تصاعد المقاومة والمواجهة للإحتلال في عدة بلدات في الضفة والقدس..ما هي السيناريوهات القادمة..؟
تصاعد المقاومة والمواجهة للإحتلال في عدة بلدات في الضفة والقدس..ما هي السيناريوهات القادمة..؟
فلسطين المحتلة – قدس الإخبارية: تشهد الضفة الغربية والقدس المحتلتين منذ أيام، تصعيدًا في المواجهات مع الاحتلال، كما في حي الشيخ جراح في القدس وجنين والخليل ونابلس وبلدة السيلة الحارثية في جنين، وقرية بيتا في مدينة نابلس، كما تتصاعد المواجهات في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في معظم أرجاء الضفة الغربية وكذلك تشهد وتتصاعدًا وتيرة العمليات وإطلاق النار صوب الاحتلال، واستنفارًا يخوضه الأسرى في سجون الاحتلال، وفي الوقت ذاته تستمر حملة الاحتلال في هدم بيوت الفلسطينيين، واغتيالهم والتضييق عليهم.
هذا التصعيد المتزايد في التغوّل الإسرائيلي على الفلسطينيين، والذي كان آخره اغتيال ثلاثة مقاومين في مدينة نابلس، وارتقاء الشهيد محمد أبو صلاح خلال مقاومة هدم بيت الأسير محمد جرادات في بلدة السيلة الحارثية، ومحاولات استفزاز عضو الكنيست إيتمار بن جبير لأهالي حي الشيخ جراح، وما يقابل ذلك كله من مقاومة فلسطينية؛ يعيد إلى الذاكرة مشهد أحداث مايو\أيار ٢٠٢١، حين توترت الأمور في القدس، وكان باكورة لانفجار اتسعت رقعته إلى جميع الجبهات الفلسطينية.
خيارات إسرائيلية معقدة
في حديثه لـ “شبكة قدس”، يقول المحلل والمختص بالشأن الإسرائيلي حسن لافي، إن ما تشهده الضفة المحتلة هو نوع من أنواع تطور العمل المقاوم، وهذه معادلة جديدة يحاول الشعب الفلسطيني ويسعى إلى تكريسها، بمعنى أن سياسة الدخول السهل واستباحة الضفة الغربية وهدم المنازل بأريحية باتت من معادلات الماضي، حيث استطاع الفلسطينيون تكريس معادلة جديدة عنوانها: “لن يكون دخول الاحتلال سهلًا إلى المناطق الفلسطينية”.
ويطرح لافي خيارين قد يتعامل الاحتلال بهما في ظل الأوضاع الحالية، إما أن الاحتلال لا يرى هذا التصعيد، ويحاول فرض مزيدٍ من القوة، وبالتالي المزيد من المقاومة، أما الخيار الثاني أن يحاول الاحتلال نقل المعركة إلى غزة، من أجل إخفاء هذه الهبة الجماهيرية التي تحدث في الضفة المحتلة.
لكن في الوقت ذاته، يستدرك المختص في الشأن الإسرائيلي، أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير جاهزة للذهاب إلى معركة على غرار سيف القدس، وأيضًا لا تضمن له أن تخبو الهبة في الضفة المحتلة، لذلك فإن الخيارات الإسرائيلية معقدة ولا يمكن التنبؤ بها حاليًا، خاصةً وأن المناخ الإقليمي والعالمي في حالة من الضبابية، في ظل الحديث عن حرب بين روسيا وأوكرانيا، كما أن “إسرائيل” لديها حساباتها الخاصة، ما يجعل التنبؤ بالخطوة المقبلة الإسرائيلية صعبًا.
إمكانية التصعيد الفلسطيني
ويؤكد لافي أن المقاومة الفلسطينية ملتزمة بالمعادلات التي فرضتها في معركة سيف القدس، والاحتلال يعلم أن أي مساس بحي الشيخ جراح أو المسجد الأقصى هو كسر لكل الخطوط الحمراء التي وضعتها المقاومة، وبالتالي يوجد لديها حق مكفول لحماية أقدس القضايا الفلسطينية، ومن دلالات ذلك بيان حركة الجهاد الإسلامي بالنفير العام، وإيصال حركة حماس رسائل للاحتلال عبر الوسطاء، وكل هذه العوامل تؤكد أن المساس بحي الشيخ جراح بمثابة إعلان حرب ملتزمة به المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
بدوره، يقرأ المحلل السياسي طلال عوكل اتجاه الضفة الغربية نحو انفجار أوسع، معزيًا ذلك إلى فشل السياسة الفلسطينية، والمفاوضات والعملية السياسية، ومن الناحية الأخرى يرى حربا شاملة يشنها الاحتلال ليس فقط على الأرض وإنما على حقوق الناس وبيوتهم وحياتهم.
ويوضح عوكل، في حديثه لـ “شبكة قدس”، أن هناك بؤرا متفجرة مثل حي سلوان والشيخ جراح، وبيتا في نابلس، لكن في مواجهة هذه الحرب، هناك استنفار ومواجهة فلسطينية واسعة، وهو ما تدل عليه كثرة استخدام السلاح في الاشتباك مع الاحتلال في الأيام الأخيرة، وهذا مؤشر على أن “إسرائيل” تخشى أن تخرج الأمور عن السيطرة، وربما تفكر بسور واقٍ جديد في الضفة المحتلة.
ويأتي تصاعد المقاومة والمواجهات في الضفة الغربية، بعد أشهر كثُر فيها الحديث عن خطة للسلام الاقتصادي تنتهجها السلطة الفلسطينية والاحتلال، وهي وفق عوكل “سياسة فاشلة”، متسائلا: “أي سلام اقتصادي بينما السياسة الإسرائيلية توسعية وقمعية في الضفة المحتلة، وتستهدف مصالح الفلسطينيين، السلام الاقتصادي هو بعض الإجراءات محدودة الأثر في محاولة لتخفيف التصعيد فقط، لكنه فشل”.
من جانبه، يستبعد الباحث والكاتب في الشأن السياسي ساري عرابي أن تشهد الضفة مواجهة واسعة خلال وقتٍ قريب عوامل وأسباب متعلقة بالواقع القائم والتي تتمثل في ضعف الفصائل الفلسطينية وحضور السلطة وعدم تعاطفها مع فكرة المقاومة.
ويقول عرابي لـ “شبكة قدس” إن أي هبة شعبية إذا لم تكن هناك فصائل تدعمها وتساندها ستخبو، لا سيما وأن الشعب الفلسطيني يعيش حالة خاصة في الضفة في ظل وجود السلطة الفلسطينية، وهو الأمر الذي قد يكرر سيناريو هبة 2015 وهبة مايو الماضي.
ومن بين الأسباب التي تدفع نحو استبعاد فرضية المواجهة الشاملة بحسب عرابي، هي التفوق الكاسح عسكرياً واستخباراتياً في الضفة للاحتلال، وهو الأمر الذي يتطلب حضوراً تنظيماً مختلفاً لمواجهة ذلك بحيث يتم العمل على إحداث ثغرة في هذا التفوق.
ويضيف: “آثار الهندسة الاجتماعية التي مورست على الفلسطينيين منذ انتفاضة الأقصى والانقسام ما تزال قائمة، لكن اللافت أن ثمة نمط مقاوم منذ عام 2014 لا يتراجع للخلف ويحمل أشكالا عدة إما على شكل هبات أو عمليات فردية أو عمليات شبه منظمة أو منظمة”.
أما عن احتمالية تدخل المقاومة في غزة، يرى عرابي أن ذلك احتمال قائمٌ، خاصةً، وأن معركة سيف القدس الأخيرة كانت نتيجة للأحداث في القدس المحتلة، إضافة لعامل آخر يتمثل في هشاشة التهدئة القائمة في القطاع مع الاحتلال، مستدركًا: “لكن الأمر لا يتعلق بالظروف في القدس والضفة، بل بعامل آخر مرتبط بغزة حيث أن المقاومة تراعي مجموعة من الاعتبارات المتعلقة بالبيئة والحاضنة الشعبية لها، إلى جانب ظروف الحصار والدمار الهائل والمقاومة معنية بأن يبقى المجتمع قادرا على احتمال مواجهة بين فترة وأخرى”.