحتملة في الخليج…وموقع المقاومة الفلسطينية منها…
ساري عرابي
سبق القول إنّ هذه الحرب محتملة، لا حتمية، ولكن صانع القرار يستعد لما هو أسوأ، وإذا كان الحديث عن صانع القرار في المقاومة الفلسطينية، فإنّ عليه أن يلاحظ جملة أمور؛ أوّلها أنّ الحرب على إيران، سواء اتخذت شكل الحصار الاقتصادي أم تحوّلت إلى حرب مسلّحة، فإنّها غير منفصلة عن مخططات تصفية القضية الفلسطينية، وترتيب المنطقة وفق رؤية اليمين الإسرائيلي التي تتبناها إدارة ترامب.
من نافلة القول إنّ أعداء إيران في هذا الوقت من حلفاء الولايات المتحدة هم قاطرة التطبيع مع “إسرائيل، وعرّابو ما يُسمى بـ”صفقة القرن”، وما “ورشة البحرين” عن ذلك ببعيدة، والخلاصة أن الرياح التي تستهدف إيران؛ تستهدف الفلسطينيين أيضا، بصرف النظر عن الرغبات، وهذه الرياح تضع المقاومة الفلسطينية وإيران في قارب واحد. الأمر الآخر، أن “إسرائيل” تُصنف المقاومة الفلسطينية حليفة لإيران، ولأنّ إيران، غالبا، سوف تُدخل “إسرائيل” في هذه الحرب، بقصفها من الشرق، أو بقصفها من الشمال بواسطة حزب الله، فإنّ ساحة قطاع غزّة لن تكون بعيدة عن المواجهة، حتّى لو قررت المقاومة فيها مجتمعة تجنّب هذه الحرب.
بالتالي وبناء على التصنيف الإسرائيلي للمقاومة الفلسطينية بصفتها حليفا لإيران، واغتناما للفرصة، ولعدم قدرة “إسرائيل” على تحمّل هذا الألم في خاصرتها الجنوبية، سوف تسعى “إسرائيل”، لحسم المعركة مع المقاومة في غزّة، ولن تكون الحرب، في حال لو قامت، كما سابقاتها، لا من حيث الأسلحة، ولا من حيث قوّة النيران، ولا من حيث عدد الضحايا، وهنا ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار أنّ ساحة غزّة لا تتفرّد حماس بإدارة المقاومة فيها، ومن ثم فالاستعداد الذاتي لخيار الحرب، خير من الاضطرار للانجرار إلى حرب لم يُستعدّ لها. هنا على حماس أن تطرح على نفسها مجموعة من الأسئلة تناقشها ورش العمل والأجهزة المختصة؛ فطالما أنّ استهداف قطاع غزّة احتمال قائم بقوّة؛ في حال قامت الحرب فعلا، فكيف ستدخل المقاومة الحرب، ابتداء من التنسيق بين قوى المقاومة نفسها داخل القطاع، أو بين القوى المستهدفة من الولايات المتحدة وحلفائها في هذا الوقت، كإيران وحزب الله.
هنا ثمّة أسئلة تفصيلية يجب طرحها: من سيبدأ من قوى المقاومة؟ وكيف؟ وأين؟ وإلى أي مدى يمكن أن تذهب المقاومة في مواجهتها؟ وإذا كانت هذه المعركة حاسمة بالنسبة للاحتلال، فكيف يمكن استثمارها في هذا الإطار، كنقل المعركة إلى أرض العدو، وإدامة القتال فيها، واستغلال العدوان الأمريكي الذي يجري خارج القانون الدولي لإضعاف المظلة الدولية التي أوجدت “إسرائيل”؟ مواجهة من هذه النوع سوف تتطلب استعدادا ضخما بالمعدات والغذاء والدواء، وتوقع الاحتمالات الأسوأ كأن يوسع الاحتلال دائرة استهدافه للفلسطينيين في القدس والضفة والأراضي المحتلة عام 48، وقراءة تلاحظ الموقف الحرج لدول لا تُعدّ عدوّة للمقاومة، كقطر وتركيا. هذه، بالتأكيد، ليست دعوة للحرب، ولا تأكيدا على وقوعها بالضرورة، ولكنها دعوة لتوقع السيناريو الأسوأ، والاستعداد له، ومحاولة مسبقة، لتحويل الحرب، لو وقعت، إلى فرصة في صالح التخلص من الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية وفتح ثغرة في المظلّة الحامية لـ”إسرائيل”.
عربي21