متخصص بالشأن الفلسطيني

55 عاماً على الانطلاقة العسكرية: ما الذي بقي من تراث «فتح»؟


رأي: محمد دلبح -الثلاثاء 21 كانون الثاني 2020
شكّلت اتفاقيات أوسلو منعطفاً في مسار حركة «فتح»، التي قادت الحركة الوطنية الفلسطينية طوال أربعة عقود مستخدمة شعار الكفاح المسلّح، الذي ألزمت اتفاقيات أوسلو الحركة بالتخلّي عنه. إذ بدون «الكفاح المسلّح»، لم يعد لحركة «فتح» أيديولوجيا واضحة، ولا خطاب محدد، ولا خبرة أو شخصية مميزة. وفي غياب دولة حقيقية ومستقلّة، لم تتمكن «فتح» من تحويل نفسها إلى حزب حاكم حقيقي، كما فعل على سبيل المثال، المؤتمر الوطني الأفريقي، في جنوب أفريقيا. فقد بقيت الحركة غير كاملة ومعلّقة: حركة تحرّر لا تفعل الكثير من التحرّر، حبيسة عملية تفاوض عقيمة، تفتقد وسائل الحكم بمزيج من التعنّت الإسرائيلي والقصور الذاتي.

يرى الثنائي، أحمد سامح الخالدي وحسين آغا، أنه مع وفاة ياسر عرفات ومعظم زملائه، تضاءلت قدرة «فتح» على الاحتفاظ بشظايا جسمها. وقد أبرز الوسط الاجتماعي والسياسي للضفة الغربية وغزة، الذي يخضع للتأثيرات العشائرية والقبلية والشخصية، أبرز الإقطاعيات المحلية والتوترات عميقة الجذور. لقد انحرفت «فتح» عن التاريخ الذي صنعته لنفسها في ساحات العمل خارج فلسطين، في الشتات. لقد تخلّت من دون مبرر عن الدافع التحرّري الأصلي، لتغرق في حروب ضيقة. وقد تفاقم هذا بدوره، بسبب فشل قادتها في اجتذاب دماء جديدة، على عكس تجربة الخارج التي شكلت سنداً فلسطينياً موحّداً. كذلك، ساهمت سياسة ونهج قيادة حركة «فتح» في ضرب أي شكل قياديّ قد يبرز في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل أوسلو، في فشل فلسطينيي الأراضي المحتلة، التي أقيمت عليها سلطة الحكم الذاتي، في إنتاج قادة قادرين على البقاء وعلى إقامة مشروع وطني حقيقي من مكوّنات محلية. إن الانسحاب القوي للعلاقات المحلية، جعل من المستحيل تقريباً على سكان الخليل أن تكون لديهم قاعدة شعبية حقيقية في رام الله، أو أن يكون لغزة رأي ذو صدقية في الضفة الغربية.
افتقاد الضفة الغربية وقطاع غزة ــ مع وصول ما سُمي بـ«جماعة تونس» لتسلّم موقع القيادة والسلطة المباشرة في الضفة الغربية وغزة ــ لأي قيادة محلية حقيقية، انعكس فقداناً للصدقية وفشلاً لنموذج الحكم الذي أرساه عرفات. يضاف إليه جمود عملية التسوية وتخلخل العلاقة بين «فتح» الداخل وبقاياها في الخارج، وبيئة محلية أوجدت حالة من الخلافات والاختلافات والصدامات… كلّ ذلك أفقد «فتح» قدرتها على أن تشكّل وكيلاً سياسياً حقيقياً في الضفة الغربية وغزة، ناهيك عن ادعاء تمثيلها من خلال «منظمة التحرير الفلسطينية» لفلسطينيي الخارج.
إذا كان المال والدعم السياسي، الذي حظيت بهما حركة «فتح» من اليمين العربي الرسمي، وأيضاً الشعبي، ساهما في حصولها على موقع الريادة في قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، إلا أن ذلك بُني على سنوات من النشاط والعمل العسكري والسياسي، بما فيه من إنجازات وإخفاقات، ووجد آلة إعلامية تنفخ فيه وتقدمه للجمهور، فاستحقت التمثيل لطيف وطني فلسطيني واسع… من الأكثر حماسة إلى الأكثر عقلانية. ورغم الاختلاف مع نهج قيادتها اليمينية، وميلها نحو المساومة ومشاريع التسوية، إلا أنها ساهمت في جعل القضية الفلسطينية وشعبها الذي كان منسياً في فترة زمنية، بأن يحظى بوضع مركزي على الساحة السياسية العربية والدولية، وأصبحت القضية الفلسطينية تستحق التقدير في جميع أنحاء العالم.
لقد حوّلت قيادة «فتح» ــ طواعية ــ «منظمة التحرير الفلسطينية»، بوصفها وعاء المشروع الوطني ــ كما ذكر أحد كوادر «فتح» الأوائل ــ إلى شقة فارغة يجري تأثيثها بناء على هوى ورغبة المستأجر، فلم يعد الكفاح المسلّح مطروحاً على أجندتها فكراً وممارسة، واحترقت آمال الشعب الفلسطيني بنيران الاستيطان اليهودي والتهويد، كما تحققت نبوءة محمود عباس وأحمد قريع الحقيقية، وهي أن أوسلو لا تفضي إلى دولة مهما كانت مواصفاتها، إذ حوّلت أوسلو فلسطين إلى ملفات متباعدة: القدس، اللاجئين، المياه، الحدود. والبحث فيها مرتبط بقرار الاحتلال.
والآن، لم يعد واضحاً أي من عناصر النجاح التي كانت قيادة «فتح» تتوهمه، فـ«منظمة التحرير الفلسطينية» التي تسيطر على قيادتها حركة «فتح»، فقدت صفة التمثيل الشامل. والفصائل التي شاخت ولا تزال تحتل مقاعد المجلسين الوطني والمركزي الفلسطيني، لديها القليل من الامتدادات داخل وخارج فلسطين. لقد انتقلت روح النشاط والديناميكية إلى خارج المنظمة، لصالح حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» والمجموعات التي لا تزال تتبنّى نهج الكفاح المسلّح وتحظى بتأييد شعبي. كذلك، فإن إنجازات «منظمة التحرير» والسلطة الفلسطينية، باتت شكلية إن لم تكن زائفة، فالتقدم الذي حققته في الحصول على مكانة دولة مراقبة في الأمم المتحدة لم يقترن بتحسّن ملموس في الوضع على الأرض. بل ازداد الأمر سوءاً، إذ أن السلطة الفلسطينية بقيادة «فتح» تحوّلت، مع تصاعد نشاط التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الصهيوني ــ الذي دأب أبو مازن على وصفه بالمقدس ــ إلى أن تصبح في موقع الوكيل الأمني للاحتلال.
لذلك، ستظل السلطة التي جاءت بها اتفاقيات أوسلو، وتقودها «فتح» وفق معايير مصلحة الكيان الصهيوني، عقبة في طريق أي برنامج وطني فلسطيني جادّ. ومن غير الممكن أن تتعافى الحالة الفلسطينية، بوجود هذه السلطة، رغم كل مظاهر التجميل التي تحاول أن تظهر بها. وعليه، فإن الخطوة الأولى على طريق إنهاء الانقسام الفلسطيني ما بين مشروعَي المقاومة والتسوية العدمية، هو الخروج من مشاريع تسوية ــ تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يوجب البدء بحلّ السلطة الفلسطينية أو تغيير وظيفتها، بحيث تصبح أداة لرعاية المشروع الوطني التحرّري ( وهو أمر مستبعد، إن لم يكن مستحيلاً)، وليس أداة أمنية لحماية المشروع الاستعماري الصهيوني. وإلى جانب ذلك، يجب استعادة ونشر ثقافة الحفاظ وصيانة ثوابت النضال الوطني الفلسطيني التحرّري، الذي امتد لأكثر من قرن بما يضمن سلامة العلاقات الوطنية بين القوى والفصائل الوطنية التي تعبر وتمثل في سلوكها مصالح الشعب الفلسطيني.

آخر الأخبار
جبهة النضال تلتقي سفير جنوب افريقيا في دمشق لقوات المسلحة اليمنية تعلن استهداف مدمّرة أميركية و3 سفن إمداد تابعة للقوات البحرية الامريكية بـ 16 ... *القوات المسلحة اليمنية تستهدف هدف عسكري حيوي في يافا "تل أبيب"بصاروخٍ باليستي فرط صوتي "فلسطين2"* المفاوضات بين مصر"واسرائيل"واللقاءات بين حركتي فتح وحماس والجهاد بالقاهرة قد تعيد فتح معبر رفح وتشكي... *عبد المجيد: في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، المقاومة في فلسطين ولبنان والمنطقة وصمود ش... *غرفة عمليّات المُقاومة الإسلامية في لبنان: مجاهدونا على أتم الجهوزيّة للتعامل مع أطماع العدو واعتدا... جبهة النضال تلتقي سفير جمهورية بيلاروس في دمشق *توصيات لمعهد السياسة والاستراتيجية/ جامعة رايخمان اللواء عاموس جلعاد: حقبة جديدة في الشرق الأوسط*..... الخامنئي: ينبغي إصدار أحكام إعدام على قادة إسرائيل وليس أوامر اعتقال، ومذكرة اعتقال نتنياهو ليست كاف... عبد المجيد لـ"سبوتنيك": معركة روسيا ضد النازيين في أوكرانيا ستضع حدا للهيمنة الأمريكية على العالم يوم حافل بعمليات حزب الله النوعية ضد تل أبيب وحيفا وعكا وصفد قواعد وتجمعات ومستوطنات.. 51 بياناً و"ت... تظاهرات حاشدة في مدن وعواصم عالمية تنديدا بالعدوان والجرائم الإسرائيلية، وتأييدا لقرار الجنائية الدو... يحيى سريع من المسيرات المليونية اليمنية: استهدفنا قاعدة "نيفاتيم" الإسرائيلية بصاروخ "فلسطين 2 المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.... 86 شهيداً وجريحاً جراء عدوان إسرائيلي استهدف مدينة تدمر وسط سوريا..الاعتداء الوحشي يعكس الإجرام الصه... طريق-القدس: ذكرى ليلة الطائرات الشراعية..والملحمة البطولية اليوم في فلسطين ولبنان، بمشاركة جبهات الإ... خطاب خليل الحية خريطة طريق لصمود المقاومة والشعب الفلسطيني بمواجهة تآمرٍ عالميٍ وخذلانٍ عربيٍ وإسلام... الشيخ نعيم قاسم: تفاوضنا تحت سقف حفظ سيادة لبنان ووقف العدوان..والأمر مرتبط برد "إسرائيل" وجدية نتني... *من صنعاء إلى أم الرشراش “إيلات”: اليمن يشعل معادلة النار والردع في وجه الاحتلال الصهيوني والمعتدي ا... خالد عبد المجيد في الذكرى التسعين لتأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي. *صواريخ المقاومة تضرب قلب تل أبيب وتسفر عن إصابات وحرائق ودمار كبير وحزب الله يعلن استهداف "نقاط عسك... *القوات المسلحة اليمنية تنفذ عملية ضد أهداف عسكرية وحيوية للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا ومنطقة عسقل... أهداف الزيارات لعلي لاريجاني ونصير زاده إلى دمشق..في ظل زيادة التصعيد والتهديد الصهيوني والمفاوضات "... *جبهة النضال تعزي حركة"الجهاد الإسلامي"بشهدائها وتعزي الجبهة "الشعبية -القيادة العامة" بالشهيد رافع ... الضفة الغربية: اشتباكات ضارية في طوباس باضفة الغربية .. وتفجير عبوات في آليات الاحتلال