اقتراحٌ لإدارة “مخيّمات لبنان”..و”شبح التّوطين” يطلُّ من جديد؟!الإقترح يهدف تنظيم إدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مع الحفاظ على هويتهم الفلسطينية
حسن هاشم
لم تتكشّف حتّى الساعة المعالم السياسية الكاملة لخطّة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في الشّرق الأوسط والمعروفة إعلامياً بـ”صفقة القرن”، وما يرشَحُ عن تفاصيل سياسية بشأن الخطّة التي هندسها كبير مستشاري ترامب وصهره، جاريد كوشنر، يبقى في إطار التسريبات الإعلامية غير الرّسمية، فيما المؤكّد أنّ قطار “صفقة القرن” سينطلق من المحطّة الإقتصادية، من خلال ورشة العمل التي تستضيفها العاصمة البحرينية المنامة تحت عنوان: “التشجيع على الإستثمار في الأراضي الفلسطينية”، أواخر شهر حزيران المقبل، والتي أعلنت السّلطة الفلسطينية أنّه لم يتمّ إستشارتها بها.
وفي وقتٍ تتداول فيه الأوساط الإعلامية والتسريبات عن “الصّفقة” مسألة توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول الشّتات كجزء من الخطّة، تُطرح العديد من علامات الإستفهام حول وضع اللاجئين في لبنان، حيث يُطلّ “شبح التوطين” من الباب العريض بالتّزامن مع هذه التّسريبات.
إلا أنّ علامات الإستفهام ازدادت مع الكشف عن اقتراح مشروع قانون أعدّته “لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني” يهدف إلى “إدارة مخيّم نهر البارد وسائر مخيّمات اللاجئين في لبنان” لعرضه على مجلس النوّاب قريباً، وهو يُعنى “بتنظيم إدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مع الحفاظ على هويتهم الوطنية الفلسطينية، ومع تأكيد سيادة الدولة اللبنانية كدولة مضيفة على مخيم نهر البارد وسائر المخيمات التي يقيمون فيها، كما على دور “الأونروا” الأساسي بإغاثة اللاجئين وتشغيلهم حسب القرارات الدولية”، بحسب ما ورد في مادّته الأولى.
المشروع الذي كشفت عن تفاصيله صحيفة “النّهار”، أثار ارتياباً لدى بعض القوى ومنها “الرّابطة المارونية” التي وصفته بأنّه “حلقة نحو التّطوين المقنّع”، قائلة إنّه “حلقة من السياسة التي اعتمدتها بعض حكومات ما بعد الطائف الهادفة إلى التّلاعب بديمغرافية لبنان عن طريق التّوطين المقنّع، والتجنيس الإعتباطي المخالف للقانون، والتّهجير، والهجرة وعدم معالجة أسبابها”.
وأشارت الرابطة في بيان إلى أنّ “الإقتراح يأتي بالتزامن مع الحديث عن “صفقة القرن” التي يسعى إلى فرضها ترامب ومن بنودها الرئيسية إسقاط حقّ العودة للفلسطينيين وتراجع الحديث في الأوساط العربية عن هذا الحقّ”، لافتة إلى أنّ “علامات الإستفهام التي تحوط طرح إقتراح قانون في هذا التوقيت هي مشروعة بصرف النظر عن النتيجة المتوقّعة”.
وشدّدت على أنّ “إعادة إعمار مخيّم نهر البارد بعد الدمار الذي أصابه على أثر الأحداث التي شهدها لا تبرّر إنشاء هيئة لإدارة المخيّمات”، مشيرة إلى أنّه “في وزارة الداخلية “هيئة مصلحة شؤون الفلسطينيين” التي يجب أن يفعّل عملها، وأن تتحمّل مسؤولياتها وأن يعزّز ملاكها على أن تكون السيادة الأمنية في هذه المخيمات للجيش اللبناني وللأجهزة اللبنانية الأمنية ولا يمكن الربط بين موجبات السلطة اللبنانية على المخيّمات الفلسطينية وبين سائر الإهتمامات التي يمكن أن تصبّ في نهاية المطاف في خانة التوطين”.
في المقلب الآخر، يؤكّد رئيس “لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني” الوزير السابق حسن منيمنة في حديثٍ لـ”لبنان 24″ أنّ هذا الإقتراح يهدف إلى “التنظيم المدني داخل مخيّم نهر البارد أولاً لا سيما أنّه تحت سلطة الدّولة اللبنانية بعد إعادة إعماره، وهو ما ورد في إحدى توصيات مؤتمر فيينا بشأن إعادة إعمار المخيّم”، موضحاً أنّ “هذه الخطوة التي تُشبه إلى حدٍّ ما العمل البلدي، ستبدأ في “البارد” وفي حال أتت بالنتائج المرجوّة فيُمكن تعميمها على سائر المخيّمات، وهي تُعنى فقط بتحسين حال الأوضاع داخل المخيّمات والإهتمام بنظافتها وتحسين بنيتها التحتية وإنهاء حالات الفوضى فيها كي لا تتحوّل إلى بؤرٍ للفقر أو التطرّف، على اعتبار أنّ وكالة “الأونروا” غير مسؤولة عن إدارة المخيّمات كما لا إمكانيات للجان الشعبية المحلّية لإدارتها”.
وحول تزامن تقديم هذا الإقتراح مع ما يُحكى عن “صفقة القرن” وما يتسرّب حول مسألة توطين اللاجئين، أكّد منيمنة أنّ هذا الأمر لا يمكن أن يحدث، “فلا اللبنانيون بمختلف انتماءاتهم وتياراتهم وأحزابهم وطوائفهم سيقبلون بالتّوطين وهو مخالفٌ للدستور في الأصل، كما أنّ الفلسطينيين متمسّكون بحقّ العودة حتّى الرّمق الأخير وهو ما اتّضح طيلة سنوات وجودهم الـ 70 في لبنان”.
وشدّد على أنّ “مسألة التّوطين ليست بهذه البساطة، بل هي وفي حال بتّها جدياً ستكون على المستوى الدّولي، كما أنّه من حق لبنان أن يعترض عليها من خلال الموقف الموحّد الرّافض للتّوطين احتراماً لدستور البلاد الواضح في هذا الشّأن”.
ورأى منيمنة أنّ “شبح التوطين هو مجرّد “فقاعة” أو “بعبع” يتمّ إخراجه في توقيتٍ سياسي ما لتسجيل مواقف شعبوية أو للمزايدة وإثارة الخوف في نفوس اللبنانيين”.
مقالات لبنان