هل يُريد محمود عبّاس التّقاعد في منزلِه بعمان فِعلًا؟ ولماذا لم يوقف التّنسيق الأمنيّ وسحب الاعتِراف بإسرائيل؟ وماذا عن حقيقة موقفه من“صفقة القرن”؟ ماذا ينتظر؟
April 28, 2019
لم تُفاجئنا الأنباء المُتزايدة حول حالة الإحباط التي يعيشها حاليًّا الرئيس الفِلسطينيّ محمود عبّاس، وتتحدّث عن إبلاغه الجانب الأردني بأنّه يستعد لأسوأ الخِيارات بما فيها الإقامة لفترات أطول خارج رام الله، لأسبابٍ عديدة، أبرزها أنّه بات مُهمّشًا عربيًّا ودوليًّا، وأصبح يتوقّع قرارًا إسرائيليًّا بإبعاده من المُقاطعة مقر قيادته في رام الله في أيّ لحظة، وضم المِنطقة (c) التي تتواجد فيها مُعظم المُستوطنات في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وإلحاق المُدن الكُبرى المكتظّة بالسكّان بالأردن بمُقتضى “صفقة القرن”، لتحويل الأخير، أيّ الأردن، كوطنٍ بديلٍ وتغيير تركيبته السكّانيّة.
الرئيس عباس لا يفعل أيّ شيء هذه الأيّام غير التّهديد بوقف التّنسيق الأمنيّ، وسحب الاعتراف بإسرائيل، وإلغاء اتّفاقات أوسلو، ويعقد جلَسات للمجلس المركزي الفِلسطيني “تلوك” بياناتها الختاميّة التّهديدات الفارغة نفسها، ولا يُقدم على أيّ خطوات عمليّة لتطبيقها.
لا نعتقد أن بنيامين نِتنياهو وحُكومته اليمينيّة العنصريّة تأخذ تهديدات الرئيس عبّاس هذه بالجديّة التي يأملها، لأنّها تعوّدت عليها، وتعرف جيّدًا أنّه بات محصورًا في مكتبه في رام الله دون أيّ سُلطات أو تأثير حقيقيين في الدّاخل والخارج معًا.
إذا صحّت الأنباء التي تقول إنّ الرئيس عبّاس يُمهّد للإقامة في منزله الضّخم في أحد أحياء العاصمة الأردنيّة الذي يحظى بحماية خاصّة، فإنّه بذلك يُذكّرنا بالسيد يحيى حمودة، الرئيس “الانتقالي” لمنظمة التحرير، الذي وصل إلى موقعه بعد إقالة مؤسسها أحمد الشقيري بعد هزيمة عام 1967، وتهيئة المسرح لنقل القيادة إلى الرئيس ياسر عرفات الذي كان يقود المُقاومة الفِلسطينيّة المُسلُحة، ولكن هُناك فارقًا أساسيًّا، أنّ السيد حمودة سلّم المُنظّمة للمُقاومة الفِلسطينيّة، أمّا السيد عبّاس فقد يُسلّمها للمجهول.
كُنّا نتمنُى لو هدم المعبد على رؤوس الجميع، وطبّق تهديداته كامِلةً بإنهاء التّنسيق الأمني وحل السلطة، وإعلان انطلاق المُقاومة ضِد الاحتلال بأشكالِها كافّة، ولكن التمنيّات شيء والواقع شيء آخِر.
الرئيس ياسر عرفات سار على هذا الطّريق المُشرّف عندما أدرك أنّ إسرائيل لا تُريد السّلام، ولا حل الدولتين، وأعلن أنّه سيموت شهيدًا، وكان له ما أراد، ولكنّ الرئيس عرفات شيء، وخلفه محمود عبّاس شيء آخر.
مُقاطعة الامريكان و”صفقة القرن” نهجٌ محمودٌ، ولكنّه لا يكفي، ويُعطي نتائج عكسيّة، وتأجيل اتّخاذ قرار المُقاومة يُكرّس “صفقة القرن”، التي تُطبّق بالتّقسيط غير المُريح للفِلسطينيين، وزيادة الدّعم لها من حُلفاء أمريكا وإسرائيل والعرب، وفرضِها كأمرٍ واقعٍ، ومن لا يُريد أن يموت خائنًا عليه أن ينتقل إلى خندق المُواجهة، وفي أسرعِ وقتٍ مُمكنٍ، وقبل إعلان تفاصيل الصّفقة والبِدء في تطبيق ما تبقّى منها دُفعةً واحدةً.
هل سيأخُذ الرئيس عبّاس بهذه النّصيحة، والنّصائح الأُخرى التي تُشبهها ويُكرّرها ليل نهار أبناء الشّعب الفِلسطينيّ في الوطن والمهجر؟
الإجابة سلبيّة للأسف.
“رأي اليوم”