متخصص بالشأن الفلسطيني

المطلوبُ دولياً بصراحةٍ ووضوحٍ من الانتخابات الفلسطينية.. لا يكذب علينا أحدٌ ولا يخدعنا بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

المطلوبُ دولياً بصراحةٍ ووضوحٍ من الانتخابات الفلسطينية.. لا يكذب علينا أحدٌ ولا يخدعنا
بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
لا يكذب علينا أحدٌ ولا يخدعنا، ولا يحاول أن يبيعنا الوهم ويسوق بيننا السراب، ويعدنا بالتغيير ويمنينا بالإصلاح، ويزين لنا الأهداف ويجمل لنا النوايا، فلسنا بالخبء ولا الخبء يخدعنا، ولسنا سذجاً ولا سفهاء، ولسنا بسطاء ولا بلهاء، فالشعب الفلسطيني فطنٌ ذكيٌ، واعٍ مدرك، ويقرأ ويفهم، ويعرف ما الذي يدور في خلف الكواليس ويدبر في الخفاء، وماذا يخطط له في الليل والنهار وفي السر والعلن، ولهذا فقد يصعب خداعه ولا يسهل قياده، وإن أبدى حيناً ليناً فهذا لا يعني أنه صَدَّقَ الوعود وسَلَّمَ بالأماني، ولكنه شعبٌ يتوق إلى التغيير ويتطلع إلى المستقبل، ويأمل في الإصلاح ويتمنى المحاسبة ومحاربة الفساد، ويريد تقديم الأكفأ وإقصاء الأسوأ، في إطار خدمته وتسهيل سبل معيشته، تمهيداً لاستعادة حقوقه وتحرير أرضه وبناء وطنه.

الانتخابات الفلسطينية المزمع إجراؤها في الأشهر القليلة القادمة ليست استحقاقاً وطنياً، ولا هي استجابة للرغبة الشعبية، ولا التزاماً بالديمقراطية وإيماناً بها، ولا هي حرصاً على التجديد والتبادل السلمي للسلطة، والمشاركة والواسعة وضخ المزيد من الدماء الشابة والمتفتحة في هياكل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، فهذه المطالب الشعبية المحقة والمشروعة مطالبٌ قديمةٌ، وحاجاتٌ أصيلة ومشروعة، وقد نادى بها الشعب، وناضلت من أجلها قواه وفصائله، ولكن أحداً لم يستجب لها أو يصغي إليها.

لا شيء من هذا أبداً في ذهن القائمين على الانتخابات الفلسطينية والساعين لها، الذين طاب لهم المقام في السلطة أكثر من خمسة عشر سنةً، فلا يدور في خلدهم أبداً أن يتخلوا عنها أو يتنازلوا لغيرهم، لولا أنه أُحيطَ بهم وضُغطَ عليهم، وطُلِبَ منهم أو أُمروا به، فهم مجبرين على الانتخابات ومساقين إليها سوقاً، ومكرهين عليها وغير راغبين فيها، ولولا الضغوط الدولية والأهداف المطلوبة منها، ما استجابوا لها ولا قبلوا بها، فهي تضر بهم وتهدد مستقبلهم جميعاً، إذ سيغيب بعضهم وسيحاسب آخرون، وسيخسر الكثير منهم صلاحياتهم وامتيازاتهم، وسيفقدون حصاناتهم ومراكز قوتهم، فلماذا يغامرون بمستقبلهم ويقامرون بمكتسباتهم، لولا أن السيد الذي يحركهم أمرهم، والدول التي تمولهم أجبرتهم، والنظام الذي يقبل بهم هددهم.

لم يعد خافياً أن السلطة الفلسطينية قد تعرضت لضغوطٍ دوليةٍ وتهديداتٍ أوروبيةٍ لإجبارها على إجراء انتخاباتٍ تشريعيةٍ ورئاسيةٍ فلسطينية، وثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني، لتجديد الشرعية الفلسطينية على قاعدة أوسلو، التي تقوم على الاعتراف بالكيان الصهيوني، وتشكيل حكومةٍ فلسطينيةٍ تعترف بمبادئ السلام، وتلتزم بشروط التسوية، وتقبل بشروط الرباعية الدولية، وتقوم بتمثيل الشعب الفلسطيني في مفاوضات الحل النهائي للقضية الفلسطينية، على قاعدة حل الدولتين مع إمكانية إجراء تعديلات طفيفة وتغييرات شكلية ضمن ما يعرف بتبادل الأراضي وإزاحة الحدود، وفقاً للكثافة السكانية والاحتياجات الأمنية، مع مراعاة الشرط الفلسطينية بأن يكون التبادل بالقيمة والمثل والقدر.

تلك هي الغاية الحقيقية من الانتخابات الفلسطينية، وهي غاية سياسية محضة، وتتعلق باستمرار المفاوضات وإتمامها، وعلى أساس هذه الغاية والأهداف المرجوة منها، سيتواصل الدعم المادي الدولي والأوروبي للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها، وإلا فإنها ستحرم وستعاقب، وبموجبها ستلتزم الحكومة الإسرائيلية بالحد الأدنى من ضمان إجراء الانتخابات، على ألا يكون تدخلها بالاعتقالات المستمرة مخلاً بإجرائها أو معطلاً لها، علماً أنها تتفهم الدوافع وتؤمن بها وتسعى إليها، ولهذا فإنه من غير المتوقع أن تعرقلها أو تعطلها.

ووفقاً لهذا الفهم الصريح والواضح فقد قامت السلطة الفلسطينية ممثلةً بحسين الشيخ برفع رسالةٍ تفصيليةٍ إلى هادي عمرو المكلف بملف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وقد كان معه واضحاً وصريحاً، وأكد له في المكالمة الهاتفية والرسالة الرسمية، أن الانتخابات الفلسطينية ستجري وفق التزامات منظمة التحرير الفلسطينية واتفاقياتها الدولية مع إسرائيل، التي تعني الاعتراف بها والتفاوض معها، وأشار إلى أن الكل الفلسطيني ملتزمٌ بالمحددات السياسية الدولية التي أقرت بها منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى أساسها ستشارك القوى والفصائل الفلسطينية المختلفة في الانتخابات القادمة.

الإدارة الأمريكية الجديدة غير بعيدةٍ أبداً عن المواقف الأوروبية، فهي تتابع وتراقب وترسم سياستها المستقبلية، وتعد بألا تسمح بفرض أي حلولٍ أحادية الجانب، ودول الاتحاد الأوروبي التي تمول السلطة وتدعمها، لا تقوى على القيام بأي خطوةٍ تتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية بدون التنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي أعلنت رفضها لسياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي، وأبدت استعدادها تقديم حزمة مساعدات سياسية ومالية في حال أفضت الانتخابات الفلسطينية إلى تشكيل حكومة فلسطينية، تأخذ على عاتقها استكمال اتفاقية أوسلو، تمهيداً للوصول إلى حلٍ نهائي للقضية الفلسطينية، بما لا يتعارض مع الشروط الإسرائيلية، ولا يتصادم مع المعطيات والوقائع الجديدة سواء تلك التي خلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أو تلك التي تتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية الكبرى.

ينبغي على القوى الفلسطينية كلها ألا تدفن رأسها كالنعامة في الرمال، وأن تدرك حقيقة الغايات المرجوة من الانتخابات، وأن تحدد موقفها الوطني منها بناءً على ذلك، ولا يجوز لها أن تدعي عدم فهمها أو إدراكها لما يخطط للقضية الفلسطينية، فالشروط واضحة جداً، والمطلوب منهم صريحٌ ووقحٌ للغاية، بل صفيقٌ وقليلُ أدبٍ، ولعلهم اليوم في موقفٍ لا يحسدون عليه أبداً، فإما أن يكونوا مع أمناء مع شعبهم ومخلصين في خدمة قضيتهم، ويعلموا أن الحياة وقفة عز وساعة كرامة، وإما أن يكونوا أدواتٍ رخيصةٍ في خدمة مخططاتٍ تضر بهم ولا تخدم قضيتهم، ويقبلوا العيش بذلةٍ والحياةَ بمهانةٍ، مقابل سلطةٍ واهيةٍ ورغيف خبزٍ مشروطٍ، يذل ويهين، ولا يسمن من جوعٍ ولا يغني عن كرامةٍ.

بيروت في 22/2/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

آخر الأخبار
أبعاد تصريحات نتنياهو والعدوان الأخير على سوريا..ما المطلوب من القمة العربية قبل فوات الأوان لإحباط ... حركة حماس وجبهة النضال الشعبي تبحثان مستجدات القضية الفلسطينية يوم استثنائي وتاريخي للبنان والأمة والعالم في التشييع المهيب والمليوني للشهيدين السيدين نصرالله وصفي... جدل واسع بعد ظهور الصحفي الإسرائيلي إيتاي أنغيل، مراسل القناة 12 في قلب دمشق ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة.. وقفة احتجاجية ضد وجود الصحفي الصهيوني ايتاي انيغل، وضد تصريحات نتنياهو الاخيرة استحقاق المرحلة الجديدة .. ذوبان الفصائل في مربعات اليمين واليسار والاسلام إعلام إسرائيلي: هجوم خطير.. انفجار 3 حافلات في "بات يام" جنوبي "تل أبيب" وكان من المفترض أن تنفجر 15... قمة عربية مصغّرة في السعودية حول الترتيبات في قطاع غزة والخطة المصرية البديلة عن خطة ترامب ..خلافات ... مظاهرات بمئات الآلاف حول العالم رفضا لاقتراحات ترامب بشأن غزة ودعماً لحقوق الشعب الفلسطيني..مائتا أل... القيادي الفلسطيني”خالد عبد المجيد”يدين تصريحات ترامب العدوانية والاستفزازية للشعب الفلسطيني والأمة ا... *سيناريو الخطة المصرية البديلة التي ستقرها القمة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لخطة ترامب بتهجير و... الكشف عن تفاصيل جديدة حول الخطة المصرية لقطاع غزة: لجنة لإدارة القطاع بدون مشاركة حماس..وإنشاء 20 من... رفض وغضب يعم الأوساط الفلسطينية لقرار وقف مخصصات الأسرى والشهداء والجرحى..خضوع للمعايير الإسرائيلية ... *المقاومة تتصدى للتصعيد والعدوان الصهيوني المستمر في الضفة الغربية..جيش الاحتلال يواصل اقتحامه لعدد ... مسيرات مليونية في 600 ساحة مركزية وفرعية في اليمن: ثابتون مع غزّة العزة..بلا سقف ولا خطوط حمراء مقتل أسرائيلية في عملية طعن في "هرتسيليا" قرب تل أبيب قان بها شاب من سكان طولكرم.. الاحتلال يحرق مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة ويختطف اأطباء ومرضى،ويرتكب مجزرة مروعة خلفت 50 شهيدا ب... صاروخ يمني باليستي فلسطين 2 يثير الذعر في “إسرائيل” واليمنيون يتوعدون بالتصعيد و18إصابة بعد إطلاق صف... أكثر 40 ألف مصلّ أدوا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، بالرغم من عراقيل وإجراءات الإحتلال  سورية اليوم تواجه خطران، الخطر الصهيوني، وخطر التقسيم، وحدة سورية هي ضمانتها بوجه مخطط تقسيمها *المقاومة في جباليا..بسالة وصمود أرعب العدوّ..وتصاعد عمليات المقاومة في الضفة.. وتنديد بما تقوم به أ... فصائل وعدد من الشخصيات الوطنية تسلم مصر قائمة المرشحين لإدارة لجنة الإسناد المجتمعية بغزة تجمع الشخصيات المُستقلة يدعو الرئيس محمود عباس عبر "وطن" لإنهاء الحملة الأمنية في جنين، مايجري يصبُ ... بيان صحفي ثلاثي مشترك صادر عن (حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية )