ما بين وهم المفاوضات وهاجس الصفقة.. وسخط تجاه دعوات الإستجداء للقاء عباس مع نتنياهو في موسكو
غزة- محمد عطا الله
من الواضح أن دعوات قيادة السلطة الفلسطينية المتواصلة وإبداء الاستعداد المستمر لعقد أي لقاء يجمع رئيس السلطة محمود عباس برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، يعكس حالة التردي السياسي والإفلاس الذي بات يشكل خطرا على مستقبل القضية الفلسطينية.
وسط حالة الضبابية والمشاريع التي تطرحها الإدارة الأمريكية كمقدمة للإعلان عما يسمى بصفقة القرن، يجدد وزير خارجية السلطة، رياض المالكي، استعداد عباس؛ لإجراء مفاوضات مباشرة مع نتنياهو في موسكو، لافتاً إلى أن ذلك سيكون تلبية لدعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأوضح المالكي، أثناء كلمة ألقاها في معهد (تشاتام هاوس) للدراسات الدولية في لندن، الجمعة، أن هذه القمة ستؤتي ثمارها إذا تم تنظيمها بصورة جيدة.
تلك الدعوات تثير حالة من الاشمئزاز لدى الفلسطينيين الذين سئموا إصرار قيادة السلطة على المضي في خيار بات محكوما عليه مقدما بالفشل بعد تجربة تزيد عن ربع قرن من الركض خلف اتفاقيات تسوية لم تجلب لهم سوى المزيد من الاستيطان وقضم الأرض وتهويد المسجد الأقصى والسيطرة عليه.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن الإصرار على خيار المفاوضات دليل عجز وإفلاس السلطة وانعدام الأفق السياسي أمامها، مبينا أن السير على ذات هذا النهج هو انتحار سياسي لن يعود على القضية الفلسطينية بالنفع وسيسهل على الاحتلال ابتلاع المزيد من الأرض وتهويد المقدسات وتصفية القضية.
ويوضح الغريب في حديثه لـ”الرسالة” أن موقف السلطة يدل على انعدام الخيارات لديها ويعكس تورطها الواضح في كل مشاريع التنازل والتفريط التي بدأت منذ توقيع أوسلو مرورا بمسيرة مفاوضات لم تلب للشعب الفلسطيني أدنى حقوقه.
ويُشدد على أن ما يجري مؤشر خطير على اعتبار أن السلطة لا تكترث لحقوق الشعب الفلسطيني والثوابت الفلسطينية وكل ما يهمها الحفاظ على كيانها الوظيفي بعد أن أصبحت عبئاً على المشروع الوطني الفلسطيني.
ويشير إلى أن المطلوب تجاه هذا الإصرار من قيادة السلطة، موقفا فصائليا جامعا لتوحيد كل الطاقات الفلسطينية اتجاه مواجهة كل المشاريع التصفية والتي تهدف لإنهاء القضية وبات الحديث بكثرة عنها في الآونة الأخيرة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية البروفسور عبد الستار قاسم أن الإلحاح المتكرر من رئيس السلطة للقاء نتنياهو يرجع إلى عجزه وعدم تحقيقه أي إنجاز، الأمر الذي يدفعه إلى محاولة استرضاء نتنياهو بأي وسيلة كانت.
ويوضح قاسم في حديث لـ “الرسالة” أن لقاءات قيادة السلطة مع الاحتلال الإسرائيلي لم تنقطع يوما وخاصة لقاءات الأجهزة الأمنية والتنسيق الأمني، مبينا أن عباس مستعد للانبطاح في محاولة لعقد أي لقاء من شأنه أن يعيد عجلة المفاوضات.
وتابع “من خلال هذه الدعوات يسعى عباس لاستعطاف نتنياهو وإيصال رسالة له أنك تحرجني أمام شعبي بسبب رفض اللقاء واستعطافه، ولكن في نهاية الأمر لن يحصل على أي شيء ولن يحقق مراده”.