الأسباب الحقيقيّة للاعتِداء على المُهندسين العرب في كازاخستان..وليس فقط بسبب نشر صورة فتاة بوضعٍ مُخِلٍّ
تعرّض مجموعة من المُهندسين العرب العامِلين في شركة المُقاولين المتحدين (C C C) إلى اعتداءٍ بشِعٍ من قبل بعض الشبّان الكازاخيين في مقرّ عملهم قبل يومين، الأمر الذي استدعى نقل عدد منهم إلى مستشفياتٍ قريبةٍ لتلقّي العِلاج، وأثار موجات غضب على المُستويين الرسميّ والشعبيّ جرت ترجمته بإجراء وزارت الخارجيّة اللبنانيّة والفِلسطينيّة والأردنية اتّصالات مع نظيراتهما في كازاخستان لإجراء تحقيقات مُكثّفة وتوفير الحِماية للمُهندسين العرب.
السّبب المُباشر لهذا الاعتداء هو نشر أحد هؤلاء المُهندسين، يحمل الجنسية اللبنانيّة لصورةٍ له مع فتاة من أحد أحياء مدنية تنجيز، حيث وقع لاعتداء على مواقع السوشيال ميديا، اعتبرها أهلها “مسيئة” وفاضحة، وتنتهك شرف العائلة، لكنّ هُناك روايات أخرى تُركّز على أسبابٍ سياسيّةٍ وأخرى اجتماعيّة واقتصاديّة من بينها مُحاولة استهداف هذه الشركة العملاقة المشهورة بمشاريعها النفطيّة وبناء المطارات والعقارات الضّخمة، من قبل مُنافسيها، واتّهامها بالاستحواذ على العديد من العُقود في الدولة الكازاخستانيّة ودول أُخرى، إلى جانب تحرّك المُعارضة التي خسرت في الانتخابات البرلمانيّة الأخيرة لإحراج الحُكومة وخلق حالة من البلبلة.
تأسّست الشركة (المقاولون المتحدون) عام 1952 من قبل كل من المهندسين سعيد خوري، وحسيب الصباغ، وكامل عبد الرحمن وجميعهم فِلسطينيون لجأوا إلى لبنان بعد نكبة عام 1948، وانتقل مقرها إلى أثينا بعد اندلاع شرارة الحرب الأهليّة في لبنان رغم أنّ أعمالها تتركّز في السعوديّة ومُعظم الدول العربيّة، وتُعتبر من أكبر شركات المقاولات في الوطن العربي، وعلى المُستوى العالمي خُصوصًا في المُنشآت النفطيّة والبتروكيماويّة، وتفوق إيراداتها السنويّة الثّلاث مِليارات دولار، وتُوَظّف الآلاف من المُهندسين والإداريين العرب في مشاريعها، وخاصّةً من الأردن ولبنان وفِلسطين.
مصدر مُقرّب من الشركة في كازاخستان أكّد لنا أنّ نشر الصورة كان مُجرّد “المُفجّر” لحالة احتقان محليّة، خاصّةً في أوساط العاملين الكازاخيين الذين كانوا يشعرون بالغُبن والغيرة من جرّاء الرواتب العالية التي يحصل عليها زملائهم العرب في الشركة، بالمُقارنة مع رواتبهم المُتواضعة، واتّخذ هؤلاء من قصّة صورة الفتاة ذريعةً للهُجوم على هؤلاء المُهندسين.
وأكّد المصدر أنّ ذهاب بعض المُهندسين العرب، وغيرهم من جنسيّات أخرى، إلى بعض الملاهي الليليّة، للّقاء بالفتيات من الأمور العاديّة والمَألوفة، وهذا لا يعني أن نشر صورة الفتاة بالطّريقة المُسيئة لأهلها المُسلمين عملٌ مُبرّرٌ، فالمُجاهرة بالمعصية عملٌ مُدانٌ في كُل الأديان والأعراف الأخلاقيّة، تمامًا مِثل ارتكابها وأكثر.
الحقيقة التي يتجنّب الكثيرون الحديث عنها، أو الاعتراف بها، أنّنا كعرب بِتنا مكروهين كقوميّة وعِرق في مُعظم الدول الإسلاميّة العالميّة، وسُمعتنا أصبحت في قمّة السّوء من جرّاء بعض السّفهاء منّا الذين يخرجون عن الأعراف الدينيّة والاخلاقيّة، فالعربيّ باتَ معروفًا في نظر مُواطني شُعوبٍ أُخرى، بأنّه مهووسٌ بالجنس، ويُنفِق الأموال بطريقةٍ تبذيريّةٍ غير منطقيّة، ويتعالى على الشّعوب الأخرى، خاصّةً على الهنود والباكستانيين على سبيل المِثال، وهي شُعوب أصبحت تملك قنابل نوويّة وديمقراطيّات عريقة.
هذا الاستِعلاء العربيّ، والنّظرة العُنصريّة إلى الآخرين، علاوةً على غرق بعض رجال الأعمال في الرّشاوى والفساد وشِراء الذّمم، كلها عوامل أدّت، وستُؤدّي، إذا ما استمرّت، إلى المزيد من الصّدامات والاعتِداءات في كازاخستان ودُولٍ أُخرى.
“رأي اليوم”