*إعادة إعمار النظام السياسي الفلسطيني*
*إعادة إعمار النظام السياسي الفلسطيني*
خالد النجار
أظهرت معركة سيف القدس الفجوة الكبيرة بين النظام السياسي والمقاومة الفلسطينية، وأن هناك نزوح كبير لقيادة النظام السياسي عن المشهد الحقيقي للقضية الفلسطينية وعما يحدث في قطاع غزة، بل إن محافظات الضفة الغربية وثقت اعتداءات الأجهزة الأمنية على المتظاهرين الداعمين للقدس ولقطاع غزة الذي تعرض لمجازر دموية أمام صمت القيادة الفلسطينية والتي تُحصّن النظام السياسي وتعزز توجهاته التي تدعم التنسيق الأمني، بل وتُعد القوة الأبرز التي تجهض كافة مفاعيل المقاومة في الضفة الغربية وتحاصرها في قطاع غزة.
دور السلطة الأمني ونظامها السياسي في معركة سيف القدس أتاح للمقاومة أن تحصل على الإنجاز الوطني والتاريخي والذي فرطتا به السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، وأصبحت المقاومة الممثل الوحيد عن الشعب الفلسطيني والتفاوض مع الوسطاء لتوفير الحماية الكاملة وتحصين القدس من الاعتداءات الصهيونية المتكررة، والضغط على حكومة الاحتلال وعلى الأطراف الدولية بما فيها الإدارة الأمريكية من أجل إلغاء القرار الصهيوني المتعلق بتهجير سكان حي الشيخ جراح والذي يعد أحد أبرز الأسباب في اندلاع الحرب على قطاع غزة.
سيولة الحالة الفلسطينية وما يتعرض له النظام السياسي من تطهير عرقي لوطنيته التي شطبت من ميثاق منظمة التحرير، والأزمة التي يمر بها جهازه البيروقراطي، والفساد المستشرى في سياسات إدارة الحكم، وتعزيز الانقسام الداخلي، وفقدان مؤسسة اتخاذ القرار لجوهر صلاحياتها القانونية، والتمسك بالمفاوضات المشروطة مع الاسرائيليين والتي استغرقت ما يزيد عن ربع قرن، وتفتيت بنية المجتمع الفلسطيني نتيجة العقوبات المفروضة على قطاع غزة، والمساهمة في الحصار، وتدمير عجلة الاقتصاد الوطني وجعل تبعيته للاحتلال الإسرائيلي، والتفريط بحقوق الفلسطينيين، والتنصل من أي حالة توافق فلسطيني داخلي، والتفرد بالسلطة والنظام، وعدم السماح لفصائل المقاومة من اختراق جدران منظمة التحرير لإصلاح ما أفسدته أوسلو، وما أفسدته المفاوضات، وما أفسده التعاون الأمني مع العدو الصهيوني، ينبغي أن يشكّل ذلك التفكير في استثمار تداعيات معركة سيف القدس لإعادة إعمار النظام السياسي الفلسطيني، وهو ما يتطلب من كافة الفلسطينيين ترسيخ كافة الجهود الوطنية لتبني استراتيجية وطنية تؤسس لوقف النزيف الحاد والجرح الغائر الذي ألم بالنظام والسلطة الفلسطينية.
إن من أوجه توظيف الانتصار في معركة سيف القدس هو تشكيل إطار وطني بين كافة الفصائل الفلسطينية، ودعوة الرئيس محمود عباس لأن يكون جزءًا من هذا الإطار، في ظل الانتقال الرسمي لتمثيل القضية الفلسطينية والتي أصبحت في متناول فصائل المقاومة في قطاع غزة، وهو ما قد يفقده المكانة التي يتجذر بها منذ عقود، وهي أول مراحل عزله عن السلطة، ومن المؤكد أن وجهة عباس الحقيقية سترفض أي استراتيجية وطنية تدعو إلى تشكيل جبهة عمل وطني للدفاع عن القدس وعن حقوق الفلسطينيين وتؤسس لإصلاح النظام السياسي ومنظمة التحرير والمجلس الوطني، وبالتالي هناك فرصة من المفترض التقاطها وبشكل عاجل للعمل وفق أي مقترح يعيد إعمار النظام السياسي ويحقق الوحدة والمشاركة السياسية بين كافة الفلسطينيين.
*✒️ الكاتب: خالد النجار*
*📑 الرسالة للإعلام*
https://alresalah.ws/post/240357/