*خلافة محمود عباس..مرحلة توليه المسؤولية تعد الأسوأ في تاريخ القضية الفلسطينية*
*خلافة محمود عباس..مرحلة توليه المسؤولية تعد الأسوأ في تاريخ القضية الفلسطينية*
*ماجد الزبدة*
ونحن نتحدث عن أفول نجم محمود عباس السياسي فإننا نستحضر بكل أسى قيادته للمشهد الفلسطيني طيلة سبع عشرة سنة مضت، في مرحلة تعد الأسوأ في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث شهد عهده انقسامًا فلسطينيًّا حادًا أضر بالقضية والشعب الفلسطينيين؛ بسبب إصرار الرجل على رفض الشراكة الفلسطينية، ومنع إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وتقديسه التنسيق الأمني مع الاحتلال، ورفضه كل أشكال المقاومة الفلسطينية، بل ومطالبته بقتل الفلسطيني الذي يطلق صاروخًا على الاحتلال، كما أن عهده السياسي اتسم بانتشار المحسوبية والفساد بين أركان السلطة الفلسطينية، ما دفع الاتحاد الأوروبي وعددا من الدول العربية إلى إيقاف دعمهم لموازنة السلطة الفلسطينية التي أضحت في عهد عباس عبئًا على الشعب الفلسطيني.
يبدو أن معركة خلافة محمود عباس باتت ترجح كفّتها لصالح القيادي في حركة فتح، وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، حسين الشيخ، الذي يشكل إلى جانب عدد من قيادات أخرى في حركة فتح أحد الأقطاب المتنافسة على خلافة محمود عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية، ومع تواتر الأنباء حول تدهور صحة عباس الذي جاوز سبعة وثمانين عامًا يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد احتدامًا فلسطينيًّا متصاعدًا في ملف خلافة الرجل الذي يشغل عددًا من المناصب القيادية الفلسطينية.
ما ذكرته قبل أيام قناة بي بي سي البريطانية على موقعها الإلكتروني على تويتر أن عباس كلف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ ببعض مهامه لظروف صحية، يعزز ما ذكرته بعض المصادر الصهيونية قبل أيام، ولا سيما الصحفي الصهيوني إيدي كوهين بأن معلومات شبه مؤكدة أن عباس دخل في حالة غيبوبة، علمًا أن الرجل يعاني منذ سنوات أوضاعا صحية صعبة، اضطر في إثرها إلى المكوث في المستشفى مرات عديدة.
غياب محمود عباس عن المشهد الفلسطيني لا تُخطئه عين، فبالرغم من الأحداث الجسام التي شهدتها مؤخرًا القضية الفلسطينية، ولا سيما الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى، وعدوان الاحتلال البشع ضد المرابطين في باحات الأقصى، إضافة إلى عدوان جيش الاحتلال المتصاعد على أهالي محافظة جنين شمال الضفة، وتصاعد هجمات المستوطنين، وعمليات القتل الميداني على حواجز الموت الصهيونية في الضفة المحتلة، لم نشهد خلالها أي ظهور إعلامي للرجل للتعقيب على تلك الجرائم والأحداث.
ربما يشكل تعدد المناصب السياسية والتنظيمية التي يشغلها عباس مشكلة لحركة فتح التي تعاني صراعات تنظيمية حادة، نتجت عنها هزائم متتالية طالت الحركة في نتائج الانتخابات التي أجريت مؤخرًا في جامعة بيرزيت، ونقابة المهندسين والأطباء بالضفة المحتلة، وكذلك في نقابة المهندسين والصيادلة في غزة، إضافة إلى تراجع حضورها وتأثيرها في نقابة المحامين أيضًا.
المناصب التي يشغلها عباس هي: رئيس دولة فلسطين، ورئيس اللجنة التنفيذية لحركة فتح، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس السلطة الفلسطينية، إضافة إلى القائد الأعلى لقوى الأمن، وهي مناصب تدفعنا لاستحضار أسماء المتنافسين على خلافة الرجل بدءًا من جبريل الرجوب الرجل القوي في حركة فتح، ومحمود العالول نائب رئيس الحركة، ومروان البرغوثي المعتقل في سجون الاحتلال منذ 2002، الذي يواجه حكمًا بخمسة مؤبدات، ومحمد دحلان النائب عن حركة فتح، الذي يتمتع بحضور جماهيري بين أوساط الحركة في غزة، إضافة إلى حسين الشيخ الذي بات في ظل المستجدات أقوى المتنافسين على خلافة عباس.
وبالحديث عن حسين الشيخ كبير مستشاري عباس الذي عينه الرجل قبل أسابيع بقرار منفرد ودون عقد اجتماع رسمي للجنة التنفيذية للمنظمة في منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية خلفًا للراحل صائب عريقات، ليصبح بين ليلة وضحاها الرجل الثاني بعد عباس في منظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم مرشحًا مُتوقعًا لخلافة عباس في رئاسة المنظمة، وهو أيضًا يشغل منذ سنوات منصب وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، ومسؤول التنسيق والاتصال بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، كما دأب خلال الأشهر الأخيرة على عقد لقاءات مع القناصل والسفراء، وإطلاق تصريحات سياسية فلسطينية استعدادًا لخلافة عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية.
لا يتمتع حسين الشيخ برصيد شعبي واسع بين القواعد الجماهيرية لحركة فتح مقارنة بقادة فتح الآخرين، كما أن تبوؤه منصب رئاسة السلطة والمنظمة خلفًا لعباس يشكل نجاحًا باهرًا للاحتلال، إذ إنه من المعلوم أن الرجل يتمتع بعلاقات وثيقة مع قادة جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية المختلفة، وشارك في معظم اجتماعات عباس مع قادة الاحتلال خلال السنوات الأخيرة، وهو من الرافضين لنهج المقاومة المسلحة، ويدعم التعايش مع الاحتلال، كما أنه أحد المسؤولين عن تفشي حالة الإحباط بين الأطر القيادية والشعبية لحركة فتح نتيجة فشل مشروعها السياسي، وانحراف السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية عن دورها المنشود بالدفاع عن الشعب الفلسطيني في مواجهة هجمات المستوطنين وجيش الاحتلال المتصاعدة في الضفة والقدس المحتلتين.
تعيين حسين الشيخ خلفًا لمحمود عباس يشكل نكوصًا من حركة فتح عن التوافقات الفلسطينية الداخلية، وضربًا بكل الدعوات الفلسطينية التي تطالب بترتيب البيت الفلسطيني عرض الحائط، خاصة أن منصب رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ليس شأنًا داخليًّا فتحاويًّا، بل يمس كل الفلسطينيين، كما أن اعتماد الشيخ خليفة لعباس يستوجب انتزاع مباركة من القوى الفلسطينية الفاعلة، ولا سيما حركتي حماس والجهاد الإسلامي، والجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، وهنا نتوقع أن تمارس بعض الأنظمة العربية والإقليمية ضغوطات على القوى الفلسطينية المختلفة، وفي مقدمتها حركة حماس لقبول الشيخ زعيمًا مقبلًا للشعب الفلسطيني خلفًا لعباس.
ختامًا ونحن نتحدث عن أفول نجم عباس السياسي فإننا نستحضر بكل أسى قيادته للمشهد الفلسطيني طيلة سبع عشرة سنة مضت، في مرحلة تعد الأسوأ في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث شهد عهده انقسامًا فلسطينيًّا حادًا أضر بالقضية والشعب الفلسطينيين؛ بسبب إصرار الرجل على رفض الشراكة الفلسطينية، ومنع إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وتقديسه التنسيق الأمني مع الاحتلال، ورفضه كل أشكال المقاومة الفلسطينية، بل ومطالبته بقتل الفلسطيني الذي يطلق صاروخًا على الاحتلال، كما أن عهده السياسي اتسم بانتشار المحسوبية والفساد بين أركان السلطة الفلسطينية، ما دفع الاتحاد الأوروبي وعددا من الدول العربية إلى إيقاف دعمهم لموازنة السلطة الفلسطينية التي أضحت في عهد عباس عبئًا على الشعب الفلسطيني.