التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية «أمنستي» يلخص في جانب منه،الجرائم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في كل الأراضي المحتلة من الضفة وغزة إلى مناطق الداخل الفلسطيني المحتل منذ العام 48
التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية «أمنستي» يلخص في جانب منه،الجرائم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في كل الأراضي المحتلة من الضفة وغزة إلى مناطق الداخل الفلسطيني المحتل منذ العام 48
التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية «أمنستي» يلخص في جانب منه، عملية رصد مكثف وإحاطة شاملة، لمجمل الجرائم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في كل الأراضي المحتلة من الضفة وغزة إلى مناطق الداخل الفلسطيني المحتل منذ العام 48، ويكرر التقرير تعريف عمليات القمع والقتل والعزل والحصار وسياسة هدم المنازل والاستيطان وجدار الفصل، على أنها سياسات فصل عنصري «أبارتيد» وبأنها جرائم حرب وضد الإنسانية، الرصد والتوثيق الضخم المستند لتقارير محلية ودولية وشهادات الضحايا الفلسطينيين، وفق ما جاء في التقرير إلى أن أمنستي «أجرت بحوثها وتحليلها في سياق هذا العمل خلال الفترة من يوليو/تموز 2017 إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2021» فإنه يستنتج من هذا التقرير صلاحيته بأن يكون سلاحاً ضد المجرم الذي وصفت منظمة العفو الدولية شرحاً بأن كل مؤسسات «الدولة في إسرائيل» سواء المدنية أو العسكرية انتهجت منذ العام 1948 سياسة الفصل العنصري نحو السكان الأصليين أو الخاضعين للاحتلال المباشر في كل الأرض الفلسطينية منذ العام 67.
والسؤال المطروح في ضوء صدور التقرير المذكور، لماذا تعرض للهجوم الحاد والعنيف من المؤسسة الصهيونية الحاكمة؟
ليس لأن الوصف الدقيق لبنوده يرتكز على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وحسب، بل لأن أهمية تكوين رأي عام يفند المزاعم الصهيونية عن «الدولة الديمقراطية» وعن التمسك بالسلام ومحاربة الإرهاب، والأساس ينسف كل السواتر التي تتلطى خلفها الرواية الصهيونية في المحافل الدولية والعربية، تقرير أمنستي بنية فوقية تعكس رأي منظمة دولية مهمة، وبنية يستحسن التمترس ضمنها وخلفها لاستخدامها بشكل صحيح لمواجهة بنية استعمارية كولونيالية تعتمد نظام الفصل العنصري وارتكاب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، ولا شك أن الشعب الفلسطيني راكم عشرات القرارات الدولية التي تدين الاحتلال وجرائمه، واستطاع الإعلام الصهيوني في حقبة ما بعد مدريد وأوسلو، وفي اتجاهات معينة فرضتها ظروف واقع الحال الفلسطيني والعربي البائس لتزوير الحقائق، في الوقت نفسه من المجحف الاقرار بأن واقع الحال مرده «انتصارات صهيونية « على الواقع الفلسطيني والعربي دون الإقرار بحالة العجز والهوان والتساهل والتفريط الذاتي لأهم الأسلحة التي امتلكها الضحايا.
تركيز الهجوم الإسرائيلي على المنظمة الدولية اليوم ليس اعتباطياً، بل جاء نتيجة لفهم طبيعة التناقض بين حقيقة ممارسة سياسة الفصل العنصري وصراع المؤسسة الصهيونية للحفاظ على رواية التزوير
فعندما تتبنى السلطة الفلسطينية، أو سياساتها نبذ العنف والعمل المسلح، ويتم التعاطي مع سلاح الجنائية الدولية ومع قرارات إدانة جرائم الاحتلال كباب لمقايضة هذه السياسة مع ترتيبات لا تفضي لإدانة هذه الجرائم، فإن الخسارات باقية ومستمرة، وتسريبات الخلل والفواجع تتمدد من تحت حركة «تحرر وطني» ليبقى السؤال أيضاً، بأي أسلحة سيتذخر المفاوض الفلسطيني بعدما نفذت جعبة الرهان على النيات والقبل واستجداء اللقاءات السرية والعلنية من ممارسي الاضطهاد للشعب الفلسطيني.
هذا التحدي الذي أوجده تقرير أمنستي مع بقية التقارير والقرارات الدولية المتعلقة بأنصاف الضحايا، وهناك من يرى ألا ضرورة لإثارة تقارير الفصل العنصري وجرائم إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية لأن فهلوته تغني عن كل ذلك، وللأسف هذا ما يحصل منذ عقدين ونصف العقد، واليوم تشتد الحاجة أكثر لأن تكون هذه التقارير والقرارات الأخرى برنامج عمل يومي لأن العدوان والجرائم مستمران كل لحظة.
وغني عن تقرير أمنستي، فإن طرح مسألة مطاردة الاحتلال وحكومات إسرائيل أمام المحافل الدولية عن مجمل الجرائم، بات مسألة يتم التفاوض والضغط بشأنها لصالح تحصيل مكاسب ضيقة وشخصية في السياسة الفلسطينية الرسمية، تركيز الهجوم الإسرائيلي على المنظمة الدولية اليوم ليس اعتباطياً، بل جاء نتيجة لفهم طبيعة التناقض بين حقيقة ممارسة سياسة الفصل العنصري وصراع المؤسسة الصهيونية للحفاظ على رواية التزوير للأبد.
من المفترض، أن يكون المتفاعل المباشر مع تقرير منظمة العفو الدولية، السلطة الفلسطينية والنظام العربي، هذا فرضياً، وأن تعتمده برنامجا سياسيا وقانونيا وأخلاقيا تُحاجج به أمام المحاكم الدولية وأمام الرأي العام العربي والدولي وأن لا تتلعثم أمامه، وأن يكون تأثيره السياسي حبل نجاة لفشل أوهام متراكمة على جرائم تتعاظم، وبالسياسة التي تؤمن بها السلطة الفلسطينية فذلك يتطلب أكثر من «الترحيب « بالتقرير والإشادة به، وعكس ذلك في حاجة لثمن وجهد يبذل خارج منزل «بيني غانتس».
*نزار السهلي- القدس العربي