في عيد المعلم…تحية للمعلم الكبير الأستاذ بهجت أبو غربية
في عيد المعلم…تحية للمعلم الكبير الأستاذ بهجت أبو غربية …
أيقونة الهم الفلسطيني الذي ترجل عن قرن مكتظ بالحسرات
كان هذا المقاتل قوي الشكيمة الذي أصبح شيخا للمناضلين يحدث النفس منذ بواكيرانخراطه مقاتلا بنبوءة أنه ما خلق الا ليبلغ شَأوَ الكمالِ فيغدو من أهل المجدِ الخالد، ليُطهر الروح بلظى فلسطين وأساها العابر للأجيال والحقب.
كان بهجت عليان عبد العزيز عليان أبو غربية الذي أسلم الروح عن 96 عاما، يعرف أن عَثَراتِ الطَّريقِ لا تفت في عضد من نشد الصّعود، حتى غدا صرخةً بصدى ووميضاً شديد الالتماع أمام وهج السنوات التي أمضاها في فلسطين وعاشها تتمزق بفعل ليل الاحتلال والفرقة، ولكنه كان يؤمن أن حرية أرض الذهب والنبوة والخصب تستأهل أثمانا يجب أن تدفعها الأمة إن آجلا أم عاجلا.
في الملمات تنقلب الأمور عادة رأساً على عقب، لكن ابو غربية الذي كان يؤمن أن الضد يصنع ضده، فيحفزه ليقوى فيستأثر في المشهد، وهو ما منح شخصيته خصالا كانت على الدوام محط جذب والتفاف رفاقه الذين غنوا له وهتفوا باسمه مثالا للمروءة والشجاعة والإقدام.
لم يدع ابو غربية متسعا لأن تفعل نتائج سنوات الاعتقال مفاعيلها في روحه ومضاء شكيمته، بل زادته التصاقا ببلاده ودفاعا عنها حتى هيمنت على روحه وذاكرته الرفض للخلاصات الموجعة للمواجهة.
كان ابو غربية شخصية عفوية وممسكا بتلابيب الوجع الاردني الفلسطيني الذي أعطاه تدفقاً أكثر.
ينتمي ابو غربية الذي ولد في بلدة خان يونس العام 1916، إلى عائلة عريقة من مدينة الخليل، أمضى معظم حياته في القدس. يلقب بشيخ المناضلين الفلسطينيين، فقد اشترك في جميع مراحل النضال الفلسطيني المسلح، خصوصا ثورة (1936-1939) وحرب (1947-1949)، حيث كان أحد قادة جيش الجهاد المقدس وخاض معارك كثيرة منها معركة القسطل التي استشهد فيها القائد عبد القادر الحسيني، كما جرح عدة مرات، ودخل السجون والمعتقلات.
في العام 1949 انضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي في الأردن، وانتخب عضواً في القيادة القطرية (1951-1959) وقاد النضال السري للحزب (1957-1960).
اضطلع الراحل ابو غربية بدور أساسي في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية مع الرئيس أحمد الشقيري، كما شارك بدور أساسي أيضا في تأسيس جيش التحرير الفلسطيني وقوات التحرير الشعبية. وكان الراحل احد مؤسسي جبهة النضال الشعبي الفلسطيني ، انتخب عضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة ثلاث مرات قبل أن يتخلى عن عضوية اللجنة التنفيذية، وكان عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، والمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها عام 1964 حتى عام 1991، حين استقال احتجاجا على قبول المنظمة بقرار مجلس الأمن رقم 242 والاعتراف بدولة العدو.
صدر له عام 1993 القسم الأول من مذكراته “في خضم النضال العربي الفلسطيني” وفي عام 2004 صدر له الجزء الثاني من مذكراته “من النكبة إلى الانتفاضة”، وقد منعت دائرة المطبوعات والنشر الأردنية المذكرات لأسباب غير معلنة. وفيما يلي لمحة سريعة عن حياة المناضل بهجت أبو غربية:
أنهى تعليمه في المدرسة الرشيدية الثانوية بالقدس، واشتغل في التعليم في الكلية الإبراهيمية بالقدس سنوات 36 – 57، وعمل في الصحافة عام 1937 وكيلاً ومراسلاً لجريدة (الجامعة الإسلامية) في القدس، كما شارك في انتفاضة 1933، وشارك بالسلاح في ثورة 1936 – 1939.
سُجِنَ عدة مرات في عهد الانتداب البريطاني، وانتسب إلى الحزب العربي الفلسطيني وقاتل في حرب 1947 – 1949 في قيادة جيش الجهاد المقدس جرح خلالها في القدس (8) مرات وشارك في معركة القسطل التي استشهد فيها القائد عبد القادر الحسيني.
اعتقل وسجن في الخمسينيات عدة مرات في الأردن، منها بين 1960 – 1962 في زنزانة واحدة مع قاسم الناصر وأُفرِج عنه في عفو عام.
ترأس الراحل ابو غربية اللجنة العربية الأردنية لمجابهة الإذعان والتطبيع 93 – 95 ورحل وهو عضو في اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الأردني لحماية الوطن ومجابهة التطبيع.
صدر له العام 1993 القسم الأول من مذكراته “في خضم النضال العربي الفلسطيني” وفي 2004 صدر له الجزء الثاني من مذكراته “من النكبة إلى الانتفاضة”.