حوارات موسكو في الخلفية والنتائج
القدس نت – رامز مصطفى
بدعوة من معهد الاستشراق الدولي في روسيا الاتحادية جولة جديدة من الحوارات تبدأها الفصائل الفلسطينية في موسكو تهدف التوصل إلى إنهاء الانقسام وإعلان المصالحة . وهذه ليست المرة الأولى التي تستضيف فيها موسكو حوارات فلسطينية – فلسطينية ، لهذه الغاية .
أسئلة تفرض نفسها بقوة على طبيعة الدعوة الروسية للفصائل الفلسطينية ، تقع في أولويات تلك الأسئلة ، ما هي خلفية الدعوة وأسبابها ؟ ، وتالياً ما الجديد الذي ستقدمه القيادة الروسية من رؤى من شأنها أن تنتهي انقساماً بات يستوطن المشهد الفلسطيني على مدار ما يزيد على عقد من الزمان ، بات معه القول أن إنهاء الانقسام يحتاج إلى معجزة ، وهي غير متاحة ، لأن من في مقدورهم ذلك ، ليسوا في وارد تحقيق إنهاء الانقسام ؟ . وهل الدعوة الروسية أخذت بعين الاعتبار ، أن حصرية ملف إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة من مسؤولية القيادة المصرية ، التي وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها لم تصل بعد بالمصالحة إلى بر أمان كل من حماس وفتح ، حيث على أمواجهما العاتية تتكسر الآمال في طي صفحة من الصفحات السوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني ، المتمثلة بالانقسام ، وقبلها اتفاقات ” أوسلو ” .
إن الخلفية التي وقفت وراء الدعوة الروسية لجولة جديدة من حوارات الفصائل ، هي الموقف الروسي الداعم للقضية الفلسطينية ، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني . وفي تقديري أن ثمة أسباب وقفت خلف تلك الدعوة ، تتمثل أولاً بإدراك القيادة الروسية ، وهي الدولة العظمى ، أن هناك مخاطر جدية تواجه القضية بهدف تصفيتها ، و” صفقة القرن ” العنوان الأبرز لِما يتم تدبيره في الكواليس الأمريكية و” الإسرائيلية ” ودول التطبيع من رجعيات عربية . وما مؤتمر وارسو التي تعمل عيه إدارة الرئيس ترامب ، وفي أحد أهم استهدافاته كيف سيتم تمرير ” صفقة القرن ” الصهيو أمريكية ” . وأن استمرار حالة الانقسام ستسهل بشكل أو أخر ما يسعى إليه ترامب وفريقه عملية تصفية القضية . وهذا هو جوهر الموقف الروسي ، مضافاً لذلك أن القيادة الروسية ، التي كانت قد وجهت الدعوة في وقت ليس ببعيد إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس من أجل زيارة موسكو ، وتم إرجائها . وكذلك إرجاء طلب حركة فتح لزيارة موسكو ، فضلت اقيادة الروسية وتفادياً للإحراج في حال استقبلت أي من الحركتين دون الأخرى ، وعليه ارتأت الخارجية الروسية وعبر معهد الاستشراق الروسي أن تتم دعوة جميع الفصائل التي حضرت الحوارات في المرة السابقة زائداً منظمة الصاعقة .
وعن الجديد الروسي ، لا أعتقد أن ثمة أفكار سحرية ستقدمها القيادة الروسية للمتحاورين على الرغم من مطالبة بعض الفصائل للسيد بدغوانوف بضرورة أن تكون هناك ورقة لأفكار روسية توضع أمام الفصائل المتحاورة ، الأمر الذي يسهل على المشاركين بالحوار حوارهم ، خصوصاً أن السقف الزمني للمتحاورين قد حدد بيومي 13 و14 شباط الجاري .
وفي خصوص الحصرية المصرية لملف الحوار ، يدرك الروس حساسية دخولهم على الملف ، ومن ثم هم لا يطرحون أنفسهم بديلاً عن الدور المصري ، بل هي مساهمة مسؤولة وجادة من قبلهم تهدف إلى المساعدة في جسر الهوة في طريق المصالحة وإنهاء الانقسام . ولا أعتقد أن القيادة الروسية في وارد أن تدخل في سجال أو خلاف مع مصر حول هذا الملف ، خصوصاً إذا ما صدقت التسريبات الإعلامية حول الامتعاض المصري من الدعوة الروسية ، بل لأي دور عربي أو دولي في هذا الشأن ، وهي أي مصر عملت في الالتفاف على الدعوة الروسية ، من خلال دعوة اسماعيل هنية وزياد نخالة إلى مصر ، وإجراء حول مباحثات منفردة مع الجانب المصري ، ومن ثم الاجتماع المشترك بين حركتي حماس والجهاد في حضور هنية ونخالة ، وصدور بيان مشترك ، الذي سجل عليه ، تجاهله التام الدعوة الروسية للفصائل من أجل الحوار في موسكو ، بل والتأكيد على أن لا بديل عن الرعاية المصرية لملف المصالحة .
إن نسبة نجاح حوارات موسكو ليست مرتفعة ، بل هناك من يراها تكرار لحوارات سابقة ، لن يخرج عنها شيء ، خصوصاً أن كل من حماس وفتح تتمسكان بموافقهما البعيدة كل البعد عن بعضهما البعض . وفي تقديري وليس من باب التشاؤم ، أن فشل حوار الفصائل في موسكو سيدفع القيادة الروسية إلى التخلي عن أية محاولات أو جهود مستقبلية تتعلق بإنهاء الانقسام والمصالحة .