من يقود الشعب الفلسطيني..!؟ ومن يصنع قيادة الشعب الفلسطيني..!؟ الشعب الفلسطيني يبحث عن دوره الاصيل في صناعة قيادته
من يقود الشعب الفلسطيني..!؟ ومن يصنع قيادة الشعب الفلسطيني..!؟ الشعب الفلسطيني يبحث عن دوره الاصيل في صناعة قيادته..
الكاتب: عوني المشني
*نحن امام مشهد شعب بدون قيادة او بقيادة ملتبسة ، شعب يدعي الجميع قيادته ، وشعب يبحث عن دوره الاصيل في صناعة قيادته*
لا يوجد شعب دون قيادة ، لا بل لا يوجد مجموعة بشرية بدون قيادة ، وحتى لو مرت فترة رمادية على شعب اختلطت فيها المعايير وضاعت البوصلة وافتقد النظام والقيادة فتلك حتما هي فترة مؤقتة ، طارئة ، خارجة عن النسق ، وسرعان ما تنتهي لتنتظم الحركة الاجتماعية السياسية ويصنع الشعب قيادته او تصنع له قيادة .
الشعب الفلسطيني ليس نشاز عن حركة الشعوب ، له خصوصية في بعض الجوانب كما لكل شعب خصوصيته ، يمر بظروف تركت تأثيرًا في تشكيله وهذا ليس حكرا على الشعب الفلسطيني دون غيره .
السؤال : من الذي كان يقود الشعب الفلسطيني الان ؟!!
لنبدأ باستعراض القوى التي في هذا الدائرة …..
منظمة التحرير الفلسطينية …. هي الممثل السياسي الوحيد للشعب الفلسطيني ، شعار عظيم قاتل الشعب الفلسطيني من اجله ودفع الثمن غاليا لتحقيقه ، وفعلا جسدت منظمة التحرير هذا الشعار حتى اصبح احد مسلمات وثوابت الحالة الفلسطينية . لكن رغم اهمية استمرار اسباب وجوده سياسيا على الاقل الا انه واقعيا تآكل الى حد التلاشي . لم تعد منظمة التحرير بمضمونها تشكل اداة فعل قيادي وتقلص دورها النضالي والسياسي الى حد الذوبان ، وحلت السلطة مكانها وبشكل كامل . اليوم نستطيع القول وبلا مواربة : منظمة التحرير كفكرة ورؤيا هي قيادة الشعب الفلسطيني ولكنها واقعيا هي غير موجودة ، ولا تقود احد وتستخدم في السياقات المختلفة لتعزيز شرعية اشخاص لا اكثر .
السلطة الفلسطينية : السلطة الفلسطينية رسميا هي ليست قيادة وليست جهة قيادية بقدر ما هي صاحبة مسئولية خدماتية لا اكثر . موضوعيا الامر مختلف فالسلطة تحولت رسميا الى قيادة سياسية ، وتم الاستحواذ على منظمة التحرير واستيعابها في السلطة . ولكن كل هذا لم يحول السلطة الى قيادة حقيقية ، فالسلطة تفتقد الثقة الجماهيرية الى حد كبير وتنأى بنفسها عن اي دور نضالي , والاخطر ان هناك سلطتين منقسمتين كل منهما ت تدعي الشرعية ، واكثر من هذا فان اكثر من نصف الشعب الفلسطيني هم الفلسطينيين في الشتات لا علاقة لهم بالسلطة من حيث خدماتها او حتى شرعيتها التي لا يشاركون في انتاجها عبر التصويت في الانتخابات الخاصة بها هذا عدا عن الفلسطينيين في المحتل من فلسطين عام ١٩٤٨ . كل هذا يقودنا الى الاستنتاج الواضح ان السلطة لا تمثل جسم قيادي للشعب الفلسطيني
الفصائل الفلسطينية : الفصائل الفلسطينية تشكلت في سياق النضال الفلسطيني كاطر نضالية قبل ان تكون قوى سياسية تمثيلية ، لكن عبر دورها الكفاحي اصبحت قوى منفردة او مجتمعة تشكل القيادة السياسية للشعب الفلسطيني واستمدت شرعيتها من دورها الكفاحي ، وقد ترجمت دورها السياسي كقيادة سياسية عبر الانخراط في منظمة التحرير ، في العقود التي تلت اتفاقيات اوسلو تنازلت تلك القوى جزئيا عن مساحة كبيرة في دورها السياسي كقيادة سياسية لصالح السلطة ، وتنازلت عن مساحة اخرى عبر تقلص دورها النضالي . هذا كله ادى الى تراجع دورها النضالي والتمثيلي وبالتالي تراجع تأثيرها في الحياة السياسية الفلسطينية ، ربما الدور الاساس الذي تحتله كل من فتح وحماس في القيادة السياسية مستمد من هيمنتهما على السلطة اكثر من دورهما الكفاحي ، واذا كانت حماس تستخدم النضال الوطني لتعزيز دورها في السلطة فان فتح تستخدم التاريخ النضالي لفتح لنفس الغرض ، واستخدام المقدس الديني من قبل حماس يقابله استخدام المقدس الوطني من قبل فتح ، وكلاهما يغتصبان السلطة بقوة الامر الواقع حيث تآكلت شرعية الانتخابات التي اوصلتهما الى السلطة خاصة بعد اكثر من خمسة عشر عاما بعد اخر انتخابات وساهم الاداء السيئ والفساد في تشكل ازمة ثقة عميقة بين تلك الفصائل والجمهور الى الحد الذي تحول نقد الشارع لهما الى موقف جماهيري له تأثيره وحضوره الكبيرين .
الفصائل كما هو حال منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية اصبحت في الاونة الاخيرة تعتاش على ازمة عدم وجود بديل ، فالشارع الفلسطيني ما زال يتلمس البديل بصعوبة كبيرة وهذا يعطي الفرصة لاستمرار المراوحة بين هذه الاطر التي تزداد ابتعادا عن دورها ومهمتها . هذا يؤشر الى ان الشعب الفلسطيني يعيش مرحلة رمادية غاية في التعقيد ، القديم لم يمت بعد والجديد ام يولد بعد ، والطريق الى الخروج من الازمة متعرج وشديد الصعوبة .
تاريخيا تصنع القيادة في فلسطين عبر ثلاث طرق : الطريق التقليدي عبر العشيرة وذاك كان في زمن كانت للعشيرة سلطة شبه مطلقة ، والطريق الثاني هي الشرعية النضالية وهذا كان زمن الثورة والثوار ، اما الطريقة الثالثة فهي الانتخابات وهذا عهد المؤسسات والنظم الديمقراطية .
وعندما تغيب الطرق الثلاث كما هو حاصل اليوم فان القوى الخارجية وصاحبة المصلحة يكون لها دور فاعل واساسي في تصنيع القيادات ، هذا لا يلغي حقيقة ان اعطاء تلك القيادات شرعيتها هي العامل الملتبس ، بعضهم يريد هيكل منظمة التحرير كاداة لاعطاء الشرعية وبعضهم يريد مقاومة موسمية استخدامية ، ولكن كلاهما في حقيقة الحال يستند الى عامل خارجي !!!!
والى حين نحن امام مشهد شعب بدون قيادة او بقيادة ملتبسة ، شعب يدعي الجميع قيادته ، وشعب يبحث عن دوره الاصيل في صناعة قيادته