النهضة الفدائية داخل فلسطين المحتلة ومأزق الكيان الصهيوني
النهضة الفدائية داخل فلسطين المحتلة ومأزق الكيان الصهيوني
غالب قنديل
حقّق الكيان الصهيوني بإشراف ورعاية الولايات المتحدة وسائر الدول الغربية مكاسب واختراقات وشراكات مجزية، عبر فتح القنوات وإزالة السدود والحواجز المادية والمعنوية. تقديم الاغراءات والحوافز إلى المزيد من البلدان العربية يوسّع دوائر الاختراق ومداه، من خلال شَبْك المزيد من الجماعات مصلحيا ومخابراتيا تحت الرعاية الأميركية الغربية، ولكن ذلك، لا يقيم الحاجز المرتجى في تل أبيب، لمنع تطور واتساع التعاطف الشعبي العربي مع العمليات ومنفذيها، على منوال ما جرى خلال العقود الماضية. والموجة الجديدة من التفاعل تبدو أسرع وأعمق في تعبيراتها وتردّداتها.
سلسلة العمليات التي شهدتها فلسطين المحتلة، هي العلامة الدّالة على نهضة فدائية جديدة، سيكون لتفاعلها وارتدادها أثر نوعي في تطور الوعي الشعبي الفلسطيني والحيوية الكفاحية، كما في طاقات ابتكار واندفاع نضالي عند جيل الشباب الفلسطيني ونخبه وطلائعه المكافحة المتطلّعة الى التحرير والعودة
في ذروة الرِّدة الخيانية والاستسلام ونتائجها الارتدادية، المعبر عنها بما يسمّى التطبيع، والترتيبات الأمنية السارية منذ سنوات، تشكّلت عناصر وعي جديد لدى الشباب الفلسطيني الطالع. وقد شهدنا دفقا من المبادرات التي أطلق العدو على روّادها تسمية الذئاب المنفردة. وما لبث الشعب المقاوم أن استعاد حيوية التنظيم والتناغم الطلائعي في حركته المتصاعدة والأصيلة.
لم تستطع جميع الاتفاقات والشراكات مع الأنظمة العربية التابعة، سواء عبر الاتفاقات الثنائية والأحلاف المعلنة أم من خلال علاقات التعاون والتنسيق المخابراتي المبطنة والمكتومة، أن تنقل النظام السعودي الى المجاهرة بتحالفه مع الكيان، لخشيته من النتائج والمترتّبات، كمثل سحب التفويض برعاية الحرمين، وهو خيار مدرج ضمنا على طاولة التداول في كيفية الردّ على الصلف السعودي الفاجر في ارتهانه وارتباطه وعمائه.
نهضة فلسطين الجديدة سوف تطلق معها تفاعلات واسعة النطاق، ومثل ما سبق أن شهدنا من مدّ تحرّري عربي ونهضة قومية، مع أيّ حقبة أو مرحلة، يفرض القانون التاريخي والطبيعي سنّته وقواعده، باستحالة إقامة السّدود في وجه سريان الموجة التحرّرية والثورية داخل البيئة القومية ذاتها، ووفق الشروط الموضوعية الواحدة.
الأمر يخرج عن نطاق التمنّي، وهو أشدّ واقعية ويقينية مما سبق، بفضل ثبات محور المقاومة وتجذّره وتوسّعه نتيجة القوة الإيرانية الراسخة في صعودها وتقدّمها وتطوّرها الحضاري التقني والاقتصادي والعسكري الهائل، والذي يمثّل حضنا إقليميا لمنظومة صاعدة من الشركاء المجرّبين والموثوقين، ومع الثبات السوري وعودة التعافي الى قلعة العروبة والتحرّر، وفي رحاب النجدة اليمنية ومفاجأتها السعيدة، وفي ظلّ صمود المقاومة التي يقودها حزب الله ومنجزاتها المتلاحقة ومبتكراتها وخبراتها التراكمية، التي سرعان ما تصبح في متناول الشركاء والأصدقاء والحلفاء، كما أظهرت نماذج الأجيال المتلاحقة من الصواريخ والطيران المسيّر في انتشارها وانتقالها.