سوريا وقمة بغداد المقبلة
سوريا وقمة بغداد المقبلة
عصري فياض
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين لم يتمكن من تمرير مبرر مقنع حول عدم دعوة ومشاركة سوريا في قمة بغداد التي من المقرر ان تعقد في العاصمة العراقية بغداد السبت المقبل الموافق للثامن والعشرين من الجاري بمشاركة دول الجوار العراقي والمنطقة والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وقال حسين ان العراق لم تقطع علاقتها مع سوريا وتحفظت على قرار الجامعة العربية القاضي بتجميد عضويتها، وأضاف أن عدم توجيه دعوة لسوريا ليس بسبب موقف العراق “مسألة سوريا مسألة خلافية وليست معنا، لدينا علاقات جيدة ونحن لم نقطع أبدا علاقتنا الدبلوماسية مع سوريا وفي الواقع نحن أصحاب الشأن في طرح مسألة سوريا في كل المجالات، سواء على المستويات العربية أو ألدولية وندعو إلى إعادة دور سوريا في هذه ألمجالات وبالتالي الأمر لا يتعلق بالموقف العراقي لكن مسألة عودة سوريا مسألة خلافية إلى حد ألآن وأعتقد أن الإخوة السوريين يتفهمون ذلك”.
بهذه التصريحات سعى وزير الخارجية العراقي لتبرير عدم دعوة سوريا الجارة العربية ذات الحدود الاطول مع سوريا، لا بل أكثر من ذلك،فإن بين الدولتين وحدة حال ومصير وعدو مشترك على امتداد أكثر من عقد تمثل في القتال في خندق واحد ضد تنظيم داعش، وقد وصل الامر بين الدولتين أن تغير الطائرات من كلا البلدين وتجتاز القوات الحدود الرسمية والتاريخية في قتال داعش وغيرها بكل اريحية وتفهم، ولم يثير ذلك أي احتجاج من أي طرف ضد الآخر من الطرفين،فضلا عن العلاقات الاقتصادية والتعاون الكبير في كثير من المجالات، ناهيك عن كون الدولتين بشكل او بآخر تحسبان على محور ممتد من إيران للبنان وغزة،فإذا كان النظام في العراق لا يعلن رسميا وجوده في ذلك المحور،فإن حشده الشعبي وفصائل المقاومة العراقية وكبرى الاحزاب العرقية وأكثرها شعبية وامتدادا هي في صلب هذا المحور، اما الحكومة السورية فهي مدينة لهذا المحور وروسيا للوقوف الى جانبها ومنع انهيار نظامها بعد أن تكالبت عليه جماعات ودول عربية وغير عربية بدعم من المنظومة الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية.
إن التبريرات التي حاول ان يسوقها وزير الخارجية العراقية لا تمت الى المنطق بصلة،ولن يكون الجانب السوري متفهم لها بالرغم من انه لم يصدر عنه أي موقف رسمي بهذا الخصوص لغاية الان،تماشيا مع سياسته الصامته والغير إنفعالية والتي انتهجها في سعيه للخروج من الازمة الطاحنة التي مر ولا زال يمر بها،فإذا كان السبب هو ان دولا ستحضر القمة سيكون لها فيتو على الحضور السوري مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية وتركيا،فإن العراق،وبمعزل عن الهدف من هذه القمة، توجد له اختلافات كبيرة بينه وبين الدول المذكورة، وتباين في المواقف الرسمية والشعبية كل دولة على حدى أو مجتمعة، أكثر ما يكون ما بين العراق وسوريا، فمثلا الولايات المتحدة الان تشكل الجدل الاكبر في العراق حول ضرورة انسحاب ما تبقى من قواتها، وهذا الجدل فيه القرار الحكومي المبني على قرار مجلس النواب الملزم للحكومة والقاضي بضرورة إنسحاب القوات الامريكية من العراق،وكذلك التباين في المواقف بين العراق وبريطانيا وفرنسا غير مخفي في كثير من القضايا، وكذلك تركيا الجارة الشمالية التي لا تزال تحتل جزءا من ارض العراق في منطقة كردستان بحجة ملاحقة الاكراد، والعراق يلتقي مع سوريا بهذا العداء التركي المشترك والذي لنفس السبب تقوم تركيا بإحتلال شريط واسع وعريض من شمال سوريا بنفس الحجة.
إذا لماذا لا تكون سوريا حاضرة؟؟ ولماذا لا يجسد الجانب العراقي كامل سيادته على ارضه وفي تحركاته السياسية بدعوة سوريا ما دامت القمة لدول جوار العراق وسوريا هي الدولة الثانية الاوسع حدودا مع العراق بعد إيران؟؟ ثم لماذا لا يكون الموقف السياسي الرسمي العراقي منسجم ومتواصل وبخط مستقيم مع الموقف مع سوريا كما بدأ منذ بداية الازمة في العام 2011 وما تلاها؟؟ ولماذا لا تستغل القيادة العراقية هذا المؤتمر مثلا وتحاول ان تعيد مياة الحياة للعلاقات السوريا مع بعض الدول العربية مثل السعودية وبعض الدول الغربية كبريطانيا وفرنسا؟؟ وكيف سيتم علاج مخرجات هذه القمة إذا كان الهدف منها معالجة قضايا الجوار مع دول الجوار العراقي في الشأن السوري بالتحديد ؟؟ ومن سينوب عن سوريا في هذا الامر خاصة لجهة قضايا كبيرة عالقة بين البلدين منها مكافحة خلايا الارهاب المتداخل بين الدولتين ،والتنقل الغير شرعي والغير رسمي للقوات الامريكية المحتلة لأراض في سوريا والمرفوضة عراقيا على كل المستويات والتي تتنقل بين حدود البلدين دون رقيب ولا حسيب؟؟
كان يجب ان يكون الحضور السوري من أهم الحضور،وأن بقدم على كل اعتبارات اخرى لأهميته وتماشيه مع اهداف ألمؤتمر وبرأيي ارتكبت الحكومة العراقية خطأ جسيما في إحجامها عن دعوة سوريا، خطأ سيترك آثارا على علاقة البلدين سيجعل من قرارات القمة ذات ثقب اسود يسمى غياب سوريا
كاتب فلسطيني