عشر سنوات من ملحمة الصمود السوري .. تستلهمها الأجيال والشعوب الحرة في مجابهة الغطرسة الاستعمارية الصهيونية.
عشر سنوات من ملحمة الصمود السوري .. تستلهمها الأجيال والشعوب الحرة في مجابهة الغطرسة الاستعمارية الصهيونية.
غالب قنديل
لعلّ السنوات العشر، التي تنقضي اليوم، هي الفصول الأصعب والأشد حرجا والأكثر دموية في تاريخ المنطقة وفصول الغزوة الاستعمارية الصهيونية الهادفة لإخضاعها أمام النهب اللصوصي والغزوة الاستعمارية الاستيطانية.
أولا: إن حجم ما ألقت به قوى العدوان من قدرات وإمكانات لتدمير سورية واستنزافها بصورة مباشرة أو من خلال عصابات التكفير، التي كانت شكلا جديدا من الحروب بالواسطة، التي توصّل الغرب الاستعماري الى تصميمها واعتمادها لتوفير أكلاف الحروب الكبرى على الجيوش، عبر تسخير الوكلاء والعملاء والحكومات الإقليمية التابعة في عملية تدمير منهجية للقلعة السورية “المزعجة” خلال العقود الماضية. فما مثّلته سورية العربية وما تجسّده في واقع المنطقة والعالم، يجعل منها الخصم العنيد والشرس لخطط الهيمنة الغربية الصهيونية. وتتنوّع عناصر القوة السورية ومظاهرها، التي يسعى الغرب الاستعماري والكيان الصهيوني للتخلّص منها، ويلتفّ من العجز الى الاستنزاف وترك الجروح والخسائر المكلفة خلف غبار المعارك.
دوائر التخطيط الغربية الصهيونية تجد اليوم في كلفة النهوض السوري، الذي تحفّزه إرادة صلبة شعبية وقيادية في ملحمة تاريخية غير مسبوقة، وبعد فشل الغزوة الخطيرة والشرسة في إسقاط القلعة السورية، هو رفع كلفة النهوض بعد الغزوة، لأن سورية رسمت ملامح انتصارها ونهوضها، والسجال بات اليوم في فصله النهائي. حيث يرتسم ختام الغزوة وانكسارها بانتصار سوري، وحيث يعمل العدو الاستعماري الصهيوني بقيادة الولايات المتحدة في ربع الساعة الأخير لرفع الكلفة على الشعب العربي السوري ودولته الوطنية الحرة، لأن انتصار سورية ونهوضها من جديد بات أمرا محسوما، يدركه المخطّطون والمتورّطون من العملاء والأدوات الإقليميين في مسار هذه الحرب غير المسبوقة.
ثانيا: تمثّل ملحمة الصمود السوري بالتكامل بين الدولة الوطنية بقيادة الرئيس بشار الأسد، والجيش العربي السوري، والشعب المتمسّك باستقلاله وخياره التحرري ووحدته الوطنية، مثالا للقدرة القيادية الفذّة، التي امتلكها الرئيس بشار الأسد بوعيه التاريخي وبُعد نظره، وبصلابة الإرادة والقدرة العالية على التخطيط وحشد القوى والتحالفات في ملحمة صمود تاريخية، سوف تشهد الأعوام القادمة لما مثّلته من قوة إشعاع وتأثير في المحيط العربي والعالم من خلال التحالفات المتينة داخل محور المقاومة، حيث وجدت سورية حضنا داعما وشركاء مستعدين للتضحية وحلفاء يمكن الاعتماد عليهم ضد الحصار الشرس والحرب الضارية. وسيكون تأهّب سورية لانتصارها في الفترة القريبة القادمة، علامة فارقة في تاريخ المنطقة والعالم، وإيذانا بانبثاق قوة فاعلة وحاسمة، تمتلك مقوّمات التأثير وحيوية الفعل والتقدّم في البناء الاقتصادي والإشعاع السياسي لرسالتها التحرّرية في المنطقة والعالم. وبالتأكيد فإن استناد سورية الى الشركاء والحلفاء الموثوقين، هو أحد أسرار الانتصار الآتي. لكن الأصل هو صلابة الإرادة الوطنية السورية، ومنظومة الشعب والجيش، والقيادة المتماسكة، والبراعة في إدارة الصراع وتفكيك منصات العدوان والتضليل. فاليوم تتلاشى وجوه عديدة للغزوة وأدواتها، ويبقى مدوّيا نداء الصمود والمقاومة بصوت الرئيس بشار الأسد، هذا القائد العربي، الذي سيكتب التاريخ انتصاره على غزوة أشرس من كل ما سبق من فصول خطط الهيمنة والتدمير، التي استهدفت الموقع الاستراتيجي والتاريخي الفاعل في الشرق لبلد عظيم وعريق، قلب المعادلات، وحطّم أوهام الغرب الاستعماري المتغطرس وعملائه.
ثالثا: صحيح أن كلفة الحرب على الأشقاء السوريين دولة وشعبا كانت باهظة، والخسائر التراكمية بشريا واقتصاديا، وفي رصيد تأخير معدلات النمو السورية، التي كانت صاعة بصورة صاروخية وواعدة قبل فصول الغزو، تفسّر لنا تلك العناصر أحد أخطر الدوافع وراء استهداف سورية، التي كان بعض الكتّاب الأميركيين والأوروبيين يشبّهون صعود قوتها الاقتصادية النامية بـ “نمور آسيا”. وهذا يقع في صلب الخلفيات وراء التخطيط لحرب تدميرية غير مسبوقة، إضافة الى مكانة سورية الاستراتيجية ودورها التحرّري والقومي، الذي يقضّ مضاجعه المراكز والمواقع الاستعمارية الصهيونية الرجعية في المنطقة.
سورية الشعب والجيش والقيادة تحفر مسارا تاريخيا جديدا، سيغيّر كثيرا في بيئتها الاستراتيجية، وسيكون إيذانا بتحوّل نوعي حاسم في المنطقة العربية وفي الشرق والعالم. فهذه القوة المحاربة والصاعدة، تجمع بين إرادة الاستقلال والإمكانات الوطنية الغنية وبين التحالفات والشراكات، التي تحيطها بشبكة من الحماية والقوة والتأثير في مسار التوازنات المتحوّله على صعيد المنطقة والعالم. ولهذا يمكن لنا أن نفهم حجم الشراسة والفتك الدموي الذي أظهره الاستعمار الغربي في الحرب على سورية خلال السنوات الماضية. فهذه القلعة العاصية، التي ترفع راية التحرّر والاستقلال والمقاومة، هي قوة استنزاف لآلة الهيمنة والنهب الاستعماري، ومصدر مخاوف لا تنتهي عند مراكز التخطيط الأميركية والغربية والصهيونية. وبقدر ما يدرك مخططو حرب التدمير والغزو ضد سورية معاني نهوضها وأثرها القادم في قلب المعادلات والتوازنات على صعيد المنطقة والعالم، فقد أرادوا بعمليات التدمير والتخريب الشاملة، أن يعرقلوا النهوض المحتوم، بعدما شهدوا ملامح انكسار الغزوة أمام صلابة الإرادة التحرّرية والتلاحم المتين بين الشعب والدولة الوطنية والقائد التحرّري الفذ، الذي يقود هذا الفصل من تاريخ المنطقة والعالم. فالرئيس بشار الأسد سيكون بانتصاره علامة فارقة للأجيال القادمة، وراية للتحرّر وللتغيير، تستلهمها الأجيال والشعوب الحرة في مجابهة الغطرسة الاستعمارية الصهيونية.