اليوم الذكرى الـ41 لاستشهاد القائد الفلسطينيّ د. وديع حدّاد “أبو هاني”وراء العدّو في كلّ مكان”
الناصرة-زهير أندراوس:
يُصادف اليوم الذكرى 41 لاستشهاد القائد الوطني والقومي والمقاتل الفذ وأحد مؤسسي حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وديع حداد “أبو هاني”.
ولد الشهيد وديع حداد في مدينة صفد في العام 1927، وكان والده يعمل مدرسًا للغة العربيّة في إحدى المدارس الثانوية في مدينة حيفا، وبحكم وجود والده في حيفا فقد تلقي تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في المدينة، وأثناء وجوده على مقاعد الدراسة بمراحلها المختلفة تميّز الشهيد وديع بذكائه المتقد ونشاطه المميزة وتفوقه في مادة الرياضيات، كما أنّه كان يُمارس رياضة الجري وأنشطة رياضية أخرى.
ونتيجة للمأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني نتيجة النكبة عام 48، اضطر للهجرة من وطنه واللجوء مع عائلته ووالده إلى مدينة بيروت حيث استقر بهم الحال هناك، وفي هذه الأثناء التحق وديع بمقاعد الدراسة في الجامعة الأمريكيّة ليدرس الطب.
ويمكن القول إنّ الشهيد وديع حداد بدأ عمله السياسيّ كمحترف وقائد سياسيّ وجماهيريّ بعد تخرجه كطبيب من الجامعة الأمريكيّة وانتقاله إلى ساحة الأردن والتحاقه برفيق دربه الدكتور جورج حبش الذي كان قد سبقه إلى هناك، ليشكلا معًا العيادة المجانية إلى جانب عيادتيهما، معتبرين نشاطهما الأساسيّ والرئيسيّ النشاط الوطنيّ والقوميّ وليس الطبيّ.
وعلى ضوء عملية الانفصال التي حصلت بين مصر وسوريّة، انتقل وديع إلى بيروت واستمر في تولي مسؤوليته القيادية للجانب الفلسطينيّ، وفي مرحلةٍ لاحقةٍ تولى مسؤولية العمل العسكري لكل فروع حركة القوميين العرب حيثما تواجدت، حيث أسندت له مهمة الإعداد للعمل الفدائي فلسطينيًا وعربيًا (اليمن – ليبيا – وأقطار أخرى) وعلى المستوي الفلسطينيّ كان الشهيد وديع من أكثر المتحمسين لبدء العمل المسلح ضدّ الكيان الصهيونيّ.
وجاءت هزيمة حزيران 1967 لتزيد حماسه في ممارسة الكفاح المسلح، وكان مشدودًا لإنشاء جبهة فلسطينية كاملة تضم كل القوى المسلحة على الساحة الفلسطينية علي شاكلة الجبهة التي تشكلت في الجزائر، ولإخراج هذه الفكرة إلي حيز الوجود الفعلي، قام بصفته مندوبًا عن الحركة بفتح حوار مع كل من حركة فتح وجبهة التحرير الفلسطينية، و “طلائع حرب التحرير الشعبية” (الصاعقة) وفشلت المحاولة بسبب موقف قيادة فتح من مسألة الجبهة الوطنية.
وفي ظل الأجواء الملبدة بغيوم الهزيمة العربية الرسمية في حزيران 67 ، وفي ظل الشعور المتزايد لدى قيادة حركة القوميين العرب أنّ النضال القومي قد غيّب الخاص الفلسطيني، فقد اتجهت الجهود نحو تشكيل أداة فلسطينية تكون مهمتها النضال من أجل تحرير فلسطين، عبر تبنيها لأشكال نضال ووسائل كفاحية تتخطى وتتجاوز الأشكال والأساليب التي اتبعتها الأنظمة العربية الرسمية، والتي ثبت عجزها على مواجهة التوسع الصهيوني واسترداد فلسطين، وتمّ تشكيل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من شباب الثأر وأبطال العودة وجبهة التحرير الفلسطينية وعدد من الشخصيات والرموز الوطنية القومية الناصرية.
ومنذ التأسيس تولى الدكتور وديع مهمات قيادية أساسية جداً في الجبهة حيث أسندت له مهمتان رئيسيتان هما المالية والعمل العسكري الخارجي، وأثبت الشهيد من خلالهما قدرات قيادية وعملية جديرة بالاحترام والتقدير، حيث جسد شعار “وراء العدو في كل مكان” بطريقة فاعلة.
إنّ العمليات العسكرية التي نفذتها الجبهة والخط التكتيكي العسكري الذي قاده الرفيق الشهيد وديع كانت في حينه ضرورة من ضرورات إشهار القضية الفلسطينية وتعريف العالم بقضية هذا الشعب ومعاناته جراء الغزوة الصهيونية الغاشمة التي شردته من أرضه ووطنه ورمت به في شتات الأرض ومخيمات اللجوء المختلفة.
استشهد في الـ28 من شهر آذار (مارس) عام 1978، وكان حداد قد توفيّ مسموما في ألمانيا الشرقيّة.
وفي العام 2006، أيْ بعد 28 سنة من وفاته، اعترف الموساد الإسرائيليّ (الاستخبارات الخارجيّة) بالمسؤولية عن اغتياله، حيث كشف النقاب عن أنّ الموساد هو الذي قام باغتيال حداد بواسطة شوكولاته بلجيكيّةٍ مسمومةٍ، أوصلها إليه أحد العملاء العراقيين الذي كان يُعتبر مُقرّبًا جدًا منه، بحسب الرواية الإسرائيليّة، التي ساقها الصحافيّ اهارون كلاين، في كتابٍ اعتمد على مصادر رسميّةٍ في المؤسسة الأمنيّة بالدولة العبريّة.
في الذكرى 41 تحية وفاء للشهيد القائد وديع حداد… وتحية لكل شهداء شعبنا وثورتنا…