متخصص بالشأن الفلسطيني

أمـيـركـا والإمـارات والـسـعـوديـة فـي خـطـاب نـصـرالله..اسـئـلـة لافـتـة *

* أمـيـركـا والإمـارات والـسـعـوديـة فـي خـطـاب نـصـرالله..اسـئـلـة لافـتـة *

*ســامــي كــلــيــب*

كل خطاب لأمين عام حزب الله يحمل رسائل مُحدّدة في لحظة سياسية أو أمنية خاصة.

ومنذ سنوات ينقسم ضيوف الشاشات اللبنانية (وما أكثرهم) بين مادح للخطاب أو مناهض له مهما كانت رسائله، فتضيع الرسائل في خضمّ الحروب المجّانية التي يُحسن اللبنانيون خوضها بين بعضهم البعض دون أن يتعلّموا أي درس من تاريخهم المعقّد.

فكلّ شاشات المحور الذي تقوده إيران تمدح، وكثير من الشاشات اللبنانية والخليجية إما يتجاهل أو يهاجم ويسخّف.

وقد انقسم الرأي في محور المقاومة نفسها، بين قائل بضرورة أن يُلقي السيد حسن نصرالله خطابات متتالية حول أوضاع المنطقة ولبنان ويدخل في كافة التفاصيل ويصبح خطيب المحور الأول ويقول ضد بعض العرب ما لا تقوله إيران نفسها فيعرّض نفسه لهجمات يومية من المحور الآخر.

أو أن يقلّل من الظهور ويحصر خطاباته بالصراع المرير مع العدو ويبقى فوق الصراعات العربية-العربية فيحافظ على جمهور عربي ومحلي أوسع، ويحافظ أيضا على صورته كقائد المقاومة ضد إسرائيل.

حُسم الجدل منذ سنوات، وصار نصرالله يخطب في كل الأحداث والمناسبات، على اعتبار أن بيئة الحزب تحتاج لذلك في سياق التعبئة المُستمرة لصد الهجمات المتتالية عليها.

وأن لا أحد يستطيع أن يلبّي هذه المهمة غيره لمرافقة الانخراط في حروب سورية والعراق واليمن وفلسطين ولبنان وغيرها.

فدفع ثمن ذلك هجمات متتالة على شخصه والمحور، وفقد عن قسم لا بأس به من الجمهور العربي الواسع جزءا من هالة ذاك القائد الذي قال يوما عن البارجة الاسرائيلية :” انظروا اليها تحترق”؟

واذا كان ” يوم الشهيد” فرض تركيزا في الخطاب على التذكير ب ” قلق” إسرائيل من الولوج البري للمقاومة الى قلب مناطقها لو وقعت حرب ومن الصواريخ الدقيقة وغيرها.

كما انفتح على التذكير بدور المقاومات اللبنانية السابقة على الحزب من وطنية ويسارية.

فإن الأهم في خطاب الأمس الذي جاء احياء لذكرى ذاك الشاب العشريني العمر أحمد قصير منفِّذ أهم عملية في تاريخ كل المقاومات ضد إسرائيل حتى اليوم حين اقتحم عام 1982 بعد فترة قصيرة على اجتياح لبنان، مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في مدينة صور، ودمّره هذا المقر بالكامل، وأَسقط ما يَزيد عن مئة ضابط وجندي إسرائيلي، الأهم اذا هي تلك الرسائل الى أميركا والامارات والسعودية والداخل اللبناني.

*- أولا بـالـنـسبـة لأمـيـركـا :*

قال نصرالله :” نحن لا ندّعي أننا استطعنا حتى الآن تحرير لبنان من النفوذ الأميركي والهيمنة الأميركية كاملاً” وان ” كل ما يحتاجه لبنان اليوم هو الإرادة السياسية فقط، ورفض الاملاءات الأميركية في ترسيم الحدود البحرية .

ذلك ان ” كوب الماء له قيمة وكذلك الشبر والمتر، في الأرض والمياه، ويضاف الى ذلك أن المنطقة المتنازع عليها عند الحدود تضم ثروة نفطية وغازية هائلة يحتاجها لبنان ”.

ثم تساءل نصرالله :” هل يمكن أن نتسامح بسيادتنا؟ هل يمكن أن نتسامح بثرواتنا؟

نعم اليوم الدولة اللبنانية حتى هذه ‏اللحظة رفضت الخضوع للإملاءات الأمريكية.

الأمريكيون يريدون من لبنان أن يقبل حتى ما ‏دون ترسيم ما يعرف بخط الـ 23 فضلًا عن الـ 29 هم يضحكون على لبنان بتسوية خط ما يسمّى ‏بخط هوف.

يعني أقل من القدر المتيقن والحد الأدنى الذي لا نقاش فيه بين اللبنانيين” .

نفهم من هذا الكلام 3 رسائل، أولها أن مسألة الترسيم لم تكتمل بعد لكنها واعدة، وأن الحزب الذي قال قبل فترة انه سيقبل بما تقبل به الحكومة اللبنانية، يعود الى تحديد سقف الترسيم غير المقبول التنازل عنه.

وثانيتها تحذير الدولة اللبنانية من التنازل خصوصا حين قال :” الدولة التي تقبل الاملاءات الخارجية تكذب عندما تدّعي انها ذات سيادة ”.

مضيفا :” ولذلك فكلّ ما يحتاجه لبنان هو الارادة السياسية فقط، ليرفض الإملاءات ‏الأمريكية في ترسيم الحدود البحرية”.

وأما ثالثة الرسائل فكانت في التلويح بأن من يحمي الثروة هي المقاومة وهذه رسالة الى إسرائيل وأميركا والشركات الباحثة عن دور في استخراج النفط لرفع مستوى الضغط قبل الترسيم النهائي.

لكن بالمقابل فان أمين عام الحزب يتحدث عن مسألتين لافتتين في الموضوع الأميركي تركهما عمدا قيد الابهام لا التوضيح، وذلك حين قال:

رفع الاميركيون الحظر عن الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية .

بدأ الأميركيون في مكان ما إعادة النظر، وسيتضح لاحقا اذا ما كانوا يعيدون النظر أم لا.

هذا التلميح من قبل نصرالله حول ” إعادة النظر ” الأميركية، بدا مقصوداً، وكأنه يقول للأميركيين :”

ننتظر منكم أفعال ما وعدتم به”، فهل قصد الحدود فقط أم أمراً آخر.

وهل يقصد لبنان فقط أم أيضا المفاوضات الإيرانية الأميركية؟ وهل ثمة خطوط مفتوحة بين الاميركيين والحزب ؟

*- ثـانـيـا فـي الـمـوضـوع الامـاراتـي :*

في حديثه عن زيارة وزير خارجية الامارات الى دمشق ولقائه بالرئيس بشار الأسد، قال نصرالله :”

إن هذه الزيارة هي إعلان الهزيمة، الآن ‏كل شخص يُريد أن يقرأها على مهله ايجابي، سلبي، على كلٍ أنا أقرأها من هذه الزاوية، من زاوية ‏الشهداء الذين قاتلوا في مواجهة الارهاب التكفيري وقدموا دماءهم، من زاوية الجرحى، من زاوية ‏المجاهدين والمقاومين”.

السؤال هو : لمن يوجّه نصرالله هذه الرسالة، خصوصا ان الأسد نفسه رحّب ليس فقط بالزائر الإماراتي ولكنه نوّه أيضا بدور الإمارات في ” الوقوف الى جانب الشعب السوري” ( ذلك ان الأمارات ومنذ السنوات الأولى للحرب منعت المعارضة من التحرك على أرضها وأبقت قنوات الحوار قائمة مع دمشق لصد الاخوان المسلمين) ،

وخصوصا أيضا أن إيران رفعت مستوى التبادل التجاري مع الإمارات في الشهور الستة الماضية بما يقارب 54 %.

هل ثمة تحليل عند الحزب يقول إن كل تقدّم عربي أوسع على سورية يعني انحسارا لدور إيران والحزب؟ ربما.

لكن لا شك أن هذا الكلام لا يلقى حاليا ترحيبا في الأذن السُورية، ذلك ان الأسد وكما قال السيد نصرالله نفسه :”

يتلقّى اتصالات هاتفية لملوك ورؤوساء عرب ” ودمشق تحتاج هذا الانفتاح لإعادة الاعمار وانعاش الاقتصاد المنهار كما في لبنان‏.

*- ثـالـثـا فـي الـمـوضـوع الـسـعـودي :*

تعمّد نصرالله الكشف عن عدم صحة كل ما يقال عن أن الإيرانيين نصحوا السعوديين بالتفاوض مع حزب الله بشأن اليمن، وكشف أيضا انه يملك محاضر جلسات المفاوضات الإيرانية-السعودية.

وهو اذ ساق هذه المعلومات في إطار تخفيف الكلام عن دور كبير لحزب الله في حرب اليمن، الا أنه وفي استعراضه لأسباب خلاف السعودية مع لبنان منذ العام 2005 حتى اليوم، وفق تحليله، ركّز على قضية مأرب واحتمالات سقوطها بيد أنصار الله الحوثيين كأحد أسباب الغضب السعودي على الحزب.

لكن ورغم كل الكلام الكثير عن السعودية وعلاقتها بلبنان وقضية الوزير جورج قرداحي، الا أن الرسالة الأهم في خطاب السيد نصرالله هي التي تصب في خانة التهدئة، فهو قال صراحة:”

دعونا نهدئ الأجواء، ليقدروا على معالجة الموضوع باتجاه التهدئة، نحن لسنا ذاهبين لافتعال معركة لا مع السعودية ولا مع أحد من دول الخليج ولا مع أحد آخر “.

هو خطاب اذا لتهدئة المشكلة التي دارت حول تصريح الوزير قرداحي وهي أبعد منه، وخطاب إعطاء فرصة للأميركيين في مسألتي ترسيم الحدود والتفاوض المقبل مع إيران.

وخطاب الاستمرار في تحذير إسرائيل واستعراض قوة الحزب العسكرية، وهو خطاب العتب الضمني في مسألة الزيارة الإماراتية لكن دون الإشارة لو لاحظتم أبدا لمسألة ” التطبيع الإماراتي “، كي لا يتسبب في الاحراج مع القيادة السورية.

*لكن السؤال الأكبر الذي طرحه هذا الخطاب هو التالي :*

هل فعلا كل اللبنانيين يريدون الفكاك من الدور الأميركي في لبنان ؟ الأكيد لا، فحتى داخل البيئة الشيعية نفسها هناك عشرات الآلاف ان لم يكن أكثر بكثير ممن يحملون الجنسية الأميركية ويعيشون في أميركا ( خصوصا ديربون).

ناهيك عن قسم كبير من اللبنانيين لا يضيره أبدا ان يتوسع الدور الأميركي في لبنان، وهذه بحد ذاتها من مشاكل الحزب في البيئة اللبنانية التي يفضل كثيرون منها علاقة قوية مع الخليج والغرب لا مع إيران والصين وروسيا حتى داخل الطائفة الشيعية نفسها.

فهل يعيد الحزب قراءة خطابه الداخلي قبل الاستحقاقات الكُبرى، وبعد الفخاخ الأمنية المذهبية التي نُصبت من خلدة الى شويّا الى الطيونة.

وبعد الضباب الكبير الذي أحاط بموقفه من التعامل مع انتفاضة 17 تشرين 2019 والتحقيق بتفجير المرفأ؟

ربما نعم، ف “الانتصار” في الحروب العسكرية لم يثمر، على الأقل حتى الآن، خطابا جاذبا للبنانيين الذين يزدادون فقرا ونقمة ورفضاً للجماعة السياسة دون تمييز كبير بين من قاوم العدو ومن سانده.

ولا المحور المناهض قدّم هو الآخر مشروعا، فغرق الجميع في الفعل وردة الفعل بينما الوطن ينهار.

آخر الأخبار
أبعاد تصريحات نتنياهو والعدوان الأخير على سوريا..ما المطلوب من القمة العربية قبل فوات الأوان لإحباط ... حركة حماس وجبهة النضال الشعبي تبحثان مستجدات القضية الفلسطينية يوم استثنائي وتاريخي للبنان والأمة والعالم في التشييع المهيب والمليوني للشهيدين السيدين نصرالله وصفي... جدل واسع بعد ظهور الصحفي الإسرائيلي إيتاي أنغيل، مراسل القناة 12 في قلب دمشق ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة.. وقفة احتجاجية ضد وجود الصحفي الصهيوني ايتاي انيغل، وضد تصريحات نتنياهو الاخيرة استحقاق المرحلة الجديدة .. ذوبان الفصائل في مربعات اليمين واليسار والاسلام إعلام إسرائيلي: هجوم خطير.. انفجار 3 حافلات في "بات يام" جنوبي "تل أبيب" وكان من المفترض أن تنفجر 15... قمة عربية مصغّرة في السعودية حول الترتيبات في قطاع غزة والخطة المصرية البديلة عن خطة ترامب ..خلافات ... مظاهرات بمئات الآلاف حول العالم رفضا لاقتراحات ترامب بشأن غزة ودعماً لحقوق الشعب الفلسطيني..مائتا أل... القيادي الفلسطيني”خالد عبد المجيد”يدين تصريحات ترامب العدوانية والاستفزازية للشعب الفلسطيني والأمة ا... *سيناريو الخطة المصرية البديلة التي ستقرها القمة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لخطة ترامب بتهجير و... الكشف عن تفاصيل جديدة حول الخطة المصرية لقطاع غزة: لجنة لإدارة القطاع بدون مشاركة حماس..وإنشاء 20 من... رفض وغضب يعم الأوساط الفلسطينية لقرار وقف مخصصات الأسرى والشهداء والجرحى..خضوع للمعايير الإسرائيلية ... *المقاومة تتصدى للتصعيد والعدوان الصهيوني المستمر في الضفة الغربية..جيش الاحتلال يواصل اقتحامه لعدد ... مسيرات مليونية في 600 ساحة مركزية وفرعية في اليمن: ثابتون مع غزّة العزة..بلا سقف ولا خطوط حمراء مقتل أسرائيلية في عملية طعن في "هرتسيليا" قرب تل أبيب قان بها شاب من سكان طولكرم.. الاحتلال يحرق مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة ويختطف اأطباء ومرضى،ويرتكب مجزرة مروعة خلفت 50 شهيدا ب... صاروخ يمني باليستي فلسطين 2 يثير الذعر في “إسرائيل” واليمنيون يتوعدون بالتصعيد و18إصابة بعد إطلاق صف... أكثر 40 ألف مصلّ أدوا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، بالرغم من عراقيل وإجراءات الإحتلال  سورية اليوم تواجه خطران، الخطر الصهيوني، وخطر التقسيم، وحدة سورية هي ضمانتها بوجه مخطط تقسيمها *المقاومة في جباليا..بسالة وصمود أرعب العدوّ..وتصاعد عمليات المقاومة في الضفة.. وتنديد بما تقوم به أ... فصائل وعدد من الشخصيات الوطنية تسلم مصر قائمة المرشحين لإدارة لجنة الإسناد المجتمعية بغزة تجمع الشخصيات المُستقلة يدعو الرئيس محمود عباس عبر "وطن" لإنهاء الحملة الأمنية في جنين، مايجري يصبُ ... بيان صحفي ثلاثي مشترك صادر عن (حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية )